نظرا لضيق الوقت الذي أصبح يفصلنا عن موعد انتخاب رئيس جديد لموريتانيا، فإنه قد بات من الضروري أن ترسم المعارضة خطة عمل للأشهر الست القادمة، وعليها أن ترتب الأولويات عند رسم هذه الخطة. هناك مساران يجب أن تشتغل عليهما المعارضة بشكل جاد، أولهما يتعلق بملف المرشح الموحد أو الرئيسي، والثاني يتعلق بفرض الشفافية في الانتخابات القادمة.
فيما يخص المسار الثاني فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون من خلال الضغط بكل أشكاله من أجل فرض إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات، ويجب أن يبدأ ذلك الضغط اليوم ومن قبل الغد، مع تحديد سقف زمني لذلك الضغط، لأنه لا معنى ولا فائدة ترجى من إعادة تشكيل اللجنة المستقلة في اللحظات الأخيرة، وبعد أن يكون المسار الانتخابي قد اقترب من الوصول إلى آخر محطاته.
هناك سؤال أساسي علينا أن نطرحه الآن، ويقول هذا السؤال : أين المعارضة في تشكيلة حكماء لجنة الانتخابات؟
لقد كانت هناك ثلاثة أحزاب معارضة (بالمفهوم الواسع للمعارضة) ممثلة في تشكيلة هذه اللجنة، ويكفي من ظلم المعارضة أن لا تكون ممثلة في هذه اللجنة بغير تلك الأحزاب. اليوم لم تعد المعارضة ممثلة حتى بتلك الأحزاب الثلاثة، فحزب الوئام ـ والذي لم يكن معارضا في أي يوم من الأيام رغم رفعه لشعار المعارضة المسؤولة ـ لم يعد حزبا موجودا بعد أن تبخر وذاب بشكل كامل في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية. أما حزب التحالف الديمقراطي ـ والذي لم يتخذ موقفا معارضا واحدا منذ ميلاده ـ فقد تبنى رسميا الدعوة للانقلاب على الدستور، وكان هو الحزب الوحيد الذي تبنى هذه الدعوة بشكل رسمي، حتى الحزب الحاكم والذي كان عدد من نوابه يقود المحاولة الانقلابية الفاشلة لم يتجرأ على تبني هذه الدعوة رسميا، ولم ينقل عن رئيسه (الناطق الرسمي بالحزب)، أي تصريح مباشر داعم للمحاولة الانقلابية الفاشلة، على العكس من حزب التحالف الديمقراطي الذي يرفع شعار المعارضة، والذي صرح رئيسه الدكتور يعقوب ولد أمين لموقع "زهرة شنقيط" يوم الأحد 13 يناير بأن حزبه قد قرر دعم التعديلات الدستورية، وأن الحزب قد ألزم نوابه داخل البرلمان بالتصويت لصالح تلك التعديلات.
إن حزبا سياسيا يدعو بشكل رسمي للانقلاب على الدستور لا يستحق أن يوصف بالحزب السياسي، وحتى وإن وصفناه بالحزب السياسي، فإن الشيء المؤكد هو أنه لا يمكن أن يوصف من بعد يوم 13 يناير 2019 بأنه حزب معارض، وذلك بعد أن تبنى هذا الحزب ـ وبشكل رسمي ـ الدعوة للانقلاب على الدستور، والتي تورعت كل الأحزاب الموالية عن تبنيها بشكل رسمي، وبما في ذلك الحزب الحاكم.
لقد تبخر حزب الوئام وذاب في الحزب الحاكم، ولقد قرر حزب التحالف الديمقراطي أن يكون هو الحزب الوحيد الذي يتبنى رسميا الدعوة للانقلاب على الدستور، وبذلك فإنه لم يبق في تشكيلة اللجنة المستقلة للانتخابات من أحزاب المعارضة ـ وبالمفهوم الواسع للمعارضة ـ إلا حزب التحالف الشعبي التقدمي.
لقد آن الأوان لإعادة تشكيلة هذه اللجنة، وعلى كل الطامحين إلى تناوب سلمي على السلطة أن يضغطوا الآن من أجل إعادة تشكيلها وفي أسرع وقت ممكن.
حفظ الله موريتانيا..