قبل التأكيد رسميا على ترشيح وزير الدفاع للاستحقاقات القادمة؛ بدأت حمى الحراك السياسي على مستوى المبادرات الشخصية المستقلة تبعها حراك حزبي مؤسسي في غير ما حزب سياسي واحد، وكان حزب تواصل هو الساحة الكبرى لذلك الحراك السياسي الداخلي، تفاعلا مع صدى الأخبار الواردة من أقصى اليمين والتي تقول باختيار وزير الدفاع كأصلب عود في كنانة النظام، وبحثا له عن ند وعديل؛ وإن على حساب المعارضة نفسها!.
خرج الخلاف داخل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية -تواصل- إلى العلن؛ بعد التصريحات الأخيرة لرئيسه والتي أظهر من خلالها الموقف من الترشيح لاستحقاقات يونيو 2019، مبينا في الوقت ذاته خطوط التحول السياسي للحزب الذي يقوده هو بنفسه (النسخة الجديدة).
لاشك ان نقطة الخلاف الأهم هي التي ظهر خلاف رئيس الحزب جليا حيالها مع رئيس الحزب السابق الزعيم الروحي لأغلب شاربي فكره ومباركي منهجه، الرئيس محمد جميل منصور، الذي لا يرى في الذهاب إلى مرشح توافقي من خارج المعارضة الخطوة الإيجابية التي تلبي حاجة المعارضة بحمل خطابها وتطبيق افكارها وتنفيذ مشاريعها، ويقول بالعبارة والمعنى: ( إن إتيان المعارضة بمن لا يترجم رغبة جمهورها في التغيير ولا يستطيع ترجمة منطلق الانتقال وما يستلزمه من ممكن الإصلاح، غير مطلوب ولا هو بالمفهوم).
وطبعا هذا هو عكس ما يذهب إليه ويتشبع به غيره من رموز الحزب الآخرين وأولهم رئيسه الحالي ولد سييدي الذي يرى في الشخصيات التوافقية من خارج المعارضة المقترح الأمثل والخيار الأصوب؛ حتى وإن كانت تلك الشخصيات من رموز الموالاة! (الوزير الأول السابق مثالا).
هذا الخلاف أظهر شروخا وتصدعات على جبهات داخلية للحزب، فعبر الفدرالي وتحدث الإعلامي وعقب نائب الرئيس السابق..
لقد صرخ فدرالي الحزب في الحوض الشرقي في وجه كلام جميل قائلا: ( إن الحصافة لسياسي بوزن جميل تقتضي عدم تصريحه بآرائه للرأي العام في القضايا المطروحة للتداول بين أحزاب المعارضة، لأن ذلك يسبب لها الإرباك)، وهي صرخة بكر في وجه زعيم ظل إلى عهد قريب صاحب القول المشروب والرأي المسموع والمقترح المبتلع استمراء واستساغة..
حاول الإعلامي البارز؛ الذي كان برنامجه الشهير ومقابلته مع رئيس الحزب المرآة العاكسة لمجمل الرؤى والأفكار؛ مسرح التجاذب والخلاف حاليا، حاول تلافي الموضوع مبرزا ضرورة أن يتجه النقاش الجامع صوب الساعين إلى إحداث تغيير، ويعمد إلى تدقيق الملفات والتثبت من خلوها من الضلوع في جرائم اقتصادية او حقوقية في إشارة ضمنية إلى تصويب النظر إلى الوافدين من خارج المعارضة طبعا.
نفض نائب الرئيس السابق أذنه بعد ان تناهى إليها ما صدر عن إعلامي الحزب الأبرز، ورد قائلا "لوك العبارات الخداعة والملتوية وتلميع أحذية بالية لأنظمة غابرة، فليس المطلوب ولا واجب الوقت، أما تحذير المناضلين بعبارات الأحاجي وأساليب التمييع والتواري وراء لغة اللف والدوران فليس المنتظر" ..
إن هذا الانقسام والتباين في الرؤى والطرح، والذي وثقته مواقع وصفحات عدة، محسوب أغلبها على القوم، يأتي في فترة تشهد هجرة المناضلين والرموز من أكبر الاحزاب المعارضة فبالأمس غادر تواصل عضوه المؤسس، ويمم وجهه صوب مرشح النظام وهي خطوة تشي بقوة الوجهة والتحول وبوادر تماسكها الذي خولها استقطاب شخصية نضالية بوزن المغادر من اليسار إلى اليمين.
بعد تواصل تأتي الانقسامات والانسحابات لتضرب نسيج حزب اتحاد قوة التقدم الذي صرح رئيسه -حسب بعض المؤسسات الإعلامية- بعبارات تنقيصية في حق مرشح النظام الذي اعتبره *بوا* وهي عبارة لا تليق ولا تستقيم وستكشف له الأيام بعد الانتخابات؛ إذا تمت بخير وتجسدت معطيات الساحة التي تفيد بفوز مرشح النظام باريحية، حينها سيدرك رئيس الحزب المذكور ومن والى فكره واستمرأ طرحه أن الرئيس بكامل الصلاحية وأن *السلطان* لا يؤمر حسب المستخلص من دروس الحكم عبر الأزمان،
إن الهجرة التي شهدها حزب اتحاد قوى التقدم تجعله ينضاف إلى حزب تواصل كحزبين معارضين كبيرين يشهدان هجرة النخب والمناضلين, والوجهة معروفة وإن تحددت وجهة المغادرين من تواصل إلى مرشح النظام فإن المغادرين من اتحاد قوى التقدم والذين يتقدمهم الاعلامي الشاب، يمكن القول دون تعد او مجازفة؛ أن أعناقهم تشرئب للرياح القامة من جهة مرشح النظام وإن استبطؤوها فسيسابقونها؛ ربحا للزمن وتأمينا لموطئ قدم.