لقد اعتدت – كلما تكالبت علي سهام الوثنية السياسية - مطالعة تدوينات شقيقي الأكبر الرئيس محمد فال ولد بلال الذي يعالج مواضيع الحياة بنظرة متبصرة تعكس رزانة أهلنا الذين يستخدمون لغة ثالثة تساير شرقي المنتبذ في بعض الخصوصيات كما تأخذ من أخوتنا في إكيدي نزرا من " إستخليط " ...ربما لان إكيدي يتقاطع مع كيمي .... لسانِيا على الأقل
وعلى كل حال، فان أهل المكطع يحوزون من الملَكاتِ الذهنية ما يكفي لتدَبُر صيغ الحياة: لغوية كانت أم سياسية، و يستوي الجميع في ذلك ، كما يستشف من إجابة تلميذٍ حاوره الوزير فالي بخصوص مُذكرِ المأموريات
و بغض النظر عن الأدوات الاستنباطية المعتمدة من طرف التلميذ الذي خلص إلى أن مذكر المأموريات هو مأمور، فان بيان رئاسة الجمهورية المجدد لرفض خرق الدستور والتمسك بعفة القسم خلق إشكالا جوهرا بسبب التضارب بين موقف الرئاسة وإجابة التلميذ الذي يقترض أنه حظيَ بتعليم نوعي متميز في إطار المنظومة التربوية العمومية الحالية
فاذا ما تبين ان لا علاقة بين المأموريات والمأمورين، فان ذلك يلغي بظلال من الشك على القدرات الاستنباطية لجيل " موريتانيا الجديدة "... وهذا ما لم يعد مستساغا بعد إعلان سنة 2015 سنة التعليم
أما إذا كان الأمر خلاف ذلك واتضح أن الانتقاص من تعليمنا مجرد "كلام معارضة" ، فإننا نكون أمام وضع آخر ...وضع يكون فيه الآمر عير معروف ... وتلك –والله- إحدى الثمار المرة للتِـيهِ الذي قيل ذات مرة إننا انــتُــشِــلنا منه بعد أن عشناه خمسين سنة، والتيه بالمناسبة هو صيغة ملطفة للضياع
لكن سبر كــُنهِ هذا الجدل أصبح اليوم متجاوزا بعد البيان الذي لا ينقض من قيمته ما تناولته بعض المصادر الإعلامية والحقوقية ، على الأقل بالنسبة لنا بعد البسطاء... نعم نحن عامة الناس الذين أتاح لنا آن لنا التكفير عن جريرة عبادة النخب للحكام ثم سبهم بعد أن يرحلون
نعم نحن البسطاء الذين بدأنا الانتشاء بالرونق الأخلاقي الذي ستضفيه على الحياة العامة الصور التخيلية للبدايات الأولِ لتجسيد مبدأ التناوب السلمي على السلطة بعد أشهر معدودات حتى ولو لم يكرس ذلك بانتقال الحكم من ضفة سلطتنا المبجلة إلى رصيف معارضة المكرمة، كما فهمت من تصريح أخي معالي الوزير سيد محمد ولد محم الذي جزم أن مرشح الأغلبية معروف.
وهذا ما يزيد من عامل التشويق في انتظار الكشف عن هوية أو هويات المرشحين الموالين والمعارضين ومن هم بين ذاك وذاك
غير أنه أيا كانت المآلات وبحكم الأثر الذي أحدثه ويحدثه باستمرار التأخر في إعلان مرشح الأغلبية، فان بعض مراكز القوة رسخت باحترافية عالية الحظوة المفترضة للجنرال غزواني
وهكذا يستمر الفعل المعارض والموالي - دون ان يشعرا- في رفد ابن المشيخة الغُظفية بالدعم في ظرفٍ تُحرم فيه المعارضة من " اغتراف غرفة بيدها لتشرب" من زُلالِ نهر الرمزي لنضال الزعيمين أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير.. وبهذا يستفيد غزواني من " أم أركيبَ" معنوية خلافا لكل نظرائه : محمد ولد الشيخ مع المختار، جدو مع المصطفى، جبريل مع معاوية
كل ذلك في إطار التقليد السلطوي السائد منذ سنة 1050م في الحيز الجغرافي الذي يوجد فيه انواكشوط ، وهو تقليد يُجذِر مركزية و أحادية الزعيم الذي لا ينبغي أن يكون له مثيل ولا حتى وريث يمكن أن يخلفه
إلا أن انقلاب 2005 قد خلق ثقبا في جدار هذه المعادلة، حيث ان الجنرال غزواني ظل يقدم في دوائر القرار على أنه شريك في الحكم .....ولقد تحدثت حلقات من الأغلبية ، بل من المناصرة عن ذلك إبان حادثة " اطويله " في تبلتل وجداني يشبه الحلول و تناسخ الأرواح بالمفهوم الميتافيزيقي.
غير أن ذلك لا يجد انطباقا على المعارضة التي لم تستحدث "غزوانيها" Son Ghazwani بعد فهل هذه هي الضبابية التي قصدها الوزير والقيادي القومي البارز الأستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل ؟ لست أدري