السميائيات مطاردة للمعنى لا ترحم ، بقدر ما يتمنع ويتدلل ويزاد غنجه ، بقدر ما يكبر حجم التأويل ويزداد كثافة وتماسكا . ليست السميائيات التورط الحصري في اكتشاف الدلالة والقبض على المعنى وآليات إنتاج الخطاب ، بل هناك مناهج كثر ورغم ذلك تظل الموضوعية – خاصة في رحاب الانسانيات – عصية .وارجو من سدنة القلم وصانعي الرأي العام الخروج من ثنائية ( المدح والهجاء) كيف نساهم جميعا في النهوض بوطننا .
بدت لي الملاحظات التالية على خطاب المرشح غزواني :
1 -محاولة تبرئة ذمم الانظمة الماضية عبر :
* تبني المنهج التاريخي الذي يربط الظواهر والحوادث بلحظات انبثاقها وسياقات تكونها ورصد العلاقات المتبادلة بين الارضية المنتجة للحدث .
* اعتماد البداهات : العمل الانساني تأرجح بين الخطأ والصواب ، بحكم الجبلية البشرية
*- دوائر الخطأ في ممارسات الانظمة المنصرفة تجبها النية الحسنة ويمحوها أثر الاجتهاد
* اللجوء إلى المنطق الديني : المجتهد مترر بين العذر والاجر
2-طغيان ضمير المتكلم في الخطاب ، بدون معية غالبا
3 الغبن الاجتماعي والاقتصادي سيعالج ، لكن المرشح صمت عن الظلم السياسي وهو صمت يضج بالكلام
4 – سر العشرية الذهبية هو ارتفاع الروح الوطنية مما قد يفهم منه أن الانظمة السابقة .....
5- من معجزات العشرية الاخيرة صون الوحدة الوطنية وتعميق الديمقراطية ( رغم أن العشرية الاخيرة في –رأينا – كانت انوذجا حيا لتنامي العرقية والشرائحية ، كما شهدت اقصاء طيف واسع من المعارضة من المشهد )
5 مؤهلات المرشح تتصدرها التربية أي البعد العرفاني الاشراقي ( وفي ذلك إيقاظ للتراتبية التي تعهد المرشح في صدر الخطاب بمعالجتها ضمن الغبن الاجتماعي)
6 لغة سلسة ناعمة ومهادنة تخطب ود كل أطراف المشهد بنسب متفاوتة
7 حضور مسرحي مقبول و نبرات الصوت تشي بثقة قوية بالذات .
8- السيدة الاولى حضرت كمواطنة ليس إلا .(..؟....)
9 – للعهد عندي قيمة –اعتقد – أنه ليس تعريضا بقدر ما هو استثمار وتلويح بالبعد التربوي الذي سيذكر لا حقا في خطاب الرئيس ضمن مؤهلاته .
ورغم ذلك كله فهو خطاب مهم ولا يخلو من وجاهة وإن كان مازال وحيدا في أرضية المنافسة ، فبضدها تتميز الاشياء .
سيد المختار علي 2019-03-04 .