هل تعيد الانتخابات النقابية ألق الوحدة العمالية؟ / محمد المصطفى الحضرمي

بعد شهر من الآن بإذن الله ستشهد الساحة النقابية على مستوى الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم" انتخابات تجديد المناديب الإداريين والاستشاريين، ومن المؤكد أنه ستتنافس فيها عدة نقابات تعرف من بعضها وتنكر من البعض الآخر.


لن تكون كتابتي عن هذا الموضوع بتلك الرصانة التي يتمتع بها الكتاب، فتلك مرتبة لم أصلها بعد لأنني أعتدت البوح بطريقة بسيطة بعيدة عن التكلف في الألفاظ والعبارات.

قد يتجاوز عدد النقابات المشاركة 10 نقابات كما وقاع في سالف الانتخابات كل نقابة بلونها وشعارها حتى كادت الألوان تنفذ من شدة تقاربها بين النقابات المشاركة.

ما يهمني اليوم هو إعادة الذاكرة إلى الوراء أيام كانت النقابات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة حينها كان العمال على قلب رجل واحد يحس كل واحد منهم بآلام الآخر وهمومه، وعند ما كثرت النقابات انقسم العمال شيعا كل حزب بما لديهم فرحين، وكل واحد يغني على ليلاه فمن كان منهم يبحث عن المصلحة الشخصية والامتيازات الآنية فهناك عناوين نقابية معروفة نصبت نفسها للمصالح الضيقة والركوض وراءها، همها الوحيد ذلك لا تحيد عنه ولا تميل، ومن كان منهم يريد المصلحة العامة والسعي في تحقيق مطالب العمال فهناك نقابة أونقابتين لن يزيدوا على ذلك همهم الوحيد هو خدمة الحقوق العامة للعمال.

سأرجع بعشرية من الزمن إلى الوراء حتى يتذكر أولئك المدافعون الخلص عن حقوق العمال أيام كنا قوة واحدة عشنا بها أياما صعبة تجاوزناها والحمد لله بفضل الله ثم بصمود العمال وصبرهم على صنوف التهديد بل والفصل التعسفي أحيانا، كما حدث في سنة 2005 عسى أن نستنهض الهمم ونجمع شملنا ونوحد كلمتنا على مصالحنا العامة ونترفع عن المآرب الآنية ولن يطول الحديث طويلا فسأذكر هنا بثلاث نقاط:
-        الوضعية العمالية في العشرية الماضية.
-        دروس في الوحدة العمالية.
-        مطالب رئيسية.

1-  الوضعية العمالية في العشرية الماضية:

كان العمال يعيشون في بؤس شديد لا مثيل له وكان أمثلهم طريقة من يستطيع أن يتكيف مع ذلك الراتب الهزيل الذي لا يمكن أن يوفر منه شراء فضفاضة أحرى غيرها، فكان راتب العامل البسيط لا يتجاوز في إجماله بعلاواته وامتيازاته 30000 ألف أوقية ومع ساعات العمل الإضافية التي يؤديها بعض العمال في قطاعات الإنتاج فأجر ساعة العامل المتوسط 82 أوقية بمعدل 208 ساعة عمل في الشهر، أما أن يحصلوا على نصيبهم من أرباح الإنتاج فهذا من سابع المستحيلات فقد كان الإداري المدير العام حينها لا يعرف من العطايا إلا كلمة شدوا الأحزمة، وكانت شقاوة الكدح هي السمت الغالب على محيى العمال، طبعا هذا كان قبل وصول المدير العام السابق: يوسف ولد عبد الجليل الذي حسن من ظروف العمال وأكرمهم حتى سمي بـ"المشعش".

2-  دروس في الوحدة العمالية:
في سنة 2005 دائما انفجرت أزمة المادة: 40 من الاتفاقية الجماعية، وهي عبارة عن علاوة تعويض عن الأوساخ والأعمال الخطيرة والمضرة، وكانت قيمتها آنذاك هزيلة لا تتجاوز 72 أوقية لليوم، امتنعت الإدارة حينها عن إعطائها لبعض العمال ممن يستحقونها، فكان هذا الرفض بمثابة وقود حراك لدى العمال جميعا دون استثناء – إلا من كان همهم الوشاية والنميمة هؤلاء كانوا ولا زالوا يتلونون كالحرباء - حماسا قويا لنيل هذا الحق المغتصب، فكان العمال قوة من وراء مناديبهم وأجمعوا على أن لا يتراجعوا عن حقوقهم.

