قلت في مقال سابق وتدوينات أخرى أن شهر يناير شهر أعياد و أمجاد بإمتياز و أنه لا يكاد ينتهي حتى يكون ما تبقى منه أعيادا جميعا فالأيام 9و 15 من يناير كلها أعياد و تحمل أكثر من رمزية تتعلق بالوطن والوطنية وتقوية اللحمة الإجتماعية.
شارع الوحدة الوطنية!
27 من شهر يناير سنة 2019م " الوطنية " تنتصر ! على القومية و " المرتنة " هي عنوان ما تبقى من عهدة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
إن إستبدال إسم " الوحدة الوطنية " بشارع " جمال عبد الناصر " ليؤكد حقيقة واحدة هي قوة الحس والشعور القومي النابع من الوجدان بأهمية الوطن و الإعتزاز به هذا الإعتزاز تجلى في ضرب عصفورين بحجر واحد من أجل الوطن؛ العصفور الأول يتمثل في ضرب حراك جل النواب الداعي الى تغيير الدستور وفتح المأموريات ووقف جميع المبادرات و الشعارات التي تحمل تغيير الدستور؛ العصفور الثاني هو فرحة القوى المعارضة الراديكالية و الأغلبية الحاكمة المناوئة لتعديل الدستور و تثمينها مع أعلام دوليين من العرب و من غير العرب بقرار الرئيس محمد ولد عبد العزيز إحترام الدستور في وقت أصر فيه بعض الرؤساء العرب و الأفارقة على التشبث بالحكم مرات عديدة أسفرت عن ضياع دول ودمار شعوب و تخريب أوطان في المشرق والمغرب العربيين و في دول إفريقية.
والوحدة الوطنية تحمل نفس المعنى والدلالات بالنسبة لجميع الأعراق والأجناس التي تعيش في هذا القطر يجمعها هدف واحد وغاية واحدة وتطلع واحد هو السير على وحدة الصف والكيان بصرف النظر عن الإختلاف في الرؤى والألوان ...
أما " الوطنية " فهي الأخرى كلمة " فضفاضة " وليس بالضرورة أن يكون كل شخص " وطني " ؛ فالوطني الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار و يتجرد من كل الميول و الأهواء النفسية لصالح " وطنه " سواء كان ذلك الشخص إداري أو عسكري أو صاحب أي وظيفة مهما كانت طبيعتها وفي هذا السياق يقول ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻧﺎﺛﺎﻧﺴﻮﻥ، ﺃﻥّ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ ﺗﺘﻀﻤّﻦ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴّﺔ ﻟﻐﺎﻳﺔ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ .
ﻗﻠﻘﺎً ﺧﺎﺻّﺎً ﺣﻮﻝ ﺻﻼﺡ ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ .
ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ بتطابقا ﺷﺨﺼﻴﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸّﺨﺺ ﻭﻭﻃﻨﻪ .
ﺗﻌﻠّﻘﺎً ﺧﺎﺻّﺎً ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ...
وانطلاقا مما سبق فإن الفوارق في مفهوم " الوطنية " تتسع حدتها وتعلو مكانتها وتترسخ في الأذهان و تبقى في ذاكرة الشعوب تتوارثها جيل عن جيل و تحفظ في سجلات التاريخ حسب ما يخلفه الشخص من مشاريع و عمران و إنسجام داخل مجتمعه .
إن تسمية شارع جمال عبد الناصر اليوم بشارع " الوحدة الوطنية " ليعتبر لَبِنَةً أخرى من لبِنات البناء و التعمير التي تشهدها موريتانيا ومازالت تشهدها في ظل قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.