بات موعد اجراء الانتخابات الرئاسية التي طال انتظارها علي الابواب. و بدأ الاهتمام ينصب مبكرا علي الترتيبات التحضيرية لهذا الاستحقاق الذي يصفه كثيرون بالتاريخي والحاسم بالنسبة لمستقبل البلاد ومشروعها الدمقراطي المتعثر منذ سنوات.فلا حديث هذه الايام في المكاتب ولا الاسواق ولا الصالونات الا عن الترشح والمرشحين والرئيس القادم.
كل ذلك. ولم يعلن احد بعد بصفة رسمية عن نيته الترشح. في هذا الاستحقاق . باستثناء الاستاذ بيرام الداه اعبيدي زعيم حركة ايرا.. فكل الترشحات المتداولة حتي الآن هي مجرد اشاعات ليس الا. بعضها مبني علي اشارات او تصريحات لم تصدر عن المترشح المحتمل نفسه كترشيح الجنرال غزواني الذي نسب اعلانه الي رفيق دربه الرئيس الحالي عزيز وبعض اركان نظامه او توقعات كترشح رجل الاعمال البارز وابن عم الرئيس عزيز ولد بعماتو او جسا للنبض والاستطلاع كترشيح المعارضة للوزير الاول الاسبق في عهد نظام ولد الطايع سيد محمد ولد ببكر.
عموما ما هو مؤكد حتي الآن هو ان هذه الاسماء تم تداولها علي نطاق واسع علي انها لمرشحين محتملين. بل ان بعضها اصبح ترشحه او ترشيحه في حكم المؤكد كترشيح الموالاة للجنرال غزواني.في حين انه لم يصدر بعد ما يؤكد او ينفي ترشح الاثنين الآخرين.رغم عدم استبعادي شخصيا ان تعلن المعارضة قريبا اعتمادها رسميا او دعمها لترشيح بعماتو و ولد ببكر او علي الاقل احدهما.
ولان الرجال الثلاث يعتبرون من ابرز الاسماء المطروحة حتي الآن للترشح فقد ارتئيت ان اتحدث حصريا عنهم دون غيرهم من الاسماء مع احترامي لكل من ورد او سيرد اسمه لاحقا من مرشحين. وخاصة الاستاذ بيرام. الا انني وكما قلت مرة لهذا الاخير في مقر حزب الصواب عشية الانتخابات التشريعية الاخيرة بحضور الوزير عمار ولد يالي وصديقي ممثل ايرا في اربا السيد يعقوب جارا، ان من يطمح لرئاسة دولة عليه ان يتحدث بلغة وطنية وحدوية سمحة لا ان يروج لخطاب شرائحي ضيق ومتشنج. لان خطاب كهذا لن يقود حتي الي زعامة شريحة او طائفة. وهذا تحديدا هو السبب الذي جعلني اكون اقل تفاؤلا في تقييمي لحظوظ المرشح بيرام.
اعود فاقول انني ساحاول هنا تسليط الضوع قدر المستطاع علي مستوي الحضور والحظوظ بالنسبة للثلاثة هؤلاء.مبرزا نقاط قوة وضعف كل واحد منهم مقارنة بالآخر. وذلك علي النحو التالي:
1)الجنرال غزواني:
رغم تحفظي الشخصي ومعي حراك تيار الامة الواحدة المستقل الذي انتمي اليه علي تدخل العسكر بكافة صوره واشكاله في الشان السياسي. الا ان ذلك لن يمنعني ابدا من ان اتحدث عن مرشح المولاة الجنرال غزواني علي نحو موضوعي ومنصف.
الجنرال غزواني هو ضابط سامي ورئيس سابق لاركان الجيوش استفاد لتوه من حقه في التقاعد. ينظر اليه في المؤسسة العسكرية علي انه ضابط ممتاز، مهذب، خدوم ومثقف كثير التطلع والقرائة.و لا علم لي شخصيا باية شبهة فساد تحوم حول هذا الرجل الهادئ والبعيد كل البعد عن الاضواء. ي ينحدر هذا الجنرال المتقاعد من مناطق الوطن الشرقية التي تضم اكبر خزان انتخابي في البلاد. كما انه ينتمي الي مدرسة سياسية واجتماعية واخلاقية وقيمية مرموقة. وهنا تكمن احدي اهم نقاط قوة الرجل. الذي كان لتداول اسمه علي منصات التواصل الاجتماعي فور تسريب اسمه كمرشح محتمل للرئاسيات اكبر صدي عرفه مرشح محتمل لهذا الاستحقاق علي هذا الفضاء. واضح ان لهذا الرجل حظوظ جدية في الفوز خاصة اذا حافظ الطيف الموالي علي توحده و تماسكه اللافت خلفه وان كنت استبعد شخصيا امكانية حسم الانتخابات من الشوط الاول.
2)رجل الاعمال السيد محمد بوعماتو
ولد بعماتو هو رجل مال واعمال وفاعل خير من الصف الاول في هذا البلد. لم يتقلد حسب علمي منصبا حكوميا من اي مستوي حتي يمكن وصمه بالفساد او شيء من هذا القبيل. وحتي ان التهم الموجهة الي الرجل الذي يعيش في منفاه في اربا والتي كانت هي سبب اصدار مذكرات الاعتقال الدولية ضده ليست الا مخالفة التهرب الضريبي وهي تهمة نحمد الله انها ليست مرضا قاتلا والا لما بقي رجل اعمال واحد في هذا البلد.
عموما ترشح هذا الرجل مازال مستبعد لانه مطلوب للعدالة في بلده. كما ان حصوله علي شهادة تبريز و العدد الكافي لتزكية ترشيحه من المستشارين البلديين قد يطرح له مشكلة. مع ذلك فلدي احساس ان هذا الرجل اذا قطع الشك باليقين وقرر الترشح فان. ذلك سيعني ان هناك طبخة متكاملة تم تجهيزها ربما برعاية الفرنسيين ووبتشجيع من بعض الجماعات والقبائل في الداخل المورتاني بمقتضاها يمكن لولد بعماتو الرجوع الي وطنه والتمتع بكافة حقوقه بما فيها حقه في الترشح. عندها سيكون بعماتو مرشح قوي جدا وخطير حتي انه قد يشق صفوف الاغلبية الرئاسية الذي تحسب عليه منها مكونات كثيرة. خصوصا اذا افاقت المعارضة من سباتها واتخذت من الرجل مرشح موحدا او علي الاقل رئيسيا لها. حينها سترتفع اسهم حظوظ الرجل وسيصبح منافسا شرسا جدا لمرشح الموالاة. لان ولد بعماتو رجل اعمال راقي ورئيس سابق لارباب العمل ولديه علاقات واسعة داخل البلاد وفي اربا ايضا خاصة فرنسا والاتحاد الاربي. باختصار اذا تهيات الظروف لترشح ولد بعماتو فان اوراقا كثيرة ستختلط،
3)الوزير الاول الاسبق ولد ببكر
هذا رجل تكنوقراط وهو احد اهم رموز نظام ولد الطايع. صحيح انه علي درجة كبيرة من الكفائة وربما النزاهة علي الصعيد الشخصي. لكن حسب رايي الرئاسة تتطبب امورا اخري كالكارزما وروح المبادرة والجرئة علي اتخاذ المواقف الوطنية الكبري عند الاقتضاء. فعلي سبيل المثال ينظر الي اركان نظام الرئيس معاوية ولد الطايع بمعظمهم علي انهم فسدة ومفسدين الا من رحم ربي. وحده الرئيس معاوية و وقلة من وزرائه المعروفين يتصفون بالاستقامة والنزاهة ولم يشاركوا في نهب البلاد. و ولد ببكر كما هو معلوم كان وزيرا اولا في ذلك العهد. وحتي اذا تاكد بما لا يدع مجالا للشك ان اية شبهة فساد لم تحم حوله في تلك المرحلة. الا انه ايضا لم يفعل شيئا لمنع فوضي التسيير والفساد الذي استشري في ظل حكومة هو وزيرها الاول. قد يقول قائل انه لا يملك السلطة. صحيح ولكن لديه خيارات مشرفة للناي بنفسه عن ما يحدث. لماذ مثلا لم يقدم استقالته احتجاجا علي العبث بمقدرات الوطن ويبرئ ذمته امام الشعب وامام التاريخ؟
في الحقيقة تفاجئت كثيرا عندما سمعت ان المعارضة تخطط لترشيح هذا الرجل الطيب مع علمها انه من اهم رموز الانظمة السابقة التي ما سميت هذه المعارضة معارضة الا لانها تقارعها وتقف لها بالمرصاد.
ما اراه بهذا الخصوص هو ان تبني قوي المعارضة لترشيح السيد ولد ببكر المحسوب حتي اللحظة علي المولاة سيكون بمثابة اطلاق رصاصة الرحمة علي هذه القوي التي انهكتها اخطائها واخفاقاتها اكثر من ما انهكها قمع وتهميش وحرمان الانظمة المتعاقبة المختلفة لها.
وفي الختام تجدر الإشارة إلي ان المرشح الاوفر حظا من بين هؤلاء وغيرهم في كسب رهان السباق القادم والوصول الي القصر الرمادي سيكون بالتاكيد اكثر المرشحين اقناعا للشعب بقدرته علي تجسيد التغيير الحقيقي الذي يتطلع اليه الجميع وترسيخ الدمقراطية الحقيقية والنهوض بالبلاد علي كافة الاصعدة وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين ومكافحة الفساد والرشوة وردع للنفاق والتملق وعبادة الحكام ورفض الظلم و الغبن والفوارق الاجتماعية بكل صورها.
اللهم ولي امورنا خيارنا