النعمة... وطعن الدولة العميقة / محمد ولد الطيب

altفي المأثور الشعبي "منت الناس أل أتسبك واتخلص وتبكي" وهو توصيف ينطبق تماما علي كل القوي المتحالفة ضد المواطن في الحوض الشرقي بعد هزيمتهم القاسية ـ أمام إرادة قوي التغيير في الولاية ـ, والتي يكابرون في الاعتراف بها كواقع يعز عليهم قبوله وقد اعتادوا نتائج %99,99 المعدة سلفا طيلة حياتهم السياسية.

إن أولاء القلة الذين صوروا أنفسهم بأنهم الممثلون الشرعيون للمواطن وبأنهم القادة وأصحاب السيادة في هذه الولاية ولا راد لحكمهم ولا معقب لمشيئتهم ـ وقد أرادوا لهذه الصورة النمطية أن تنطبع في أذهان الجميع ـ تم لهم ما أرادوا ولحين في ظل غياب المنافس وضعف الوعي لدي مواطن غيب وعيه لعقود من الظلم والتسلط والغبن والإقصاء والتهميش قبل وأثناء الحياة الديمقراطية التي عرفها هذا البلد في ثمانينيات القرن الماضي في ظل الأحكام الشمولية الاستبدادية التي حكمت البلد منذ استقلاله وإلي اليوم. أسس لهذا الوضع وكرسه جيل قديم تسلم بعده الجيل الجديد المهمة بجدارة واقتدار! وارثا منه كل خصائصه إلا ما كان من إباء وعزة نفس فلم تسجل علي أي منهم سابقة معارضة إلا ما كان عن توجيه ثم يؤوب وبسرعة لتصح توبته وتقال عثرته, ولم يؤثر كذالك عن أي منهم أنه دافع عن مواطنيه أو تبنا قضاياهم أو عطف عليهم أو ساعد أو خفف من معاناتهم إلا ما يكون من فتات في المواسم الانتخابية,

إن نمط وأسلوب تفكير القوم ليعبر بصدق عن حالة الفتاة تلك ـ التي نشأت وتربت تلك التربية غير السوية في بيئة سياسية واجتماعية موبوءة جعلتها تميل للعنف وتسعي للانتقام ثم هي تشتكي وتتوجع, ـ حين استتب لهم الأمر وانقاد طيلة ربع قرن ويزيد ظنوا أن الأمر أصبح ضربة لازب, وقد غرهم من الحكام المستبدين إسناد مهمة إنقاذ مرشحي الدولة العميقة لهم ـ حين يضيق عليهم الخناق ـ لنجدتهم,

واليوم وقد شرفوا بتكليفهم من قبل الجنرال ووزيره الأول بدعوتهم في جولة حاسمة بعقلية الجيش الذي لا يهزم لوأد طموح المعارضة في الفوز بعاصمة الشرق وإخراجها من حظيرة الخزان الانتخابي ورصيد الحاكم, فاجأهم ما لم يكن بالحسبان في لحظة صحوة ضمير من ساكنة النعمة, ترجمها المواطن في عموم مكاتب التصويت المختلفة في البلدية منحت الثقة لمرشحي الإصلاح والتنمية معاقبا لائحة الحزب الحاكم في سابقة قد يفهما من يقرأ التاريخ أو يستوعب دروسه وتغيب عن من لا يريد أن يسمع إلا صوته ولا يري إلا ذاته, وهي سابقة أربكت حساباتهم وجعلتهم غير مهيئين نفسيا لتقبل الهزيمة ومن ثم غير مستعدين واقعيا للاعتراف بها, وهو ما حدي بهم إلي تقديم طعن مرتعش ويائس في نتائج الشوط الثاني الذي أقصاهم من المشهد وإلي الأبد علي ما أعتقد, طعن اكتنفته أخطاء قانونية وسياسية وأخلاقية ليس أقلها:

ـ الزج بشخصية بارزة ضمن لجنة الحكماء السبعة منحدر من هذه المدينة في معركة سياسية تسيء إلي مكانة الرجل واستقلاليته وقد كان الأولي تجنيبه هذا الحرج من مشمولين ضمن لائحة تحسب تقليديا عليه في إطار التنافس السياسي المحلي للمدينة

ـ الارتباك وعدم التثبت واستباق الأحداث حيث يشاع في الأوساط الموالية للحزب الحاكم أن الوزير الأول وفي قراءة أولية للنتائج قبل أن يستكمل الفرز أبلغوه بأن التقديرات تشير لتفوقهم فأبلغ الوزير الرئيس لتوه مهنئا ومباركا للفوز, و هو ارتباك يرجعه المراقبون لأجواء الشحن ضمن صراع الأجنحة الذي عرفه الحزب, وهو ما جعل البعض يربط مصير الوزير وحلفه السياسي بنتائج عاصمة الولاية وهو ما يفسر دعوته إلي إعلان النفير في أطر ووجهاء الولاية لإنقاذ الموقف,

ـ النزول بالدعاية السياسية إلي أساليب غير لائقة وغير أخلاقية فقد ظلوا يتهمون المنافس بتهم ويصفونه بأوصاف قد تنطبق عليهم وتصدق في حقهم أكثر من غيرهم, وارتكبوا مخالفات ليس أقلها شراء الذمم..., وقد تبدو دعايتهم مضحكة في بعض الأحيان حينما يحذرون المواطنين من التصويت ل"تواصل" لأن الرئيس قد يزور الولاية وينبغي ألا يكون في استقباله عمدة معارض, وذالك له أصل في قاموس الحزب الحاكم يعرفه أهل النعمة, إضافة إلي ما كان مخططا له من إظهار الشماتة في الداعمين ل"تواصل" لو كتب لهم الفوز عليه وهو ما ترجم بالاعتداء علي منزل السيد سيدي ولد بيدالي أبرز الداعمين للائحة الإصلاح والتنمية, فضلا عن اعتراض مسيرة النصر التي نظمها الحزب والاعتداء عليها بالحجارة وتحطيم السيارات والسب والشتم

ـ ثم قبيل يوم الاقتراع من الشوط الثاني اكتشف بعض المستشارين في لائحة الحزب الحاكم أن اللائحة قد أعيد ترتيبها من جديد ولا يدري أتم ذالك في الأجل القانوني أم بعده!؟, ثم إن التخوين والاتهام المتبادل كان السمة البارزة بين أعضاء اللائحة, مما يعطي انطباعا بأن البلدية كانت علي خطر لو كتب لهم أن يتسلموها وقد خانوا أمانة الحفاظ علي ترتيب لائحة فكيف بما هو أعظم وأخطر !؟

ـ وأخيرا فإن تخيل البعض لنفسه وقد أصبح الفائز والآمر الناهي في بلدية النعمة جعل من الصعب عليه تقبل الهزيمة وتهنئة الفائز أو المبتلي بتسيير البلدية, فظل يندب حظه العاثر, ويبكي مجده الضائع إذ لم يبق أمامه إلا أن يطعن من أجل أن يطعن لعل ذالك يخفف من وطأة الهزيمة وهول المصاب, فكان الطعن هناك في المحكمة العليا وهنا في اللجنة المستقلة وربما لدي رئاسة الوزراء أو حتى عند رئيس الجمهورية من يدري!؟ لعل أيا منهم يسمع أو يشفع فالبلدية تستحق هذا وأكثر!!! سهر العيون لغير وجهك ضائع**وبكاؤهن لغير وصلك باطل.

1. يناير 2014 - 16:58

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا