سيبقى كل ما يكتب عن ولد عبد العزيز من كلمات تنصفه وتفيه حقه، قليل من كثير في حق الرجل، وستبقى النقلة النوعية التي منح موريتاينا من تنمية وازدهار، تجادل بعده الجاحدين لفضله بعد أن ارتووا وملأوا جيوبهم من خيره.
وذلك بعد قراره الشجاع الذي سجل له التاريخ أن يكون أحد العظماء في العالم، حين رفض الترشح لمأمورية ثالثة، ورفض تعديل الدستور، واختار احترام الدستور ومصلحة وطنه وقرر الخروج مرفوع الرأس من القصر تاركا خلفه جملة من الانجازات يكل اللسان دون عدها والقلم دون حصرها، من طرد السفير الصهيوني ومن شبكة المياه والطرق والبنى التحتية، وطباعة المصحف الشريف ومنح رواتب للأئمة وإنشاء تلفزة وإذاعة القرآن الكريم، وتكريس أسس الديمقراطية، ومنح حرية الاعلام وحارب العبودية وجرمها، حتى أصبحت موريتانيا مضرب مثل في التناوب على السلطة. وحين اراد الرحيل اختار لموريتانيا رجلا من خيرة من يخلفه ومن أقرب المقربين إليه لتلك المهمة الصعبة، حسب معرفتي بالرجلين يقول ولد هيبه.
وحين أتى إلى موريتانيا سنة 2005 مع مجموعة من خيرة الضباط الموريتانيين، وبعد أن أخذ السلطة سنة 2008 لم تكن موريتانيا تملك جيشا بمعنى الكلمة، ولا يملك جيشها قدرة على التنقل، ووجد موريتانيا لا تملك طائرة مدنية وأصبحت اليوم لديها أسطول مدني ملكا لموريتانيا وحدها، وتملك عتادا معتبرا على المستوى البري والبحري والجوي، وفي غضون أقل من عقد من الزمن أصبحت لها مؤسسة عسكرية وأمنية حافلة بالعطاء ومثال على الازدهار والنماء، وها هي اليوم تملك جيشا وقوات أمن قادرة على تأمين المنطقة، ومكنه اهتمامه بالأمن والوقوف في وجه التحديات الراهنة من وضع تجربة أمنية راسخة لمحاربة الارهاب والتطرف وخطابات الكراهية والهجرة السرية والجريمة العابرة.
أنقذ ولد عبد العزيز موريتانيا من عدة متاهات كانت ستحيلها لمجهول، كما حفلت على عهده باحتضان جملة من الأحداث حدث بها لأول مرة، كالقمة العربية والافريقية، والصعود إلى كأس أمم افريقا كحدث تاريخي، وقطعت موريتانيا على عهده شوطا معتبرا في الدبلوماسية، وحازت مكانة عند الغرب والعرب والافارقة، فكانت نقطة ضوء في سماء القارة الافريقية.
سيرحل ولد عبد العزيز لكنه سيبقى فقد أصبح مضرب المثل عند الكتاب العرب مأنبين حكام العرب بقولهم افعلوا ما فعل ولد عبد العزيز.
ولد عبد العزيز سيبقى اسما محفورا في ذاكرة كل مواطن موريتاني مدرك بوضوح لواقع موريتانيا، ووجه العاصمة كفيل بالشهادة على صدق ذلك، وحتما ستخرج أصوات من جحورها تجحد فضله وتصفه بما لا يليق بمكانه بعد أن يغادر السلطة، لكن صنيعه وانجازاته ستبقى خالدة تجادلهم وتخذل كل محاولاتهم الفاشلة في حجب ضوء شمسه الساطعة في كل ربوع موريتانيا.
إنه من مسؤوليات الرئيس الجديد أن يحافظ على المكتسبات التي تحققت في عهد ولد عبد العزيز، كما من أولوياته أن يعي ثقل الحمل الذي يقع على كاهله، وسيكون نعم الخلف لنعم السلف.