و أنْ ليس للإنسانِ إلا ما سعى / محمد فاضل الشيخ محمد فاضل

يعتبر قانون المالية الوثيقة الوحيدة المعتمدة لدينا كمتتبعين أو مراقبين أو مواطنين عاديين لمعرفة سير الدولة و تسييرها و قدرتها على تحقيق الرفاه للمواطن ، و رغم صعوبة الحصول عليها في بلدنا أو معرفة ضوابط إعدادها أو إتاحة الفرصة للمواطن لمتابعة نقاشها قبل تصويت النواب عليها إلا أن سؤالا تقليديا واحدا إعتادالمواطن الموريتاني طرحه  كل سنة دون أن يجد له جوابا شافيا في هذه الوثيقة  : و هو أين ذهبت مداخيل الدولة ؟

أوضح معالي وزير المالية و الإقتصاد المختار اجاي أن الموازنة العامة لهذا العام تجاوزت 541 مليار أوقية قديمة 

و بالتأكيد تم تقسيمها تبويبا أمام السادة النواب لكن ما هو معلوم بالنسبة لنا هو أن الميزانية العامة تتكون من بندين أساسيين هما الإيرادات والنفقات فإذا كانت الرسوم الجمركية و هي جزء يسير جدا من الضرائب غير المباشرة قد بلغت مع نهاية نوفمبر أكثر من 200 مليار أوقية قديمة دون احتساب مداخيل الضريبة على القيمة المضافة وباقي الرسوم التي تفرضها الدولة على الواردات والصادرات ورسوم تسجيل العقود والغرامات و غير ذلك من مداخيل الضرائب غير المباشرة

و إذا كانت الضريبة المباشرة على الدخل و المفروضة على الشركات قد تجاوزت 150مليار أوقية جديدة فإن مجموع هاذين البندين يبلغ حدود 350 مليار أوقية قديمة بمعنى أن المبالغ المتبقية لتحقيق توقعات مداخيل الميزانية هي 191 مليار أوقية قديمة 

فاذا كان من واجب الحكومة أن تتصرف في موارد الدولة فقط وفق ما تنص عليه الميزانية العامة فهل لنا أن نسأل 

أين ذهبت إرادات الشركات الحكومية ؟ 

أين عائدات الأسهم التي تملكها الدولة في شركات القطاع الخاص ؟

أين مداخيل الرخص الحكومية  ؟

أين عائدات رخص استغلال مناجم الذهب ؟

أين ذهبت عائدات بيع المدارس و عائدات تفويت الأصول العمومية ؟

هل تلقت الدولة هباتٍ أو مساعدات أجنبية ؟ 

أين دعم  وكالات التعاون الدولي ؟

أسئلة تكون الإجابة عليها أكثر إلحاحا كُلَّمَا إزددنا يقينا من أن الحكومة تنتهج منذ سنوات سياسة التقشف حتى في النفقات الضرورية لاستمرار أجهزتها في أداء مهامها الإدارية وأدوارها الاجتماعية بحيث لا تمنح الأمناء العامون للوزارات و لا المدراء سيارات و لا قِيما من البنزين و لا يمتلك موظفوها ضروريات القيام بمهامهم مع ضعف مساهمة الدولة في صندوق التقاعد و وقوفها على الحياد من الإرتفاع المذهل للأسعار دون تدخل أو دعم أوحمايةٍ إضافة الى ضعف ميزانية نفقات الاستثمار والتجهيز و محدودية الغلاف المالي المُخصص لإنجاز البنية التحتية مع غياب إنتهاج سياسة حكومية لتسديد أصول بعض الديون التي تُثقل كاهل الميزانية بسبب ضغط فوائدها المتكررة

إنما يمتلكه المواطن من معلومات عن عموميات مداخيل الدولة و إستنادا لما يُقدمه قانون المالية يجعل المواطن ينتظر في نهاية كل سنة مالية فائضا كبيرا و هو ما يُبرر عدم تقبله قرارات الحكومة في لجوءها للإقتراض الخارجي و لا يجد تفسيرا للإستدانة الداخلية عبر إصدار سندات الخزينة 

هناك ازمة ثقة بين الحكومة و الشعب تتسع فجوتها كل يوم مما جعل المواطن العادي لا يُصدق ما يصدر عن الحكومة حتى و لو تعلق الأمر بالمُسلمات أوالثوابت و مما زاد المشكلة عُمقا هو إهمال الحكومة لأهمية بناء جسور الثقة مع المواطن و تعويض ذلك - في نظرها - بأغلبية برلمانية تُمرر كلما تحتاج الحكومة إقراره دون عناء أو وضع إهتمام أو إعتبار للديموقراطية الشعبية أو للمواطن كشريك فأضطر الأخير الى وسائل التواصل الإجتماعي التي أصبحت تدير مجتمعا ينفصل تماما عن ( جمهورية الحكومة ) التي تغرد في وادي بعيدا عن تطلعات الناس التي قررت الإنفصال بأفكارها و إشاعاتها و التزمتْ هدوء المرحلة

إن المواطن الموريتاني المسالم بطبعه أصبح يتطلع الى أبسط حقوقه على الحكومة و هي المكاشفة لا المحاسبة و التي لابد أن يأتي الْيَوْمَ الذي سيرتفع فيه سقف طموحه للمطالبة بها

 

 

9. فبراير 2019 - 12:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا