في مقبرة التعليم...احياء يرزقون/ عبدو الخطاط

 خلف ركام سنوات عجاف من غبار السبورة والطبشورتحتفظ دهاليز قطاع التعليم بأجيال من خيرة أبناء موريتانيا منحت زهرة شبابها لخدمة البلاد رغم ضيق اليد وغياب الحافز والنصير،وتتوالى أجيال المعلمين  الأبراروالأساتذة العظماء عبر قناتي المدرسة العليا للتعليم ومدرسة تكوين المعلمين

 إضافة الى قناة التعاقد،ويلتقي هؤلاء في مصب الغبن وضعف المردودية واحتقار الدولة  لهم والتشرذم،فبدل أن تدرك الدولة خطورة وأهمية قطاع التعليم بادرت الى تهميش الأساتذة والمعلمين بعد أن همشوا هم  أنفسهم وأعطو الدنية في حقهم المشروع في الحصول على راتب محترم وسكن لائق. 
 
       ففي الوقت الذي يعتبر المدرس فيه حجر الزاوية في العملية التربوية،ورمزا من رموز سيادة الدولة يعيش الأخير في أرض المنارة ظلام بطالة مقنعة يدفع ثمنها الآلاف من حملة الشهادات العليا والمتوسطة القابعين في قبور جماعية مترامية في قرى ومدن موريتانية لايربط بينها سوى العزلة وارتفاع منسوب الجهل والأمية، وغلاء المعيشة ولا يتحمل نظام معين دون غيره وزر هذه الوضعية وحده بل يشترك معه فيها سلف الأحكام العسكرية المتعاقبة على حكم البلاد منذ الإطاحة بالأب المرحوم المختار،والعبرة ليست في تحميل المسؤولية لهذا النظام أو ذاك،بل في ضرورة إطلاع الرأي العام على حقيقة الوضعية المادية لأساتذة التعليم الثانوي على وجه الخصوص،...

     في يناير 2013 بلغ راتب أستاذ خريج سلك أول 81,000 الف أوقية أي ما يناهز260$شهريا أي بعد الزيادة الجزافية لسنة 2013 فهل يغطي هذا الراتب الزهيد مصاريف أستاذ اعزب لا أب له ولا أم ينفق على نفسه فقط في ظل الإرتفاع الجنوني لتكاليف السكن وغلاء مفرط لأسعار المواد الإستهلاكية؟ اترك لكم حساب الفرق الضئيل في الرواتب بين الأساتذة وفق الدرجة والأقدمية، وننتظر من الدولة أن تنظر بواقعية الى واقع قظاع يحتضر وتتوقف عن تكرار أغنية"التعليم فاشل يا للأسف" التعليم ليس فاشلا ولكن الدولة هي مصدر الفشل توزعه مجانا كلما عجزت عن التعامل مع ملف كالتعليم.

    وقد كانت زيادة 2013 المشكورة كغيرها من قطرات التلقيح الفارطة ترقيعية الشكل وارتجالية لم تتلائم بما فيه الكفاية مع ضرورة إنقاذ الآلاف من المدرسين العالقين بين فكي الضغوض الإجتماعية من جهة والإكراهات المادية التي جعلتهم ضحايا لقروض بنكية ربوية قصمت ظهر الراتب الزهيد أصلا ليبقى الأساتذة أحياء ميتون،حيث لم تحررهم الدولة من مذلة الفاقة فيستريحوا ولم تطلقهم يعتاشوا من الأعمال الحرة وتعفيهم من مسؤولية تربية أجيال لايجدون الظروف  المناسبة للقيام بها... فأذان الى الدولة والشعب أن يبادروا الى إنقاذ الأساتذة قبل فوات الأوان لأن موريتانيا لن تنعم بالتقدم والإزدهار دون أن يتساوى راتب المعلم والوزير..

     وهنا وجب أن نرتفع بالتعليم فوق خلافاتنا السياسية والحزبية، وأن لانربط الحديث عن مأساته بخط المعارضة أو الموالاة ، لأن الأمر يتعلق بأجيال تركنا مستقبلها على كف مدرس لا يملك قوت يومه  بسبب فقره  المدقع الذي فاقمه تخلي الدولة عنه عن سبق اصرار وترصد، وتركه فريسة ظروف لاترحم دون أن تدرك أن بموته سيموت الوطن  فلاحياة لموريتانيا دون أن نبعث الأموات والأحياء من مقبرة التعليم ونمطرهم برواتب سخية وتكوين مهني مستمر يضمن سير العملية التربوية دون قزل أو عوج بعيدا عن شبح الدروس المسائية وبيع درجات التجاوز للميسورين من آباء التلاميذ....

     إن خلل التعليم ليس عصيا على الإصلاح إذا تساوى راتب الوزير والأستاذ وتم تفعيل مبدأ العقوبة والمكافئة وتم فصل   من تعمد التأخر عن الفصل واستثمرت الدولة  في التعليم بإعتباره الضامن ليس فقط لتقدمها وازدهارها بل لبقاء موريتانيا في عالم لا مكان فيه للجهل والأمية والتخلف....إنني أطلقها صرخة استغاثة لإنقاذ الأساتذة والمعلمين فلا كرامة لدولة يهان الأستاذ على أديمها،ولاكرامة لأمة لاتحترم العلماء بغض النظرعن مجال اختصاصهم .....أنقذوا المدرسين قبل أن تحل لعنة التاريخ علينا جميعا ويشملنا رب السماء بسخطه على ما فرطنا في جنب أجيال ضائعة لاذنب لها سوى أنها ولدت على أرض يطحن الفقر فيها المعلم ويقضم الأستاذ....
حفظ الله موريتانيا.

18. مايو 2014 - 10:41

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا