تقدر الإحصائيات الرسمية المحينة سكان مورتانيا بأربعة ملايين نسمة.وهو عدد أقل بكثير من ثلث سكان جمهورية السينغال المجاورة.
مع ذلك فإن عدد ضحايا حوادث المرور عندنا يزيد عدة مرات عن مثيله في هذا البلد الشقيق.
تلكم مفارقة مدوية توصلت اليها اثر دراسة مقارنة بسيطة أجريتها بغية الوقوف علي اسباب استفحال هذه الظاهرة الكارثية، في بلادنا اكثر من غيرها من البلدان. نعم، لقد توصلت الي حقيقة مرعبة بالفعل مفادها ان هذا القتل المستمر لابناء الوطن علي شوارعه وبدماء باردة قد يرقي الي التصنيف علي انه جريمة رسمية متكاملة الاركان.
لماذا؟
لأن الاسباب المؤدية لحوادث السير القاتلة في البلاد والمعروفة لدي الجميع تتمحور اساسا حول:
- الإهمال والسرعة المفرطة وانعدام خبرة السياقة وجهل نظم وقواعد السير وهي كلها مخالفات ماكانت لتحصل لو أن السلطات المختصة ادت الواجب الملقي علي عاتقها بهذا الشان علي الوجه المطلوب)،
- التجاوز الممنهج لقواعد ونظم قانون السير في هذا البلد
( لان جل المواطنين او معظمهم علي الاقل لم يدرك بعد أهمية تطبيق تلك القواعد لسلامته الشخصية وسلامة مواطنيه)
- التجارة الرابحة لرخص السياقة، التي اصبحت بضاعة تباع وتشتري ثمنها معروف وسماسرتها معروفون ايضا للعامة وللخاصة.انا شخصيا اعرف الكثير من الناس عجزوا عن الحصول علي رخصة السياقة بالطرق القانونية والمشاركة في المسابقات الدورية. في حين ان آخرون لم يقدموا اي طلب للحصول علي رخصة ولم يشاركوا في مسابقة ولا غير مسابقة ومع ذلك حصلوا علي رخص السياقة بطرقهم الخاصة.( انها الطرق الموازية اللاقانونية واللاخلاقية للاسف. الشديد.)
- عدم قابلية معظم السيارات المستوردة للاستعمال بعد نهاية اعمارها الإفتراضية. قبل ان تدخل البلاد. ومعلوم ان اية دولة تحترم نفسها لن تقبل دخول هكذا سيارات لحدودها. اللهم إذا كانت عابرة سبيل. كما يفعل المغاربة مثلا للسيارات المتوجهة الي مورتانيا(ارض السيبة للاسف)
- حالة الطرق المتهالكة إلي حد بعيد. وخاصة طرق الأمل(او الألم علي الاصح) وروصو التان أصبحتا طربقا مختصر إلي الموة المحقق. علما أن هناك جهود طيبة مبذولة لتحسين وضعية شبكة الطرق في البلاد،لكن حتي هذه الجهود مازالت دون المطلوب،
-التخلف و البداوة المتحكمة في مسلكيات وعادات المواطنين المورتانيين الذين ظلوا يتعاملون مع السيارات تماما كما يتعاملون مع الحمير و الجمال متناسين للأسف أنه لا وجه للمقارنة بين السقوط من احدي هذه الدواب وحوادث السيارات، لا من حيث الخطورة ولا من حيث الأضرار.
كل ذلك يحدث و الدولة لم تحرك ساكنا يذكر وكان شيئا لم يكن.. علما ان اعلان حالة الطوائ لمواجهة هذه الماسات الوطنية الكبيرة لا قيمة له مقارنة مع ما سببته و تسببه من معاناة للمورتانيين.
بإختصار شديد، مسؤولية الدولة ووكلائها المختلفين، في استمرار نزيف دم المواطنين الذي تسببه حوادث السيارات، لا غبار عليها.
نعم هناك جهات رسمية اياديها ملطخة بدماء ابناء هذا الشعب شائت ذلك اك ابت. وستسؤل لا محالة عن ذلك يوم الحساب.
نظرا الي كل ذلك ولان الوضع لم يعد يطاق، بات لزاما علي الحكومة ورئيس الجمهورية شخصيا ان يعي انه معني بالدرجة الاولي.بفعل كل ما يلزم لحماية مواطنيه وصيانة ارواحم التي يتربص بها الموت في كل ازقة وزوايا ومنعرجات وساحات هذا الوطن الغالي.
نعم يتعين علي كل من الرئيس الحالي والقادم ان يتحمل مسؤوليته ويتق الله في هذا الشعب. الذي اصبح من النادر فيه ان تري بيتا الا وقد فقد عزيزا علي الاقل في احدي مذابح حوادث المرور المستمرة علي مدار الساعة في زهق ارواح المواطنين.
كما يتعين ايضا علي الرئيس الحالي تحديدا ان يختم مؤموريته الدستورية الاخيرة باصدار اوامره بوضع استراتجيات وتصورات ومقاربات شاملة وعاجلة لانقاد الشعب المورتاني من الابادة. علي ان يكون اول امر يصدره بهذا الخصوص متعلق باقالة كل الطواقم الادارية والامنية والجمركية المسؤولة عن هذه الفظاعات بل ومسائلتها جنائيا.كما يكتسي تشجيع العمل علي تطبيق قوانين السير روحا ونصا علي عموم التراب الوطني.واحكام اغلاق الحدود بغية منع السماسرة من تهريب السيارات المتهاكة الي داخل البلاد لقتل المواطنين وتدمير بئتهم الطبيعية المدمرة اصلا.اهمية بالغة بالنسبة لاية مبادرة او جهد يرمي الي وقف شلال الدم المستمر هذا وردع شركاء حوادث السير في هذه الجريمة المقززة!