كل مخلوق سيأتى عليه الدور،ليذوق طعم الموت ،تاركا هذه الحياة، ليتنقل إلى أخرى،حسب نوع عمله و رضوان الله عليه أم سخطه .
لكن القليل منا، من يحرص على التذكر الدائم و التزود الجاد الكبير ،لهذه الرحلة المنسية أو المتجاهلة على الأصح .فإلى متى هذا الإهمال و الغفلة الخطيرة المدمرة،لمختلف فرص الاستعداد و التزود،لدار ينال فيها العامل الجزاء و النتيجة ،حسب مسعاه و كسبه،إن كان خيرا فنعما الأمر، و إلا فبئس الضجيع .
قال الله جل شأنه:" فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره"صدق الله العظيم .
و ليتنا ما نسينا مصير الناس كلهم،أي الموت ،حتى ننتبه لرحلة الاعودة للدنيا.
قال ربنا :"كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام"من سورة الرحمان.
و قال رسول الله وصية لعبد الله ابن عمر و لغيره من بعده:"كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".و كان ابن عمر يقول استخلاصا من هذه الوصية النبوية :" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح و إذا أصبحت فلا تنتظر المساء و خذ من صحتك لمرضك و من حياتك لموتك".
و قال أحد الشعراء:و ما الناس إلا هالك و ابن هالك/ و ذو نسب فى الهالكين عريق.
و قال شاعر آخر :إن لله عبادا فطناء/ طلقوا الدنيا و خافوا الفتنا/نظروا فيها فلما علموا/ أنها ليست لحي وطناجعلوها لجة/و اتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا .
مصير محتوم جامع شامل، يحتاج إلى تأمل حاذق حكيم و استعداد و تزود حازم نبيه .
قد يمرض الإنسان أحيانا و يعوده الناس ،و يفهم البعض أنه محتضر ،لكنها قد تأتى بغتة، و دون سابق إنذار.
ألا ننتبه ألا نتعظ،ألا نخاف ربنا و ننتظر لحظة إنكشاف الحجاب"فبصرك اليوم حديد"!.
نخوض مع الخائضين و نلعب مع الاعبين فحسب ، و لا نحرص إلا على الكسب المادي ،و لا نتحسر على فوات الثواب و الأجر و مجالس الذكر و الطاعة و المعروف و البر ،تلك لعمرى،واأسفاه،أمارات الغفلة و اعتلال القلوب و النفوس،و ذلك قطعا أخطر من داء البدن و الجسم الفانى الذابل ،يوما ما.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"ألا إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله.ألا و هي القلب".
اللهم اهدنا و أصلح قلوبنا، و لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .
اللهم اجعلنا من الذين يعلمون فيعملون ،و يعملون فيخلصون ،و يخلصون فيقبلون.