تتسم استحقاقات 2019 بجملة من السمات والخصوصيات من أبرزها أنها تأتي إثر إعلان رئيس الجمهورية أنه لن يترشح
لمأمورية ثالثة احتراما للدستور مما يعني أنه سيكون أول رئيس عربي منتخب يسلم السلطة لخلفه بصفة طواعية
وتخلي رئيس عربي عن السلطة بصفة طواعية وفي بيئة هشة وسهلة الاختراق مثل البئةالسياسية الموريتانية
مسألة تستحق الإحترام من جهة كما تستحق الإشادة والتقدير من
النخبة السياسية الراغبة في ترسيخ ثقافة التبادل السلمي على السلطة من جهة أخرى
فرؤساء الدول العربية في العادة يضحون بشعوبهم في سبيل البقاء في الحكم بشتى الطرق حتى ولو كلفهم ذلك حروبا وفتنا والأمثلة المؤسفة على هذه الحقيقة المرة نعرفهاجميعاهذا القرار الشجاع ذو الإبعاد السياسية الهامة كان على نخبتنا السياسية بموالاتها ومعارضتها أن تشيد به
وتعطيه ما يستحق من زخم سياسي وإعلامي لما في ذلك من ترسيخ لمبدإ التبادل السلمي على السلطة
من خصوصيات رئآسيات 2019
أيضا أنها ستأتي وقد هدأت سخونة العديد من الملفات الوطنية الكبيرة مثل ملف الرق الذي تحول من موضوع يحظر الحديث فيه إلى قضية وطنية تأخذ نصيب الأسد في وسائل الإعلام الوطنية ويتبارى المثقفون والسياسيون في الخوض فيها ويجمعون على حلها كل حسب رؤآه وتصوراته كما شرعت الدولة في معالجتها اقتصاديا وتشريعيا من خلا ل وكالة التضامن واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومن خلال ترسانة قانونية أهمهاقانون تجريم الرق إضافة إلى فتح المجال أمام المجتمع المدني الناشط في مجال حقوق الإنسان
وعلى مستوى مضاعفات أحداث 1987 و 1989و 1990 وما ارتبط بخلفياتها من احتكاكات بين العرب والزنوج فإن نار تلك الفتنة خبت جذوتها كثيرا مما يعني أن رئآسيات 2019 ستأتي وقد تحققت نجاحات كبيرة في معالجة الموضوع
كما أن التعاون الموريتاني السنغالي الذي يعرف الآن نقلة نوعية في المجال الاقتصادي سيمكن من تجاوز الكثير من المطبات السياسية المتعلقة بهذا الملف
لا نجاح دون الاعتراف المتبادل ما يزال الرفض يطبع علاقة المعارضة والموالا ة
وهي مسألة خطيرة جدا بل إن ما عرفته منطقتنا العربية من حروب وفتن في العراق والسودان وليبيا ما كان ليصل بتلك الدول إلى ما وصل بها إليه لو كانت علاقة الطرفين يطبعها الإستماع المتبادل وفي نفس السياق تتنزل نتائج الصدام بين المعارضة والموالا ة في سوريا حيث نشاهد حصاد صراع الطرفين ممثلا في المزيد من الدمار والفشل للدولة السورية
المطلوب هنا حسب رأيي هو أن تتبني النخبة السياسية ثقافة الاعتراف بالمنافس لأن الاعتراف المتبادل هو طوق نجاة وحدتنا الوطنية فحين يرفض السياسيون الحوار بالعقول حول قضايا الوطن ويرفضون التنازل المتبادل يحل العنف محل العقل ويتكلم السلاح والأمثلة الكارثية من منطقتنا العربية كثيرة وقد عرضنا بعضها
أخطاء يجب أن تصحيححها:
نعول على نخبتنا السياسية في تصحيح جملة من الأخطاء ويتعلق الأمر في رأيي ب:
أولا تجاوز سياسة لعن اللاحق للسابق المناقضة لقانون التراكم والبناء على ما تحقق فنحن وللأسف الشديد لا يحكمنا نظام
إلا ولعن سلفه ومحا ما تحقق من إنجازات ولو قليلة في عهده
ثانيا وهي ملا حظة موجهة للسياسيين مراجعة الموقف النمطي السلبي الذي يتبنى سياسيونا من المؤسسة العسكرية ذلك أن شعور العسكر بالاطمئنان والأمن من
الاجتثاث والثارات هو الطريق إلى تعاونه مع المدنيين وتسهيل ولوجهم إلى السلطة بصفة سلسة ومرنة كما أن نظرية إبعاد العسكر عن السلطة بوصفه غير صالح لممارستها فكرة غير مؤسسة فالحاكم الصالح قد يكون عسكريا وقد يكون مدنيا ومن القادة العسكريين المتميزين في الغرب الذي هو النموذج السياسي العالمي الحالي جورج واشنطن ونابليون منبرت وايزنهاور واتشرشل ودكول وتيتو ولم يحدث انقلاب عسكري موريتاني إلا بسبب أزمة خانقة ولم يحكم العسكر إلابالمدنيين وهل عرف سياسيونا المدنيون دون عسكريينا بالعفة عن أكل المال العام وحسن التسيير ؟
من مصلحة موريتانيا أن تراجع النخبة السياسية موالاة ومعارضة مساراتها الماضية وذلك من خلال تحديث وتجديد الممارسة السياسية بمسايرة النقلة النوعية التي ستتحقق عبررئآسيات 2019 حيث ستفرز هذه الانتخابات أول تبادل سلمي حقيقي للسلطة
يتواصل