استحقاقات 2019 وفرص التجديد والبناء (1) / محمد الأمجد بن محمد الأمين السالم

تتسم استحقاقات 2019 بجملة من السمات والخصوصيات من أبرزها أنها  تأتي إثر إعلان  رئيس الجمهورية أنه لن يترشح 

لمأمورية ثالثة احتراما للدستور مما يعني أنه سيكون أول رئيس عربي منتخب يسلم السلطة لخلفه  بصفة طواعية  

وتخلي رئيس عربي عن السلطة بصفة طواعية وفي بيئة  هشة وسهلة الاختراق مثل البئةالسياسية الموريتانية 

مسألة تستحق الإحترام من جهة كما تستحق الإشادة والتقدير من

 النخبة السياسية الراغبة في ترسيخ ثقافة التبادل السلمي على السلطة من جهة أخرى 

فرؤساء الدول العربية  في العادة يضحون بشعوبهم  في سبيل البقاء في الحكم بشتى الطرق حتى ولو كلفهم ذلك حروبا وفتنا والأمثلة المؤسفة على هذه الحقيقة المرة نعرفهاجميعاهذا القرار الشجاع ذو الإبعاد السياسية الهامة كان على نخبتنا السياسية بموالاتها ومعارضتها أن تشيد به 

وتعطيه ما يستحق من زخم سياسي وإعلامي لما في ذلك من ترسيخ لمبدإ  التبادل السلمي على السلطة 

من خصوصيات رئآسيات 2019 

 أيضا  أنها ستأتي وقد هدأت سخونة العديد من الملفات الوطنية الكبيرة مثل ملف الرق الذي تحول من موضوع يحظر الحديث فيه إلى قضية وطنية تأخذ نصيب الأسد في وسائل الإعلام الوطنية ويتبارى المثقفون والسياسيون في الخوض فيها ويجمعون على حلها كل حسب رؤآه وتصوراته كما شرعت الدولة في معالجتها  اقتصاديا وتشريعيا من  خلا ل وكالة التضامن واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومن خلال ترسانة قانونية أهمهاقانون تجريم الرق إضافة إلى فتح المجال أمام المجتمع المدني الناشط في مجال حقوق الإنسان

وعلى مستوى مضاعفات أحداث 1987 و 1989و 1990 وما ارتبط بخلفياتها  من  احتكاكات بين العرب والزنوج  فإن  نار تلك الفتنة خبت جذوتها كثيرا مما يعني أن  رئآسيات 2019 ستأتي   وقد  تحققت نجاحات كبيرة في معالجة الموضوع 

كما أن  التعاون الموريتاني السنغالي الذي يعرف الآن نقلة نوعية في المجال الاقتصادي سيمكن  من  تجاوز الكثير من المطبات السياسية المتعلقة بهذا الملف

لا نجاح دون الاعتراف المتبادل ما يزال  الرفض يطبع علاقة المعارضة والموالا ة 

وهي مسألة خطيرة  جدا بل إن ما عرفته منطقتنا العربية  من حروب وفتن في العراق والسودان وليبيا  ما كان ليصل بتلك  الدول إلى ما وصل بها  إليه لو كانت علاقة الطرفين يطبعها الإستماع المتبادل وفي نفس السياق تتنزل نتائج الصدام بين المعارضة والموالا ة في سوريا  حيث نشاهد حصاد صراع الطرفين ممثلا في المزيد من الدمار والفشل للدولة السورية 

 المطلوب هنا حسب رأيي هو أن تتبني النخبة السياسية  ثقافة الاعتراف بالمنافس  لأن الاعتراف المتبادل هو  طوق نجاة وحدتنا الوطنية فحين يرفض السياسيون الحوار بالعقول حول قضايا الوطن ويرفضون  التنازل المتبادل يحل العنف محل العقل ويتكلم السلاح  والأمثلة الكارثية من منطقتنا العربية كثيرة وقد عرضنا بعضها 

 أخطاء يجب أن تصحيححها:

نعول على نخبتنا السياسية في تصحيح جملة من الأخطاء ويتعلق الأمر في رأيي ب:

أولا تجاوز سياسة  لعن اللاحق للسابق  المناقضة لقانون التراكم والبناء على ما تحقق فنحن وللأسف الشديد  لا يحكمنا نظام

 إلا ولعن سلفه ومحا ما تحقق من إنجازات ولو قليلة في عهده

ثانيا وهي ملا حظة موجهة للسياسيين مراجعة الموقف النمطي السلبي  الذي يتبنى سياسيونا  من المؤسسة العسكرية ذلك أن شعور العسكر بالاطمئنان والأمن من 

الاجتثاث والثارات هو الطريق إلى تعاونه مع المدنيين وتسهيل ولوجهم إلى السلطة بصفة سلسة ومرنة  كما أن  نظرية إبعاد العسكر عن السلطة بوصفه غير صالح لممارستها  فكرة غير مؤسسة  فالحاكم الصالح قد يكون عسكريا وقد يكون مدنيا ومن القادة العسكريين المتميزين في الغرب الذي هو النموذج السياسي العالمي الحالي   جورج واشنطن ونابليون منبرت وايزنهاور واتشرشل ودكول وتيتو ولم يحدث انقلاب عسكري موريتاني إلا بسبب أزمة خانقة ولم يحكم العسكر إلابالمدنيين  وهل عرف سياسيونا المدنيون دون عسكريينا بالعفة عن أكل المال العام  وحسن التسيير  ؟

من مصلحة موريتانيا  أن تراجع  النخبة السياسية  موالاة ومعارضة  مساراتها الماضية وذلك  من خلال تحديث وتجديد الممارسة السياسية  بمسايرة  النقلة النوعية التي ستتحقق عبررئآسيات 2019 حيث ستفرز  هذه الانتخابات أول تبادل سلمي حقيقي للسلطة

يتواصل

27. فبراير 2019 - 18:07

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا