مفهوم تجديد الطبقة السياسية في سياستنا المعاصرة ! / أحمدناه ولد أعمين

altكثر استخدام مصطلح تجديد الطبقة السياسية بين مختلف مكونات المجتمع السياسي، فقد وعد به السياسيون في خطبهم مؤيديهم وداعمي برامجهم الانتخابية، وبني المؤيدون عليه آمالا عريضة، معتبرين أنه الخلاص من واقع سياسي أثقل كاهلهم سنين طوال.

والمصطلح مطاط ويحتمل كثيرا من التأويلات، وسنتطرق في سياق كلامنا إلا معنيين، فأحد هذه المعاني نتيجة انعكاس لواقع دولة تتخبط في مسيرة بحث عن مرجعية ديمقراطية صورية، والمعنى الآخر هو خلاصة أبحاث ودراسات قام بها متخصصون في علم الاجتماع السياسي.

لم يأتي استخدام هذا المصطلح اعتباطا في خطابات القادة السياسيين والباحثين عن سبل جذب واستقطاب المؤيدين من النخبة، وليس تغييرًا جذريا لمسار سياسي تقليدي كان يتبعه الأولون وتبرأ منه الخَلَفُ، بل هو محاولة تأقلم مع واقع يفرض نفسه، في زمن تطور فيه الوعي الإنساني والفكر السياسي وأصبح من اللازم التماشي مع متغيرات الواقع السياسي المعاصر التي تلزم تطبيق الديمقراطية كأنجع الطرق للحكم الرشيد، فبدأ الجميع يستخدم المصطلح تعبيرا منه عن تبنيه لسياسة الإصلاح الشامل، وبناء هيكلة حزبية تحفظ لكل المنتسبين والفاعلين السياسيين وجود ذواتهم وتحقيق طموحاتهم وتلبية رغباتهم في المشاركة السياسية الفعالة، وصنع السياسات العامة.

وحسب علماء الاجتماع السياسي فمصطلح تجديد الطبقة السياسية يعني بالأساس إتاحة الفرص وفتح المجال دون تمييز وبمساواة أمام جميع الفاعلين في المشاركة السياسية، من خلال حق الترشح و التصويت في الانتخابات ووضع المسارات السياسية للمجتمع ... أما المعنى الآخر للمصطلح والمستوحى من تجليات الواقع السياسي المعاش، في دولة حديثة المعرفة بالديمقراطية، حيث الفكر السياسي بدائي لدى قادتها السياسيين ومفهوم الديمقراطية مبهم، والنهج العسكري والقبلي هو السائد والمسيطر علي الثقافة السياسية، وكل فكر جديد يتعارض مع الواقع المرير يظل دخيلا بعيدًا عن التطبيق، تحاول النخبة التأثير علي العامة باختيار الكلمات المنمقة والشعارات البراقة والمصطلحات الحديثة في خطبها السياسية العقيمة، لإظهار وجه مزخرف بزيف من الآمال والوعود الكاذبة بغية أن تظهر الحكومة ديمقراطية في زيي حضري نهضوي، حيث التغني بالانجازات وتطبيق الحريات واحتضان الأقليات .. والبناء والتغيير.

وهذا المعني يُرسخ في عقول المواطنين عدم التنافي أو التنافر مع الموروث الثقافي التقليدي، وترسيخ القيم القبلية اللاديمقراطية التي تربت عليها الأجيال السياسية والمتعارف عليها في كل مراحل الحكومات المتعاقبة، والتعالي عليها إثم وجناية في حق المجتمع التقليدي المحافظ، وإجحاف في حق سنوات من البذل والعطاء لتثبيت رواسب من مفاهيم السياسة المحلية في بيئة بعيدة عن المدنية بعد الأرض من السماء.

ولأن تجديد الطبقة السياسية كان وعدا لابد من تجسيده، وأحد معايير ترسيخ مبادئ الديمقراطية الحديثة، كان لابد للساسة المتمصلحين من تقريب مفهوم المصطلح من المواطن البسيط، وترويضه لذوي النفوذ ليتماشى وتطلعاتهم في تحقيق مصالحهم الشخصية، فأخذ القوم بظاهر القول ليجدوا لأنفسهم منفذًا للخروج من جدلية يراد من وراءها رضى الطواغيت ومغازلة الجميلات وفُتات دنيوي يتبرع به المتنفذون لشغل النخبة عن أداء الدور المناط بها، فأخذوا بأن تجديد الطبقة السياسية يمكن تجسيده في تغيير الأسماء والوجوه وتبادل المناصب، ولا مكان للدخلاء.

وهذا القصد لمن أراد الفهم، فإنما هي مجموعة من أصحاب النفوذ ومخلفات السياسة التقليدية، تتقاسم الثروات وتتبادل المناصب، وإما أن تكون جزءا من هذه السوسة التي تنخر في جسم الدولة، فتسمع وتطيع وتترك التنظير أو تكون يساريًا منبوذا محروما من متعة المشاركة في بناء وطنك، ولا برزخ بينهما تحتمي به من جحيم الإقصاء والتهميش .. فإما أن تكون من أقصى اليمين أو يساريا مهلوسا ! ..

 

الكاتب : أحمدناه ولد أعمين، عضو في اللجنة الجهوية لتنسيق العمل الشبابي في انواكشوط، حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ----------------- 22185258 facebook.com/ahmednah

8. سبتمبر 2013 - 8:34

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا