سيادة ناقصة.. ما لم تَشربْ ساكنة جكني مياهاً صالحة / أحمد جدوولد محمدعموولدإﮒ

تشهد هذه الأيام مقاطعة دكني، موجة من العطش التي تنذر بكارثه محققة، وذلك مع اقتراب موسم الصيف الذي يشتد فيه الحر، وتشرئب فيه الاعناق وترنوا الابصار إلى قطرات مياه تسقي ظمآنا أجهده العطش ..

بوصفي أحد أبناء المقاطعة المنحدرين منها قمت بتلبية نداء أطلقته "مباردة فك العزلة عن مقاطعة جكني"، وحضرت إلى حيث تقرر إقامة الوقفة الاحتجاجية، بحثت عن مقر للوزارة الوصية ممثلة في وزارة المياه والطاقة، فلم أعثر إلا على إدارة  تجارية تابعة لها، وبعد فترة من التِّيهْ والقراءات المتكررة لواجهات بعض الإدارات العمومية أنبأني أحد الإخوة في اتصال هاتفي معه بأن وزيرنا للمياه المقصود بتوجيه المطالب هو الآن في استضافة وزارة الداخلية ففزعت من الأمر!!، ثم تمالكت قائلا في نفسي أمر عادي، قد يكون وزيرنا يخضع لتحقيق معه في أموال كانت قد رُصدت لتوفير المياه لمقاطعة جكني أو غيرها من مقاطعة الوطن ما دمنا نعيش في ظل دولة الشفافية والمساءلة، لكن ما هي إلا لحظات حتى تناهى إلى علمي أن السيد الوزير هو في استضافة تشريف وليست استضافة مساءلة وتحقيق، فقلت كذلك، الحمد لله على هذه الفرصة  التي أتيحت للمواطن البسيط وذلك بلمِّ شمل جميع القطاعات الوزارية في وزارة واحدة تكون شاملة وتوفِّر على المواطن فاتورة التنقل من هذه الوزارة وتلك، وما ذلك إلا انعكاس للنهج "القويم" في السياسة العمومية التي تروم تقريب الإدارة من المواطن.

تجمهر الجميع أمام بوابة الداخلية رغم أشعة الشمس الحارقة، رفعوا اللافتات رددوا الشعارات المطالبة بتوفير الماء الشروب لسكان المقاطعة التي تعاني أحياء كثيرة منها (مثل الصفا والمروة والكارة...) من أزمة مياه حادة بعد أن أحجمت الحنفيات عن أن تجود ولو بقطرة ماء واحدة، وغارت الآبار وضنَّت على أصحابها ولو بنزر قليل من ماء،  الكبير والصغير بُحت منهم الأصوات وتعالت منهم النداءات في سبيل إيصال معاناة إخوة وأخوات حالت العزلة والتهميش دون حضورهم ومنافحتهم أنفسهم عن حقوقهم....، أمام وزارة الداخلية "المكنَّاة بوزارة المياه والطاقة" مارة يتفرجون منهم من يلوِّح بيده ومنهم من يلقي نظرات من طرف خفي، تشي بعدم اكتراث بمعاناة مجموعة من أبناء جلدتهم، ما دام الأمر لا يعنيهم ولا يطالهم بأذى، ومنهم من يؤازرنا، ولسان حاله يقول "لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي"، وقد صدق حدسهم حينما انفضَّ الجمع دون أن ينتبه إلينا أو يهتم بنا أي من موظفي وزارة الداخلية أو طاقم وزير المياه الموجودين بها، ولسان حالهم يقول "القافلة تسير...، لكن هيهات فليعلم السيد الوزير ونائبه وأعوانه أن ساكنة جكني لن تألوا جهدا في انتزاع حقوقها غير منقوصة، لا بنقير ولا بقطمير، ولن تقف عند الحلول الترقيعية التي أثبتت فشلها في سد الخصاص الموجود على مستوى مياه الشرب في المقاطعة.

 طالبنا في وقفات سابقة بفك العزلة عن المقاطعة ولمَّا يُستجب لنا بعد، وها نحن اليوم نعود للمطالبة بإبقاء ساكنة هذه المقاطعة على قيد الحياة بتوفير الماء الشروب وذلك على وجه السرعة  لتلافي أخطار محدقة...، وقبل أن يُروى ظمأ ساكنة جكني وتفك عزلتها  فلا أعتقد بسيادة كاملة لدولة تحترم نفسها على كامل إقليمها، إذا لم توفر تلك الدولة لساكنة ذلك الإقليم أبسط مقوم من مقومات حياته، ألا وهو الماء الذي هو عصب الحياة وأساس وجودها، ألم يقل الباري سبحانه "وجعلنا من الماء كل شيء حي".

 

[email protected]

 

2. أبريل 2013 - 11:04

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا