بعد ترشيح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لصديقه ورفيق دربه عسكريا الذي شكل إعلان ترشيحه حسب الأغلبية الرئاسية الحاكمة بقيادة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز حدثا وطنيا كشف مستوى التفاعل الكبير الذي لاقاه من مختلف فئات الشعب الموريتاني ما يحظى به مرشحها من قبول من طرف الشعب الموريتاني باعتباره مرشح الإجماع ورجل المرحلة بلا منازع والمعبر عن إرادة الشعب وخيارات فخامة الرئيس ورمز الوفاء وأمل إستمرارية لنهضة الوطن لذلك لم يكن اختيار المرشح معالى الوزير محمد ولد الشيخ محمد احمد مفاجئا وإنما كرس عبقرية فخامة الرئيس وحرصه الأكيد على استمرار مسيرة البناء والاستقرار التي عرفها البلد، الفريق محمد ولد الغزواني القادم من الحاضنة الإجتماعية والإقتصادية التموينية للإخوان المسلمين في موريتانيا والمقدم كمرشح للأغلبية الرئاسية عن حزب الإتحاد من أجل الجمهورية مؤسساتيا وعن المؤسسة العسكرية والدولة العميقة كخلفية وظيفية، إذن فهل سيكون تنازع الوصي والولي سلبا أم إيجابا؟ !!!
نحن أمام مقلوب معادلة السيسي مرسي !! فبعيد الثورة المصرية وظهور الإخوان كقوة هائلة تمتلك الشارع يومها ما فتئت القوات المسلحة المصرية تضع ذلك نصب أعينها فقد تقرب السيسي من مرسي وكذا المؤسسة العسكرية كلها ما يقارب العام وجعلتهم في مواجهة حتمية مع القوى العلمانية والليبرالية ما أنتج حركة تمرد أكبر الناشطين ضد جماعة الإخوان المسلمين في تلك الفترة العصيبة من المشهد المصري ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير فبحجة تدني المستويات المعيشية والبطالة وإنهيار الإقتصاد ...ناهيك عن بعض العوامل الخارجية التي كانت نشطة تحت الرماد لقلب موازين اللعبة هناك...فبمبدإ السبر والتقسيم أو النشر والحذف تم عزل الإخوان المسلمين في مصر ليجد مرسي نفسه أخيرا خلف القضبان.
أما عن غزواني فأربع معطيات حرجة ستكون ماثلة في المشهد وهي حضور المملكة العربية السعودية في بعض الأوساط القبلية الموريتانية،والحاضنة الإخوانية ،والبعد الشاذلي القادري للطريقة الصوفية الغظفية وآخر شيوخها الشيخ عبد الله بن بيه صاحب مركز الإرشاد ذي الفرع الأمريكي الإبريطاني والعلاقة الواضحة بمحمد بن زايد ،والبعد الحزبي كمرشح للإتحاد من أجل الجمهورية وأغلب هذه المعطيات أقرب للتناقض منها للإلتئام.
دعونا نأخذ أمثلة من آخر إنتخابات بلدية وتشريعية وجهوية فمن ضمن ماكان يحسب على الرجل_ مع بعض رفاقه إضافة إلى بعض الأذرع الممثلة للأغلبية الرئاسية تحديدا وزير المالية المختار اجاي من الذراع المدني_ قضاء عرفات المقاطعة المركزية بالعاصمة ومعقل تيار الإسلام السياسي بموريتانيا منذ نشأة الحياة الديمقراطية بهذا البلد ،والتي لم يفلح الحزب الحاكم بالفوز بها بعد ثلاثة أشواط متوالية وبمنافسة شرسة !!!
ﻗَﻀﻰ ﺍﻟﻠَﻪُ ﺑِﺎﻟﻤَﻌﺮﻭﻑِ ﻣِﻨﻬﺎ ﻟِﻐَﻴﺮِﻧﺎ ** ﻭَﺑِﺎﻟﺸَﻮﻕِ ﻭَﺍﻹِﺑﻌﺎﺩِ ﻣِﻨﻬﺎ ﻗَﻀﻰ ﻟِﻴﺎ.
فهل للمعطيات آنفة الذكر دخل بالموضوع؟
إذن في أي الحزبين سيحدث إنقلاب؟ حزب الإصلاح والتنمية تواصل لصالح محمد ولد الغزواني والدولة العميقة على حساب الحزبية وضرب القوى المعارضة في المنتصف أم في حزب الإتحاد من أجل الجمهورية إنتعاظا من ظل الإصلاح والتنمية تواصل وأحضانه وبالتالي ضرب الأغلبية في المنتصف؟!
ﻭَﻣِﻦ ﺃَﺟﻠِﻬﺎ ﺳُﻤّﻴﺖُ ﻣَﺠﻨﻮﻥَ ﻋﺎﻣِﺮٍ ** ﻓِﺪﺍﻫﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻤَﻜﺮﻭﻩِ ﻧَﻔﺴﻲ ﻭَﻣﺎﻟِﻴﺎ.
أم أن دماثة خلق الرجل وفطنة قومه كفيلة بإحتواء الموقف بالإضافة إلى كونه أول مرشح للرئاسة ينحدر من وسط الشرق الموريتاني إن كانت المنافسة شرسة وهو المتوقع كما حدث سنة ألفين وسبعة فأي الحزبين سينجح في تصفية الآخر؟ أم أن عقد الدولة العميقة لم ينفرط وسيظل مسيطرا إدارة و توجيها لمجريات الأحداث؟ أم شيخوخة الأحزاب المعارضة وناظمها التفكيري شبه المرائي ومؤسساتها شبه القبلية والروحية وهشاشتها التموينية لن يكسبها ثقة الناخب؟الأيام والأشهر القليلة القادمة كفيلة بالإجابة على هذه الإسئلة... في الجانب الآخر فالمعارضة كما يرى البعض مطالبة بأحد موقفين لا ثالث لهما :
الأول أن تفرض توفر حد أدنى من شروط الشفافية:
كالمشاركة في إعداد لوائح الناخبين، وإعادة تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات و ضمانات جدية لحياد الإدارة ووسائل الإعلام الرسمية ،فضلا عن وجود رقابة دولية فإن لم تستطع لم يبق لها سوى أن ترفض المشاركة وتخرج في مسير جماعي مشهود لترمي تراخيص عملها السياسي أمام وزارة الداخلية وبحضور وسائل الإعلام كما يرى البعض.
الثاني:
أن تتمتع بشيء من الواقعية وتدرك أنها تمارس عن وعي أو عن غير وعي لعبة سياسية من نوع مختلف، فتسعى إلى انتزاع مايمكن انتزاعه من بين أنياب من تصفهم بالمفسدين لتصل إلى التغيير المنشود خطوة خطوة عن طريق معايشة الشريك ومحاولة انتزاع ما أمكن منه أي قبول( التعدد السري).
ماسوى ذلك مجرد عبث لا يليق بعاقل أن يظل أسيره و حتى خياراتها في المرشح التوافقي هو بحث عن إبرة في مكب قمامة!!
فإذا كان بعض الأسماء المتداولة وغير المتداولة المحتملةأستهل في الحديث عنها فمثلا محمد ولد بوعماتي رجل الأعمال الناجح والثري في عالم المال والأعمال والمقرب إجتماعيا من محمد ولد عبد العزيز والمقيم خارج البلد القادم أصلا من صفوف حزب الإتحاد من أجل الجمهورية بعد خلاف نشب بينه مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز على خلفية تهرب ضريبي كما يقول خصومه أو إثر منعه من مكاسب إستثمارية كرجل أعمال مقرب من السلطة لصالح آخرين كما يرى البعض، فإحتمال التوافق على هذا المرشح تقف أمامه أقدمية آخرين ونضالهم حزبيا داخل مختلف الأحزاب بالتالي تتضاءل فرصه رغم رصيده المتألق بين قامات المعارضة ماديا ومعنويا.
خبير التسويق الرقمي القاطن بالولايات المتحدة والذي اقتحم المشهد السياسي عبر وسائط التواصل الإجتماعي والمنحدر هو الآخر من وسط الشرق الموريتاني الفتى الشاب سعدن ولد حمادي ذو الميول الثورية إلى حد ما لا يعتبر هو الآخر أوفر حظا لدى الطيف المعارض رغم إمكانياته المادية والعلمية فسنه أمام قامات نضالية أخرى قبضت الجمر على النضال السياسي منذ خمسين عاما لا يعتبر طرحا ذا وجاهة موضوعية عند البعض وكذلك الفتى المعروف بتلا ريم القاطن هو الآخر بالولايات المتحدة الأمريكية.
بيرام ولد الداه ولد اعبيد الذي يصفه خصومه بالمشاكسة والتهور ويعتبره مناصروه أيقونة التحرر من براثن العبودية والإسترقاق لا يزال حديث عهد بالأروقة السياسية ومنعرجات الحكم والقيادة مسعود ولد بلخير منزلة بين المنزلة تأخذ عليه أحزاب المعارضة إرتماءه بأحضان النظام خلال فترتيه الرئاسيتين شبه الماضيتين نفس الحال بالنسبة لبيجل ولد هميد
الخلاف الأيديولوجي بين الأسد العجوز تكتل القوى الديمقراطية و تواصل المشذب إقليميا و شبه المحاصر دوليا يفقدهما صفة المرشح التوافقي،زعيم الحراك التقدمي عن حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود يعاني هذا الحزب إنكماشا جهويا مطردا أما حزب حاتم فقد تفرق فرسانه حزبيا بعد أن دق إسفين الخلاف بينهم أشهرا فقط من نجاح زملائهم في الإنقلاب وقيادة البلد بالإضافة إلى مشاركة صالح ولد حننا العقل المدبر لثلاثة إنقلابات متوالية على حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع في برنامج بلا حدود والتي أثارت حفيظة بعض زملائه على ما يبدو ،أما الكرامة فيعتبر حزبا وليد التضخم السياسي الذي شهدته البلاد مؤخرا لا تبدو له قيادة مركزية واضحة المعالم وكذا الحراك الشبابي وغيره...... وأما عادل حديث النشأة والذي يترأسه الإقتصادي والأستاذ الجامعي يحيى ولد أحمد الواقف الذي كان يرأس الحكومة التي أوجدت الأزمة السابقة مع العسكريين والتي أدت في النهاية إلى الإنقلاب العسكري فلا يبدو محببا لدى العسكريين القائمين على الشأن،حزب الصواب والرفاه ....وغيرها فلا تزال فتية على النزال.