لم يأل العسكري جهدا ، و لا خان هذا المنكب البرزخي يوما ، لقد قاتل مرة إكراما لخاطر البلد بأمر حكومة مدنية حلمت بزيادة رقعة البلاد و تعداد مواطنيها بأخوة دم و لسان قاتل من غير عدة و لا خبرة بالحرب مسبقة فقط لأنه آمن يوما بهرطقات (السيفيل) و أحلامهم المزعجة ...!
بعد اكتشافه الحرب على حقيقتها و بعد تفكير لم يطل قرر الانتصار على (السيفيل) و الحكم بدل القتال و استعادة البقية الباقية من كبريائه و الدولة و أحلام ا(السيفيل) فكانت خطوته الأولى نحو انقلابه الأول فجر العاشر من يوليو 1978م
اكتشف القادة مبكرين تناحر الإيديولوجيين و طموح زعماء الإثنيات فعززوا تشرذم العدو بإحياء الشرائحية أخذا بمبدأ السيد الأول ( فرق تسد) .... فتح الله على القادة في علم قتل مبادئ النخب فوظفوا (المخزن ) مطبقين شعارهم الصارم ، من والانا أعطيناه بلا حساب و من عارضنا منعناه حقه ، فيال سعادتهم و هم يكتشفون أنهم بذلك قد وقعوا على الإكسير الجاذب للغالبية العظمى من نخبة لا مناعة لها ضد دعوة ولوج الناحية الشمالية للعاصمة و يا لفرحتهم و هم يرون تزاحم الجميع بالباب ، الدكتور يطبل (و سيفة القوم ) يزمر و الإيديولوجي إما مرمز راتع أو مهادن ساكت أو في ظلمات السجن قابع ، و الدولة حزب و الحزب شخص و الشخص يوسف الصديق ما دام حاكما و فرعون حين زميله بانقلاب به يطيح ... !
عاش العسكر بعد ما منحهم الطامعون ميزات النبلاء فكان لهم أن يحكموا مطمئنين بأن الطمع قتل كل هواجسهم من النخبة و النفاق بدد كل احترامهم للشعب و الفساد طمئنهم باستحالة العودة لأحلام المدنيين المزعجة .... !
عاش العسكر قادة و حق لهم العيش كذلك فهم قادة الرأي و أساطين الحكمة و منابع العلوم و هم قبل ذلك قبلة النخبة و محراب الوجهاء و أعلام و نبلاء ، فدعك من السير الشخصية لأنها لا تعرف بالرجال ... !
عاش العسكر فماتت رسالة بديعة دبحها طالب مجتهد عن الحاكمية في الإسلام ، البقاء لله وحده لقد ماتت الرسالة و عاش المدبج ليعطي الجميع درسا عمليا و إجابة واقعية على السؤال : أين يمكن أن يحلك التطبيل و التزمير ؟!
عاش العسكر و عاشت أحلام فتى أربعيني دخل من بوابة التعليم متعاقدا و بمرور الأيام و القليل من الجهد و الكثير من التزمير و التطبيل آلت إليه خزينة الدولة و أصبح بفضل الله قرة عين الأمير و مؤدبه بالضرائب لمن عن صراط الصف مال ، مبرهنا لأهل الإدارة على أن التزمير و التطبيل أساس و الأقدمية و النبوغ شرط كمال لا يستغني عن المصارعة و المبارزة في سوق بيع الضمير و المبدأ للسيد العسكري النبيل ... !
عاش العسكر فعاش خلق كثير بضاعته التقرب و التزلف منهم من قضى نحبه و منهم المنتظر اليوم و كله شوق لمعرفة السيد المقبل إن تنحى الملهم المبدع تاركا الفرصة لغيره من القادة (بكتحليل أو غيره) إذ لا شك أنه سينصرف إذا انصرف و عينه على بقعة ألفتها منذ ما يربوا على عقد من الزمن ... !
عاش العسكر فماتت النخبة و خدرت الإيديولوجية فلم يبقى لدينا من الكادحين إلا كادح على لقمة العيش و لا من القوميين إلا متعهد نيابة عن نفسه لمنازلة الأخوة الزنوج و لا من الإسلاميين إلا متهم بالجهادية أو الأخونة ، فهو لذلك واقف مكانه لا يبرحه خشية الوقوع في الحفرة العظيمة التي حفرها على مقاسه النظام العالمي الجديد ... !
عاش العسكر فماتت النخبة و الإيديولوجية و التعليم و الصحة و مات الموطن فداء للقائد الملهم ، من قال أنه في سبيل بقاء الحاكم الملهم هناك شيء – مهما علا – يستحق أن لا يهون ... ؟!
عاش العسكر و لسان حاله اليوم يقول :
... الرخ مات
لا ترع فالشاه ما يزال .. !
و الشاه في البيادق إلتأم ...
غدا نلتقي لنكمل النزال
على رقعة السواد و البياض... !
كامل الود