لعله أصبح من الواضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تداعيات حادث انهيار سد لحجز المخلفات بمنجم للحديد تعود ملكيته للعملاق العالمي شركة فالي ( Vale) البرازيلية وصلت إلى مرحلة جديدة أكثر تأثيرا على الطاقة الإنتاجية للشركة المعنية، مما قد يقلص من حجم إمداداتها للسوق العالمي؛ وهذا ما يغذى الانتعاش الذي تشهده الأسعار عالميا منذ أكثر من أسبوعين متتالين قاد حتى الآن إلى موجة ارتفاع مسجلة أعلى مستوى جديد منذ أغسطس 2014 بزيادة حوالي 20 دولار للطن خلال أسبوعين، حيث ارتفعت أسعار الخام القياسي تركيز 62 % من 75 دولار للطن إلى حوالي 95 دولار للطن .
حادث 25 يناير المنجمي بولاية ميناس جيرايس البرازيلية تسبب في مقتل 157 شخصاً على الأقل، وفقدان 182 آخرين، و زاد من تعقيدات الملف في الولاية التي لم تتعاف بعد من آثار حادث سابق في نوفمبر عام 2015، و ربما هذا ما قاد المحكمة البرازيلية للحكم بتعليق إنتاج شركة فالي بمنجم Brucutu بالولاية المذكورة، التي يعتبر المنجم الأكبر في حيزها الجغرافي، حيث تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية حوالي 30 مليون طن من خام الحديد، وقد استجابت وزارة الدولة للبيئة والتنمية البرازيلية للدعوة وقامت بإلغاء ترخيص للشركة لتشغيل سد في منجمها، وهو ما يعني توقف الإنتاج في المنجم المذكور، وتشير بعض المصادر الإعلامية البرازيلية و الصينية إلى إعلان منسوب للرئيس التنفيذي لشركة فالي تحدث فيه عن الإغلاق مؤقتًا لمنشآت الإنتاج في5 مناجم بمنطقة Córrego do Feijo، و4 مناجم بمنطقة Vargem Grande تصل طاقتها الإنتاجية إلى حوالي 13 مليون طن، ومصنعين لإنتاج مكورات خام الحديد، وهو ما رفع من التوقعات بشأن التأثير على الإنتاج للشركة إلى حوالي 40 مليون طن تشكل حوالي 10% من إنتاج فالي السنوي الذي كان قد بلغ سنة 2017 حوالي 366.51 مليون طن، بل هناك بعض التوقعات تشير إلى أن تداعيات الحادث قد تقود الشركة إلى مراجعة شاملة لسلامة المناجم ومنشآتها، مما قد يزيد من خفض إنتاجها، وهذا ماقاد سيتي جروب (Citigroup) إلى الرفع من توقعاتها بشأن مستقبل الأسعار خلال السنة الجارية بحوالي 40 % لتصل إلى معدل 88 دولارا للطن، ويبدو أن غولدمان ساكس (Goldman Sachs ) ، و كليفلاند-كليفس (Cleveland-Cliffs) تتفقان مع سيتي جروب حيال مستقبل الأسعار التصاعدي المؤقت، حيث تشير توقعات محللين جولدمان ساكس أن السوق قد يعاني من نقص في المعروض على المدى القصير خاصة أن منتجي خام الحديد الآخرين خارج البرازيل لا يمكنهم زيادة الإنتاج بسرعة؛ مما قد يؤدي إلى مواصلة الأسعار لارتفاعها، وتتفق التوقعات السالفة مع توقعات ماكينزي وشركائه (McKinsey & Company) التي توقعت أن تبقى الأسعار في معدل 85 دولارا للطن خلال السنة الجارية في حالة انخفاض امدادات البرازيل بحوالي 50 مليون طن.
و رغم كل التوقعات المتفائلة أعلاه شهدت الأسعار اليوم انخفاضا معتبرا بحوالي 4 دولار للطن، و ذلك بعد التطمينات التي اعلنت عنها شركة فالي بخصوص خططها لتعويض بعض خسائر إنتاجها عن طريق تعزيز الإنتاج في مناطق أخرى.
بات من المؤكد أن حادث المنجم البرازيلي سيتيح الفرصة للشركات الأخرى لتغطية النقص المؤقت المتوقع في امدادات البرازيل ليس فقط من خامات الحديد بل حتى من مكورات خام الحديد، وهذا ما قد يرفع الطلب على الخامات عالية التركيز في الأسابيع القادمة خاصة في السوق الصيني بعد انتهاء عطلة عيد الربيع الصيني اليوم، وما سيصاحب ذلك من زيادة في الطلب على المادة الخام، حيث جرت العادة على أن تعمل مصانع الصلب الصينية بكامل طاقتها بعد انتهاء عطلة عيد الربيع الذي صادف هذا العام 5 من فبراير الجاري، وهذا ما يجعلها تطلب كميات أكبر من المادة الخام لتعزيز احتياطي المخزون لديها.
والسؤال المطروح وطنيا هل تنتهز شركة "اسنيم" الوطنية الفرصة وتعزز من حصتها في السوق الصينية الأكبر عالميا، التي كانت قد خرجت من الأزمة بخسارة حوالي 20% منها؟