مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة, يزداد المشهد المعارض في موريتانيا ارتباكا وغموضا في الرؤية وتصدعا في جدار التماسك المعلن.
فالمعارضة, التي لم تستطع تقديم برنامج مقنع للناخب منذ أكثر من ربع قرن, تجد نفسها اليوم أمام وضع لا تحسد عليه.. فقادتها يدركون تمام الإدراك أن الشعب الذي لفظهم في السابق سيعيد لهم الكرة إذا تقدموا للنزال الانتخابي مرة جديدة ولسان حاله يقول لهم: "وإن عدتم عدنا", ولذلك فمن المستبعد أن تجد اسم أي من قادتها الراديكاليين ضمن قائمة المرشحين للرئاسة.
وفي حال التزمت المعارضة بالمرشح الموحد, كما زعمت في بيانها الأخير وهو ما يشكك فيه العديد من المراقبين, فستلجأ إلى البحث عن شخصية مستقلة غير معروفة في الميدان السياسي, وربما تستجلبه من إحدى الجاليات في الخارج كما فعلت مع أحمد ولد داداه مطلع تسعينيات القرن الماضي.
إن الشخص المفترض استجلابه, والذي بات بمثابة المهدي المنتظر, سيكون إقناعه بترك عمله وامتيازاته ودراسة أبنائه والعودة إلى بلاده للعمل كمعارض للنظام, من الصعوبة بمكان.
فحال المعارضة, المشغولة بالصراعات البينية وإفلاس الخطاب السياسي وعزوف الناخبين, لن يكون عامل استقطاب لشخصية وازنة تتابع ما يجري في بلدها عن كثب وتعلم علم اليقين أن ترشيحها لن يكون سوى بداية لدخول نفق مظلم لا أمل لوجود ضوء في نهايته.
إن تلك الشخصية المنتظرة ستراجع حتما, قبل اتخاذ قرار الموافقة على الترشح باسم المعارضة, الوضعية التي تم فرضها على الخبير المالي أحمد ولد داداه من قبل السياسيين المعارضين منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي, والذي تم فرض تحويله من خبير دولي يخدم بلده ويحفظ كرامته ويحترمه الجميع إلى معترك السياسة الذي وضعه في مواجهة مباشرة مع شعب رفض أن يمنحه ثقته في أكثر من منافسة انتخابية.
إن على معارضة الأمس واليوم أن تدرك جيدا بأنها ستكون معارضة الغد مهما رشحت من قادتها أو حصلت على مهديها المنتظر, فالشعب السائر على هدي بوصلة إصلاح انتظره لأكثر من نصف قرن, لن يتركها ويعود للمتاهات المظلمة التي قرر تركها وإلى الأبد.