على أرضية الملعب بالعاصمة انواكشوط أطل الرجل الثاني في البلاد ووزير الدفاع الحالي محمد ولد الغزواني على الموريتانيين معلنا عزمه خوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة في حزيران يونيو المقبل بعدما أعلن رفيقه وشريكه في الانقلابات العسكرية الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز أنه لن يترشح لولاية ثالثة وسيحترم الدستور.
ولد الغزاوني أطل على الموريتانيين بوجه آخر غير معهود عن الجنرالات فبدا خطيبا فصيحا يتحدث بلغة سلسلة وسليمة وحاول الرجل ملامسة وجدان المواطن العادي من خلال جلوسه بجانب أمه وأظهرته الصور وهو يقبل يديها في الملعب خلال إعلانه الترشح .. في مشهد من مشاهد البروباغندا السياسية والديماغوجية التي يتقنها جنرالات موريتانيا
رسائل خطاب الترشح
اللقطات المقصودة أريد لها أن تصل للشارع الموريتاني ...الجنرال البار بوالدته سلسل اللسان الذي يمد يده إلى الوطن وللجميع .. في خطاب حمل العديد من الرسائل والوعود .
غير أن الجنرال تناسى أننا نعيش في عصر المعلومات والتكنولوجيا الحديثة وأن العالم أصبح قرية واحدة ولم تعد تلك اللقطات والوعود تنطلي على الشعوب التي تريد من ينهض بها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا لا من يلامس وجدانها ويحرك عواطفها ومشاعرها .
كما أن رفيق الجنرال الغزواني الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز كان قد قدم نفسه إبان الانقلاب على أول تجربة مدنية في سنة ألفين وتسعة نفسه كرئيس للفقراء وقائد النهضة الجديدة التي لم ير منها الموريتانيون شيئا غير زيادة نسبة الفقر وتدهور قطاع التعليم والصحة وانهيار الاقتصاد .. ولم تنجح الصور الجذابة في التخفيف من معاناتاهم .
ترشح وزير الدفاع الحالي وأحد قادة الانقلابات العسكرية أثار الكثيرة من التخوفات لدى قطاع واسع من الشارع الموريتاني .. ولأسباب عديدة :
العلاقة بين وزير الدفاع والرئيس الحالي للبلاد:
https://www.youtube.com/watch?v=IagjpJqOAQc&t=2s
أولها : التقارب بين الرئيس الحالي والجنرال ولد الغزواني فهو رفيقه منذ الإطاحة برئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع الذي حكم البلاد عشرين عاما قبل أن يطيح به المجلس العسكري بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز في انقلاب اغسطس الشهير عام ألفين وخمسة وكان ولد الغزواني نافذا يومها في المجلس ... كما شارك الرجل في الانقلاب على أول تجربة مدنية في البلاد وساعد ولد عبد العزيز في تجاوز الأزمة يومها ... ويخشى أن تكون سياسة الرجل مشابهة لرفيقه لو وصل للسلطة .. فيصبح الأمر أشبه بالاستنساخ واستنساخ التجارب أقرب للعودة بالبلدان لنقطة الصفر وذالك حال موريتانيا منذ دخولها عصر الدبابة عام ألف وتسع مائة وتسعة وسبعين
ثانيا: أن يكون الأمر مجرد صفقة بين الجنرالين وتبادل للأدوار وتمهيد لعودة الجنرال ولد عبد العزيز للحكم عن طريق انقلاب عسكري أو أن يلعب الغزواني دور المحلل الشرعي حتى يصبح من حق رفيقه الترشح لولاية ثالثة كما حدث في روسيا بين فلاديمير بوتين ومدفيديد .
ثالثا: عدم الخبرة السياسية والطباع العسكرية التي يتسم بها الجنرالات خاصة في القارة الافريقية كأن يتحول الرجل الذي بدا طيبا وهادئا في خطابه إلى مستبد آخر يحكم البلاد عقود ويعيدنا للانقلابات العسكرية.
مؤشرات على ترشح وزير الدفاع :
https://www.youtube.com/watch?v=UDNqSCN9Pw8
رابع الأسباب : هي الطريقة التي قدم بها حتى بدأ الأمر كفلم شاهدناه في العرض الأول وسنتابعه عندما يعرض على التلفزيون ... فالرجل ارتقى في نوفمبر من العام ألفين وثمانية عشر من قائد الأركان إلى وزارة الدفاع وبدأ يبسط يده ولمع اسمه في الصحف والشاشات الموريتانية خلال فترة وجيزة .
وزادت تعيينات والترقيات العسكرية منذ توليه قيادة الجيش فارتقى أكثر من عشرين ضابطا لرتبة جنرال في أشهر قليلة وهو أمر لم تشهده الأنظمة العسكرية المتعاقبة على موريتانيا من قبل وربما قل في نظيراتها الإفريقية ..
ومع موجة المأمورية الثالثة التي ضجت في موريتانيا وسخط الشارع إبانها ورفضه إياها تراجع الجنرال الرئيس الحالي للبلاد راغبا أو راهبا ...
وقيل يومها أن وزير الدفاع محمدو ولد الغزواني في طريقه لترشح للرئاسة وبدا الفلم العسكري مكتوبا بطريقة ساذجة جدا ومكشوفا.
وزاد الأمر وضوحا خطابه ومحاولاته تحريك العواطف عن طريق الصور... فالفرق شاسع بين يبر الجنرال والدته وأن يبر بالوطن حالا وسياسة وقيادة ورؤية وتخطيطا ومواطنين ..
..ذالك مما قاله الناس عن المرشح الجنرال خليفة الجنرال الرئيس ... حين شاهدوه يقبل أمه في المدرجات وينظر للكاميرات كي تأخذ اللقطة وتوزعها على وسائل التواصل والإعلام وكأنها جزء من اللعبة السياسية .
موقف المعارضة الموريتانية:
ذالك حال الشارع الاجتماعي .. فماذا عن حال الشارع السياسي في موريتانيا والحديث هنا عن المعارضة المغلوبة على أمرها المختلفة في سياساتها والتائهة في أمر تقديم مرشح موحد من مقاطعة الأمر برمته .
وأما عن فوز الجنرال ولد الغزواني بالرئاسة ... فالجميع يجزم جزم العارف كيف تدار سياسة البلد ... أنها محسومة له قبل أن تبدأ .. وذالك من كتاب تاريخ الانقلابات والانتخابات في موريتانيا حاضرا وماضيا مفتوح لمن أراد أن يقرأه ... فليسأله من يعولون على التداول السلمي على السلطة في البلاد : عن حظوظ الجنرالات حين يترشحون للانتخابات في بلدان تحكمها الجيوش وتدار خلف القصور المغلقة .
إنها مورتانيا في سنينها الخالية بين استنساخ التجارب وتبادل الأدوار في لعبة يتقنها الجنرالات فقط وممنوع الاقتراب منها أو التشكيك فيها .