المعارضة.. رحلة الصعود إلى قمة السفح !! / سيدي محمد ولد ابه

altكانت مسيرة الـ12 من مارس الماضي "فاصلة"، حين رجت الأرض رجا، وكادت "تميد" بمن عليها، تحت وقع صيحات الرحيل المنبعثة من حناجر "الآلاف" من "أنصار" المعارضة "الموريتانية".. يومها توهم الجميع -بمن فيهم نحن- أن ساعة الرحيل قد أزفت، وأن المارد قد خرج من قمقمه، وحبس الموريتانيون أنفاسهم في انتظار انبلاج "فجر الثورة" الذي بشر به حملة الكتاب الأحمر.

وإخوان مهدي عاكف، وليبراليو ولد داداه، وسمسارة "إيناد"، الكل رغم التناقضات "الفكرية" حزم حقائبه، وأحرق المراكب فـ"الثورة" في القاموس السياسي "أن لا يكون إياب".

مرت "المسيرة" بسلام، وانتهت بمهرجان خطابي، لم ينتظره إلا القليل، فـ"المناضلون" كانوا في سباق مع غروب الشمس للحاق بوسائل النقل التي تشهد ازدحاما غير طبيعي مع ساعات المساء، خاصة وأن أغلبهم جاء من أحياء نواكشوط النائية، حيث لا يقاسمهم قادة المعارضة، صعوبة الظروف، وشغف العيش، ومشقة التنقل..

وأسدل الستار على المهرجان بكلمات متقطعة، تخرج من حناجر مبحوحة، تحمل التهديد والوعيد للنظام وأركان النظام، وتنذر من لم يلتحق بطابور المخلفين هذا أن ساعة الحسم قد أزفت، وأن
الويل سيحيق بمن لم يركب آخر عربات القطار المندفع بسرعة إلى مشرق الشمس ..

انفض القادة على موعد من مرحلة جديدة تبدأ بالاعتصامات وتنتهي برحيل النظام، وفعلا صدقنا الوعيد، وحبسنا الأنفاس مرة أخرى، وحان الموعد.. لكن الاعتصام انتهى هذه المرة بطريقة، مثيرة للشفقة، فقد فر "صفوان" وفر "عكرمة" بمجرد ظهور طلائع قوات الشرطة التي جاءت لإكمال المهمة بعد أن أنذرت المعتصمين ثلاث مرات..

قيل لنا حينها إن المعارضة قررت فض الاعتصام حتى لا تنجر إلى صدامات مع الشرطة، مع أنها رفضت الإذعان للإنذارات المتتالية..

وفي صباح يوم "الخندمة" وبعد التقاط الأنفاس رأى فرسان الرحيل أن لا ضير في إعادة التجربة مرة أخرى مع الاعتصامات، وأعلن النفير، وجاءت كل "نفس" معها سائق، لتسهيل مهمة "الانسحاب التكتيكي".. وما إن عنت للجميع سيارات الأمن من بعيد حتى أطلق "المناضلون" سيقانهم للريح، وركب "القادة" سياراتهم باحترافية مذهلة، وأخلوا الساحة في لمح البصر..

هذه المرة سمعنا تغييرا جديدا في الإستراتيجية، يعتمد الصدام الذي كان تحاشيه سببا في فض الاعتصامات المتتالية..

اليوم يوم الجمعة وسيكون المسجد الجامع نقطة الانطلاق باتجاه وزارة الداخلية، في مسيرة غير مرخصة، أراد منظموها الاستفادة من تجمع المصلين، وتجار "نقطة ساخنة" للدفع بأكبر عدد من الفضوليين للمشاركة في "مسيرة الرحيل"..

رفعت اللافتات، واصطف المناضلون "الشباب" وانطلق الموكب، وعلى بعد أمتار تفرق أيدي سبأ، ولم تستطع قوى الأمن- بما لديها من وسائل- اللحاق بـ"المناضلين" الذين يتقنون العدو قفزا وجريا وحبوا حتى، ولم يستوعبوا نصيحة الشيخ بفتح صدورهم للرصاص وهم يكررون "وعجلت إليك ربي لترضى".

بعد أن فشلت جمعة الرحيل" مرتين، بنفس الطريقة التي فشل فيها الاعتصامان، تراجعت"المعارضة" إلى مقاطعة عرفات، وبدأت تتوسل الإذن من حاكم المقاطعة لتنظيم مسيرة كانت أكثر إثارة للشفقة على واقع معارضة ما إن تخطو خطوة إلى الأمام حتى تتبعها بثلاث خطوات إلى الوراء..

اليوم وبعد مضي أشهر على دعوات الرحيل، يبدو أن لا شيئ تغير، سوى أن المراهنين على الأحصنة الخاسرة باتوا يفقدون الأمل شيئا فشيئا في معارضتهم.. في مسيراتها.. في اعتصاماتها.. في"جمعاتها"..

وفي كل ما يصدر عنها من قول أو فعل.. وغدا سيكتشف المخدوعون
ببريق الدعايات أنه لا قمة في السفح، كما أنه ما في القاع إلا القاع

5. يوليو 2012 - 13:35

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا