للاسف الشديد نحن لسنا بعد ذلك النظام الدمقراطي المتطور الذي تراقب فيه الموالاة حكومتها وتسائلها عن تجاوزاتها وتصوب اخطائها وتقوم فيه المعارضة بدورها كاملا في الرقابة الموضوعية والتقييم البناء لاداء الحكومات علي نحو تنتقد فيه وتعترض وتلتمس حجب الثقة عند اللزوم وهذا جوهر عملها لكن دون ان يمنعها ذلك من الإشادة والترحيب بقرارات ومواقف ومشاريع قد تفيد الوطن لمجرد انها صادرة عن حكومة لم تشكلها هي،ذاك ان المصالح العليا للوطن يفترض ان تكون هي التي تملي علي المواطن او الحزب موقفه السياسي من نظام الحكم.
وهذا ما جعلنا نحن في هذا التيار المستقل(تيار الامة الواحدة) نحاول المساعدة قدر المستطاع بهذا الخصوص وذلك من خلال محاولتنا، كحراك سياسي مستقل وحيادي تماما يقف علي نفس المسافة بين جميع الفرقاء، انتقاد الاداء الحكومي بعيون وطنية بحتة. تعترف للنظام الحاكم بما له وتسلط الضوء بكل جرئة وصدق علي ما عليه دون تحيز لجهة او تحامل ضد اخري.
وهذا بالضبط هو السياق الذي يندرج فيه هذا المقال الذي يحاول بايجاز تناول ما في جعبة الرئيس الحالي، الذي تقترب ماموريته الدستورية الاخيرة من الانقضاء، من انجازات من جهة وما واجهه لسبب او لآخر من اخفاقات من جهة اخري:
1) الإنجازات:
لن اطيل كثيرا في الحديث عن الإنجازات لأن الاوساط الموالية للنظام صدعت الرؤوس وارهقت النفوس بالحديث حول هذا الموضوع. ولذا فساكتفي بذكر ما اراه انا شخصيا انجازا ت ملموسة خالصة للرئيس او لعب دورا بشكل او بآخر في تحقيقها:
- في مجال البني التحتية والخدمات القاعدية، هناك مجهود كبير قيم به في السنوات الاخيرة (مطار انواكشوط، الجامعة العصرية، بعض المعاهد والمدارس ، طريق مال، ازويرات، كوركول -كيدماغا، طريق تكانت-آدرا, ٱفطوط الساحلي) وورشات جديدة في مختلف مناطق الوطن وفي مختلف المجالات(الصرف الصحي بالعاصمة، قنال كرمسين، النهضة العمرانية بانواكشوط، وعشرات نقاط المياه وشبكات الكهرباء في اطار برنامج النفاذ الشامل...)،
- تغيير وجه العاصمة إلي حد كبير،
- ضبط الحالة المدنية وتنظيمها وعصرنتها رغم بعض النواقص،
- تنظيم قمتين عربية وافريقية بانواكشوط(وهذه حسب رايي مسألة بالغة الاهمية رغم ان كثيرين لم يدركوا ذلك بعد،
- نجاح استراتيجي مشهود في مكافحة ما يسمي الإرهاب ايا كانت طبيعتها.رغم الفشل الامني العام خاصة في المدن الكبري كانواكشوط وانواذيبو مثلا،
2) الإخفاقات والاخطاء :
للأسف الشديد إلي جانب هذه الإنجازات الهامة هناك اخطاء جسيمة وإخفاقات لا يختلف علي خطورتها مورتانيان:
-الإنقلاب علي دمقراطيتنا الفتية وذلك بالإطاحة باول رئيس منتخب هو الاخ سيد الشيخ عبد الله، مع انني شخصيا لم اكن من داعمي ترشح او ترشيح علي الاصح ذلك الرجل الطيب للرئاسة في تلك الظروف،
-التنكر لاتفاق دكار مع قوي المعارضة و تنظيم إنتخابات احادية لم يشارك فيها الا الموالون للنظام،
-سابقة تمرير تعديلات دستورية قاطعت المعارضة الدمقراطية الإستفتاء عليها،
-الفشل الذريع في الرفع من المستوي المعيشي للمواطن الذي يعاني الامرين في مختلف مجالات حياته، رغم" نسب النمو المعلنة" وثروات البلاد الطائلة والقلة النسبية لعدد سكان البلاد،
- الفشل المدوي لما يسمي بالحرب علي الفساد و رموزه وسماسرته،
- مصادرة عقارات الدولة وبيعها لخواص علي نحو وصفه كثيرون علي انه غير شفاف،
- المشاركة في قمة صفقة القرن في الرياض وتقديم القدس الشريف علي طبق من ذهب للصهائنة من اجل تمكين أمراء من رقاب بني عمومتهم والوصول الي عروش عائمة علي بحار من الخيانة والتخلف والهوان،
-قطع العلاقات مع دولة قطر الشقيقة دون اي مبرر واضح لذلك. اللهم اذا كان نوع من الإنزلاق نحو مدارات ومحاور لا تليق بشعب مؤمن وابي وصاحب سيادة ايضا،
-تراجع الحريات نتيجة لبعض الاجرائات اللامبررة كسجن المنتخبين وتهجير بعض الفاعلين السياسيين و الإقتصاديين وإغلاق القنوات التلفزيونية لاسباب ما زال كثيرون يجهلونها,
-عجز الحكومة عن التقدم خطوة واحدة الي الامام في مجالات التنمية الريفية والامن الغذائي،
- تسارع انهيار منظومتنا القيمية والاخلاقية بحيث لم تزل الطريقة الوحيدة للوصول الي الاستفادة من الدولة وامتيازاتها المختلفة هي التملق وعبادة الحاكم. الامر الذي لم تسلم منه حتي نخبنا وبعض راسخينا في العلم،(علما انني شخصيا لا احمل النظام الحالي وحده مسؤولية ذلك)
-فشل استراتيجية النظام لمكافحة الفقر والبطالة رغم الجهد الكبير الذي بذل في هذا الصدد،
-ارتفاع لافت لمديونية البلاد دون اي مبرر معلوم لذلك.
وفي الختام اشير الي ان هناك مشروع انجاز اذا وفق الله الرئيس عزيز في تحقيقه قد يكون اكبر انجاز سجله في عهده وستذكره له الاجيال القادمة وقد يدخله التاريخ من بابه الواسع. ألا وهو تنظيم انتخابات رئاسية شفافة وموضوعية وذات مصداقية يشارك فيها الجميع. وتسليم البلاد لمن يختاره الشعب بارادته الحرة ووقوف الدولة بكل اجهزتها علي الحياد بين المترشحين.
لكن هل يمكن للرئيس ان ينظم انتخابات كهذه وفي المتملقين عين تطرف؟؟؟
انا شخصيا اشك في ذلك!