حاول المناديب بكل الوسائل إقناع المؤسسة بإعطاء العمال حقوقهم فأصمت آذانها غير آبهة بذلك، فالعمال في رأي المؤسسة حينها مجرد دمى لا حياة فيها، يكفيهم عميل أو عميلان لتثبيطهم.

أرسل المناديب إشعارا إلى الإدارة بتوقف العمال عن العمل لمدة 30 دقيقة ابتداء من 9 صباحا نفذ العمال إشعار مناديبهم بكل جدية، فسلت المؤسسة البتار وأرسلت استفسارين إلى اثنين من المناديب في الساعة 11 صباحا من نفس اليوم ليأتي فصلهما  التعسفي في الساعة 13 زوالا من نفس اليوم، كانت رسالة المؤسسة منها واضحة وقوية إلى العمال.

في اليوم الموالي زاد حماس العمال وعجلوا ساعة التوقف عن العمل لتبدء عند الساعة 8 صباحا بنفس المدة الآنفة الذكر فكان فصل سبعة عمال، لن أنسى منهم أبدا ذلك الشهم الذى تقاعد بعد ذلك يدعى: جكه همت، كان حينها قد خدم المؤسسة ما يقارب 38 سنة كفرت بها الشركة في لحظة غضبها، ولم يكن تأثيره علي عن طريق فصله فقط بل بل لسعيه لنيل إخوانه العمال حقهم مع أنه كان من الذين يحصلون عليه.

زاد صمود العمال وكان إصرارهم أقوى فصاروا يتندرون في ما بينهم يمازح الواحد من الآخر بقوله: فلان "لودلي لوكاف بوتيك آن الصبح لاهي ننكز" وزادت لحمة العمال فيما بينهم، وأصبح الفصل لديهم أمرا عاديا يستقبلونه بمحيا طلق، كان إصرار العمال واضحا لا رجعة فيه وكانت عنجهية المؤسسة واضحة أيضا، فقد استخدمت كل أساليب التفرقة وبعثت بمرجفيها ليبثوا سمومهم بين العمال بأن مطالبهم فشلت، وأن الحراك العمالي حراك سياسي إلا أن ذلك كله لم يفلح في شيء.

بلغت المشكلة ذروتها حيث تم فصل 22 عاملا مع اقتطاع ساعات التوقف للعمال الآخرين، واستمات العمال في نضالهم حتى إن إحدى النقابات فصلت مندوبها بعد ما بدر منه ما يشي بخيانته للقضية، وكان قرار فصله في إحدى الوقفات العمالية، هنا بدأت المؤسسة تفكر بمنطق العقل وأرادت العودة إلى للحوار ليتوج ذالك باتفاق يقضي بعودة المفصولين وتشكيل للجنة تقوم بمراجعة المستفيدين من المادة: 40.

طبعا قد يقول البعض أن الاتفاق كان هزيلا إلا أنه أكسب العمال ثقة في أنفسهم ووحدة عجزت المؤسسة عن تفرقتها، وخلق ندية أعادت المؤسسة إلى نهج الحوار بدل التهديد.

3-  مطالب رئيسية:

بعد أن يفرغ العمال من غربلة اللوائح المترشحة وإقصاء النقابات التي لا تحقق المصلحة العامة، على المناديب الجدد أن يحملوا معهم مطالب سأذكر منها أربع مطالب فقط، كمثال لا يستهدف الحصر:

·       إبعاد اسم المؤسسة عن الواجهة السياسية نهائيا فهي مؤسسة للجميع ينبغي أن يحفظ لها احترامها وتاريخها.

·        انتخاب ممثل للعمال عضوا في مجلس الإدارة.

·        منح العمال نسبة ثابتة من صافي الأرباح السنوي من المبيعات، بنسبة 10%.

·        إدخال القرعة في عملية الحج لتمكين الشباب من الحج فبل شيخوختهم طبعا مع الاحتفاظ بالنظام السابق.

2. أبريل 2014 - 10:29

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا