كانت ردة الفعل على مقتل محمدو ولد برو و حرقه باردة .فلم تتحرك المنظمات الحقوقية المأذونة و غير المأذونة .
ترى لو كان حرطانيا أو زنجيا،لا شك أن التهمة ستطال الدولة و المجتمع على السواء،و ستتدخل منظمات حقوقية دولية،لتضرب بمنقارها الخشن الحاد ،لحمتنا الوطنية المهددة ،لمحاولة تعميق الشرخ!.
و من وجه آخر كان لشرطتنا سابقا خبرة و سرعة فى كشف المنفذين المجرمين،فهل أصبحت الجريمة أكثر تعقيدا،أم شرطة التحريات أقل تشجيعا و خبرة و تدريبا؟!.
لقد استطاعت عصابات الجريمة فى نواكشوط،منذو بعض الوقت تنفيذ عدة عمليات ،دون العثور لها على أي أثر ،فما السبب أو الأسباب المتعددة على الأصح ؟!.
نواكشوط منذو سنوات تعيش عمليات سرقة نوعية و عادية كثيرة،ليلا و نهارا ،دون توقف ،و من حين لآخر ،بصورة متكررة ،تحصل عمليات قتل و تصفية مرعبة،أما اليوم فقد وصل الوضع إلى عمليات ثلاثية الطابع.جمعت بين السرقة و القتل و الحرق ،فى منتهى الوحشية و خلو مسرح الجريمة، مما يمنع أو يعرقل هؤلاء المجرمين،و فى المقابل يحرض بعض "العقوقيين "على شريحة بعينها،ضمن مسار تحريضي مفزع ،مخوف المآل و المصير !.
و من الافت جدا أن الضحية الحالي،حين تبين أنه من الشمال و من فئة البيظان،لم ينتقد قتله و حرقه،من رموز المعارضة ،إلا صالح ول حننا !.
أما الكتاب و الحقوقيون،فكأن القضية-عند أغلبهم- لا تعنيهم باختصار .
هذا الوضع غير طبيعي و غير مثير للتفاؤل ،فى أمر التحقيق،فقبل الحديث عن نتائج التحقيق لدى الجهات الأمنية المعنية،ينبغى أن يستهجن المجتمع ،و خصوصا النخبوي منه،مثل هذه الجريمة الفاجرة المروعة،المنذرة بتداعيات أكثر و أخطر،إن لم يوقف هذا النزيف الإجرامي المتصاعد .
هذه القضية تحتاج إلى جدية و جهد مضاعف ،عسى أن لا تصبح عاصمتنا مسرحا للمجرمين ،يسرحون و يمرحون ،دون رادع حقيقي حاسم .
إن هذه الدرجة من السكوت و الامبالاة ،للأسف،و إن مثلت ضمنيا استسلاما و حالة قنوط من قطع حبل الجريمة،إلا أنها من وجه آخر، تمثل تطبيعا ضمنيا مع فعلة الجريمة ،كظاهرة تفرض نفسها ،و مع المجرمين ،كنوع مسلط عنوة على رقاب الناس .فإلى متى ؟!.
إن الدولة مدعوة إلى تجريم و محاربة كل خطاب ،يحرض على الوحدة الوطنية و يستهتر بحرمات الناس و مقدراتهم .
و لعل هذا احتياط ضروري مهمل ،فنشأ جيل من شريحة معينة ،باسم رفض و محاربة ظاهرة معروفة ،يستسهل حرمات من يعتبرهم حماة الاسترقاق ،و أصبح ذلك يلحظ أسلوبه العدائي اللفظي المتواتر يوميا، و لا يستبعد أن تكون -بهذا المنطق- بعض الجرائم مبررة مسوغة !.
و ينبغى أن نصرح بها ،الكراهية عند البعض موجودة،و مرتبطة أساسا، بهذا التراشق بالذات ،للأسف البالغ .
و للتذكير ،واجه نظام معاوية ،إنقلابا عرقيا تصفويا،سنة ١٩٨٧،و رد بحسم،و إن كان تجاوز الحد،أما نحن اليوم ، فنتهاون مع خطابات عرقية مقسمة،و القتل يحصل بصورة ملتبسة و الفوضى عارمة ،فى الأسواق نهارا ،و فى البيوت ليلا و نهارا. فوصلت عمليات السرقة و الاغتصاب و القتل إلى أرقام قياسية مثيرة !.
و إنى لا أدعو إلى ردة فعل انتقامية فوضوية،و إنما للتحرك الحازم المسؤول .
و إن كان للجريمة المتسارعة المتزايدة،صلة بالعولمة و التسرب المدرسي و شيوع المخدرات و المؤثرات العقلية و غيرها،إلا أن الخطاب التحريضي المشرع و المشجع ضمنيا،له حظه الكبير فى هذه المجزرة،التى وصفها البعض بالهلكست .