"جمعة" ثلاثية القلوب / الولي سيدي هيبه

ليس خيار مساء "الجمعة" بالاعتباطي ليعلن فيه محمد ولد الغزواني عن ترشحه للرئاسيات المقبلة، بل إنه نابع، على خلفية التربية الصوفية، من إدراكه عظمة هذا اليوم ووافر بركاته ومكانته في نفوس المسلمين وقد أقره الله سيد الأيام، لكن...في مساء هذه الجمعة "الاستثنائية" تقلبت قلوب من حب إلى هجران وتهجدت ألسن بمن كانت لا تهوى بالأمس، وتعرت نوايا الخداع والزيف والنفاق وقد خلعت كالأفاعي بدون خجل مشاعرها "مطلقة" و "تلهف" من جديد. في مساء هذه الجمعة تهجدت بحمد الله قلوب كانت منفطرة من هول ما عانت من التهميش والغبن والظلم والاقصاء لا لسبب إلا أنها قالت "ربنا الله، خالقا ورازقا"، وتوسلت غدا مشرقا بالعدل يهون عليها مساوئ الأمس ويشعرها بالأمل في العدل غدا.في مساء هذه الجمعة وقفت قلوب حائرة لا راضية ولا مرضية تفك طلاسم "ودع"، صمم بلاد "التناقضات الكبرى"، المرمي على الحصى تنوء حباته، وهي بالكاد تخفي سوادا في جوفها، تحت أكوام من الكلمات التي تتولد من تباين أحجامه واختلاف اتجاهاته، وتقارب بعضه ونأي بعضه... لا تتشاءم إلا بقدرما تتفاءل... لا تصدق و لا تكذب.

على كف عفريت الظلم

كلما ساقتني أقدار إلى أحياء شمال العاصمة المسماة تباهيا "تفرغ زينه" صدمني هول البذخ فيها ومستوى العمران الفاخر لملاك خرجوا من توهم على واقع البؤس العام لكل أهل البلد من

 بعدما تيسر لأغلبهم منفذ إلى خزينة المال العام، لأدرك عمق انفصام واقع هذه الأحياء بعماراتها الفاخرة عن واقع حال أحيائها الجنوبية بفقرها السافر وسوء بناياتها وفاقة أهلها وحرمانهم من دخل مقدرات بلدهم الهائلة.

لقد بت أزداد تيقنا من أن هذا الواقع الجديد خلق شرخا مجتمعيا خطيرا، طفت على سطحه أرستقراطية أسرية، حجمت سريعا القبلية من دون أن تزيلها، على أسس المصاهرة والشراكة في طرق النهب وكذلك التقاسم عبر التشغيل واحالال مواقع النفوذ في المؤسسات والقطاعات والعمل السياسوي؛ ظاهرة خطيرة رمت الدولة بين فكي دوائر ضيقة مغلقة بيدها الأقفال ومفاتيحها، وأقصت العامة في جوهرها القبلي والشرائحي والإثني لتضع البلد على كف عفريت الظلم والغبن.  

جبروت المزاجيين

إن في موريتانيا رجالا ونساء وشبانا وشابات، ليست لهم خصوصية معرفية أو ثقافة معلومة أو عطاء مشهود أو تميز في إبداع أو خلق، يمكنهم بمحض مزاجهم إقالة من يشاؤون موظفا ساميا كان أو عاملا بسيطا، كما أنهم يستطيعون عند الرغبة تعيين من يحلوا لهم تعيينه، وترقية من تروق لهم ترقيته مكافأة أو لاستراتيجية التمكن في مفصل يهمهم من مفاصل أجهزة الدولة.

وبالطبع فإنه لا يقف أيضا أمام هؤلاء "الكواسر" في ذلك أي قانون أو سلطة أو نظام ردع. يقصدهم المتزلفون والمنافقون والشعراء والغاوون.

يهددون لأوهى الأسباب، يذلون بلا رحمة ويقيلون بمكالمة هاتفية سريعة أو توصية تسبق مجلس الوزراء لإرضاء غرور وجبروت الذئب "السيباتي" المفترس الرابض بداخلهم.

3. مارس 2019 - 1:53

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا