قراءة لكف الواقع ... / محمد عبد الرحمن ولد الحسن

altقالت المعارضة الموالاة ليست على شيء، وقالت الموالاة المعارضة ليست على شيء، وكل في فلك يسبحون، ويقولون ما لا يفعلون والمواطن حزين حائر عند مفترق طرق لا يدري أي طريق يؤدي إلى مستقبل أفضل.

هناك دعوى براقة يسبح باسمها الكثيرون، و هي محاربة الفساد ، والحقيقة أن محاربة الفساد قضية نبيلة مصدرها الحق ، وهدفها نبيل ، وما منا أحد إلا وينبذ الفساد و يمقته إلا من كان الفساد هو عكازه الذي يمشي عليه ، فذلك فقط هو من يمكن أن يخبئ الفساد معه في كوخه حين يبحث عنه القوم من أجل قتله ، و مع بداية حكم السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز قال في برنامجه الانتخابي أنه سيحارب الفساد ، و يقض مضاجع المفسدين ،

ومنذ ذك الحين و كل الموالين للحكم الحالي يعزفون على ذلك الوتر ، و ما من مناسبة إلا و يفتخرون فيها أنهم قضوا على الفساد ، و لا أدري إن كانوا فعلا يعون ما يقولون أم أنهم كان حين قولهم هذا تحت تأثير شيء ما ربما هو الاكراه المعنوي ، لأن قولهم أنهم قضوا على الفساد فيه نوع من الضحك على الشعب الموريتاني و التلاعب بمشاعره النبيلة ، فالفساد ليس ممارسة فقط ، بل هو فكر اعتنقه البعض في حقبة زمنية ليست بالبعيدة ، و منذ ذلك الحين و هو ينمو و ينتشر كفكر ، و ممارسة دأب عليها البعض ، و ارتبط بها و ارتبطت به ، فصار إما أن يعمل وفقها أو تشل حركته ، و هو ما يفسر اختفاء البعض خلف المجهول .

إن من يقول أنه قضى على الفساد دون أن يعمل عى ذلك لعقدين أو ثلاثة من الزمن هو شخص يحب أن لا يصدق أبدا لأنه قال أمرا مستحيلا ، تحتاج كينونته لعصا سحرية .

لأن نفس الأشخاص الذين كان يقال أنهم مفسدين مازالوا حيث كانوا ، أو في مراكز تتيح لهم تحريك الدمى عن طريق خيوط ، و القضاء على الفساد أيضا يحتاج لتغيير العقليات البائدة التي سلبت هذا الشعب حق الحياة ، و سلبته كرامته ، و أهانته لعقود .

إن محاربة الفساد تحتاج إرادة و وقت ، تحتاج لأشخاص يؤمنون بما يقولون ، و يفعلون ما يقولون .

إن تلاعب الموالاة بمشاعر هذا الشعب ، و هروب هذا الشعب إلى منسقية المعارضة كان يجب أن يجد فيها الحضن الدافئ الذي يواسيه و يعده خيرا ، و يبشره بفتح قريب ، لكن ما كان من منسقية المعارضة إلى أن سلكت هي أيضا نفس الطريق الذي سلكته الموالاة و هو التلاعب بمشاعر هذا الشعب دون خجل أو توان .

فما أن قامت الثورات في العالم العربي حتى تبنت منسقية المعارضة مطلب الرحيل ، كما تبناه الشعب التونسى فحققه ، و الشعب الليبي الذي كان في مرحلة القنوط فحققه ، و الشعب المصري فحققه ، كل هذه الشعوب حققت مطلبها ، و نحن بقيادة منسقية المعارضة فشلنا فشلا ذريعا سيذكره التاريخ للأجيال القادمة فتصفنا بالجبن و التقصير .

و لكني أظن أن كل نشاطات المنسقية الداعية إلى الرحيل كانت درامية و نسبية إلى حد كبير ، و لا أظن حتى أن المنسقية تريد حقا رحيل النظام ، و إنما هدفها فقط هو التشويش عليه ، و إقلاقه ، و ترويج فساده ، لأنها لو كانت تريد ذلك بشغف لفعلت مثل ما فعلت القوى المعارضة في كل الدول العربية التي قدمت كل غال في سبيل تحقيق مأربها .

إن الموالاة واهمة لأنها تظن أن الفساد يمكن استئصاله بين عشية وضحاها ، و المعارضة كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، و الشعب الموريتاني حائر عند مفترق الطرق ، لا يفرق بين الجلاد ، و النصير ، و الحقيقة أن قراءة كف الواقع تقول بأن الشعب الموريتاني سيعرف يوما ما طريقه إلى الحياة ليس من خلال الموالاة و لا المعارضة و إنما من خلال إرادته الحية التي لم و لن تموت .

25. يوليو 2013 - 16:19

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا