إرهاب يحارب الإرهاب في بلاد المسلمين / سيد محمد ولد أحمد

ستقرأ في هذا المقال وجهة نظر قد تعتبرها من الفضاء الخارجي في ظل الأكاذيب التي تسود العالم العربي والغربي، لكني أعذرك في ذلك، وادعوك بالمناسبة إلى تحمل الرأي المخالف، فالمعركة الموجودة بين آرائنا لا أشخاصنا، وصاحب الحق سواء كان دكتاتوري أو علماني أو صوفي أو وهابي،

 لا يخشى المخالف إن كان يملك الحق الذي يلجمه به، والرأي في الأخير مجرد كلمة منطوقة أو مكتوبة، وليس رصاصة أو همجية، والبحث عن الحق والتحري عنه، هو وحده ما ينفع العاقل في الدنيا والآخرة، فلا ضير حتى من سماع دين النصراني ما دمنا نملك وسائل إجهاض آرائه، فما بالك بما هو دون ذلك..

سقطت اليمن أخيرا في يد القتلة الشيعة الذين يتقربون إلى ربهم بقتل الأبرياء من أهل السنة، سقطت تحت أنظار العالم العربي المندفع إلى أحضان التحالف الدولي ضد داعش، سقطت في وقت شغل فيه الغرب العالم بإرهاب جديد أرجح أنه يقف ورائه.. يعتقد العرب أن سقوط اليمن هين، لكنه لن يكون إلا حلقة تنضاف إلى سلسلة إجرام الشيعة تجاه المسلمين، وربما تكون السعودية أو الكوبت هدفا قريبا للشيعة الذين يعاملهم بعض السذج كإخوة في الدين، وأي أخوة تلك التي تجمع بين القاتل (أهل السنة!) والباحث عن ثأره (الشيعة).. فكل أهل السنة في نظرهم قتلوا الحسين – وحاشاهم- أو رضوا عن ذلك بعدم اتباعهم للمذهب الشيعي السخيف، وسجنوا إمامهم المزعوم، فما حدث في اليمن هو نتيجة لوجود البذرة الشيطانية التي تسمى التشيع فاحذروا أيها الموريتانيون، فما الجماعات الإنفصالية والعنصرية التي تعيش بينكم إلا رحمة مقارنة بهؤلاء المنافقين الشيعة، الذين يتخفون كالخفافيش قبل الإنقضاض على ضحاياهم لإمتصاص دمائهم..
ولا يفتك أخي العزيز تعامل الإعلام العربي الموجه من الغرب وإسرائيل والإخوان السياسيين كما أسميهم مع قضية اليمن، فقلة تركيزه عليها تدل على انها قضية عادلة بعكس التركيز (كتركيز الجزيرة) على قضية الإخوان في مصر التي تخفي ما ورائها من الشبهات. والإعلام الصادق المتحدث بصراحة عن هموم ومشاكل المسلمين هو في راي منحصر في بضع قنوات منها قناة الصفا المتخصصة في الرد على الشيعة، وخصوصا برنامج "ستوديو صفا" الذي يبث في السادسة مساء من كل مساء، وفيه الأخبار الحقيقة لما يجري في سوريا والعراق، واتصال مباشر مع المجاهدين (وأعجب من ترك الإجرام العالمي المدعوم من الحكومات لهذه القناة مفتوحة)، وقناة البصيرة وهذه متحاملة أحيانا على الإخوان لكنها تفضحهم، وتناقش قضايا التشيع والتصوف وكل الإنحرافات المعروفة، والذي يتابعها يستفيد ويتعلم، أما الثالثة فقناة البرهان وهذه عندها برنامج يبث السادسة مساء يتكلم عن داعش وحقيقتها، أنصحك بمتابعته لمعرفة ما يجري، وإن كان يركز على ثني الشباب السعودي عن الإنضمام إلى داعش، أكثر مما يركز على قضايا الأمة عموما..
هذه هي القنوات الوحيدة التي تقول الحق (مما يدلك على أننا في زمن غربة الإسلام)، أما غيرها فمجرد أكاذيب، وشبهات، ومؤامرات على الأمة، وحديث بلغة أعدائها وأزيائهم وعاداتهم، فهو إعلام لا يخدم مصالح الأمة ولا يتكلم باسمها، ولا يحمل هم دينها الذي به وحده عزتها، والمؤسف أن الكثيرين تشربوا هذا الإعلام حتى لتكاد ترى الأطفال الرضع يتابعون نشرة أخبار قناة الجزيرة في نواكشوط..
ومما يدلك على أن الإعلام موجه، والعقول منكوسة أن مثل هذا المقال قد لا ينشر في بعض المواقع، بحجة أن أفكاره شاذة، نعم شاذة، ولكن عن الباطل الذي حولكم إلى أتباع للشيطان إما عن جهل أو تعمد، فإذا كان الرأي محترما كما تزعمون، فما الذي يضر من الإطلاع عليه؟ ألا تبا للنفاق والعمالة، اللهم اشغل كل عميل ومساهم في خذلان الأمة بنفسه، وأنصر الإسلام والمسلمين، ونج المسلمين من البدع والشبهات، ولا تمكن لأعدائهم ومن والاهم من التافهين..
وقبل الدخول في هذا المقال اعتذر لك أخي القارئ فهي صيحة مسلم يرى الفساد والتخريب يستشريان في جسد أمته الحبيبة، فاقبلها مني وتقبل اعتذاري عن أي لفظ وإساءة لا أقصدها..

أخي المسلم، لقد كانت الأكاذيب والمؤامرات على مدى قرون طويلة أحد أهم سبل أعداء الإسلام في سبيل تغطية الشمس بغربال مخروق.. واليوم تضرب أمريكا وأوربا المتقدمتين تقنيا وماديا،  في تعاملها مع الإسلام والمسلمين أسوأ مثال للتحضر والإنسانية، فلا رائحة للعدل والصدق في أخلاقيات القوم الذين ذهب السكر بعقولهم، ولا أخلاق في حضارتهم البراقة المبنية على الفحشاء، ومن يكيل بمكيالين لا يمكنه أن يكون متحضرا بحال من الأحوال بل هو منافق خسيس، والمنافق في الدرك السفلي من النار، ومن أعين كل الناس..
ولا أعتب عليهم في نفاقهم ذلك، فإذا لم يجندهم قائدهم إبليس فمن يجند غيرهم في الوقت الحالي؟ لكني أعتب على أناس من بني جلدتنا تفاوت عداؤهم الغبي لدينهم، فمنهم من عبد شيوخ البدع من متصوفة ومتشيعة، فكره أهل الحق (وسمى بعضهم زورا وبهتانا سلفيين أو وهابيين، واقبل هذا أو ارفضه، ذلك شأنك، لكني أنصحك بعدم قبول خبر الفاسق قبل التبين كما أمرك ربك الكريم في القرآن)، وصم آذانه عنهم، وساهم في الحرب عليه، والسكوت والشماتة عند رؤية أوجاع أهله، وآخرون نجح الغرب في تحويلهم إلى آليين غربيين يكرهون الإسلام ويحتقرونه، ويرون فيه سخفا وتخلفا وكبتا لشهواتهم الحيوانية، كالعلمانيين والليبراليين وغيرهم من أشباه المفكرين، تعسا لهم، وسحقا لمن يحبهم..
إن الحقيقة أن أوروبا قد هربت من البرد والأوحال إلى المشرق منذ قرون طويلة، فعاشت فيه كالقرصانة البرية والبحرية، تشن الغارات على أهله الآمنين طمعا في إخماد جذوة الدين، فأصل المسيحية من الشرق، وفيه أيضا ما لا يوجد عندهم، فيه الشمس الساطعة، والهواء اللطيف، والدفء، وعلى مدى قرون طويلة قاد إبليس قساوسة أوربا وقادة جيوشها إلى المشرق من أجل القضاء على الإسلام فيما عرف بالحروب الصليبية المستمرة حتى اليوم، وآخرهم بابا الفاتكان الذي صرح بمشروعية قتال داعش في بلاد المسلمين! وهل يحق لنا نحن قتال المنظمات الخارجية في بريطانيا أو إسبانبا على سبيل المثال؟
وطبعا كان للخداع والغدر وشراء الذمم أكبر دور في تلك الحروب، لكنه آتى أكله في القرون المتأخرة. لقد أدركت أوربا أن الدس والإفساد هما السبيل الأفضل إلى التمكن، خصوصا في ظل سذاجة أغلب المسلمين، وتقاتلهم على الملك، وبعد الهزائم المتتالية التي منيت بها في مواجهة المسلمين عندما كانت تواجههم بالرجولة دون المكر، فلم يثبت لها قدم في المشرق حتى عهد قريب، وإني لأعجب من هذا الإصرار العجيب على الظلم الذي يتعرض له المسلمون المسالمون الذين لا يرجون للناس إلا الهداية والخير!..
فبدأ قلب الحقائق، والكذب والخداع واستمر حتى بعد أن أصبح الغرب قوة عظمى، والغريب أن نرى وحشا كاسرا (كأمريكا مثلا) يتبع أساليب الخداع قبل الإنقضاض على ضحيته الآمنة؟! والسبب في رأيي هو أن الإسلام الصحيح – لأن أكثره غير صحيح -، قوة لا تقهر، فكان لازما أن يلجأ الغرب إلى النفاق والكيل بالمكيالين المعروفين من أجل القضاء عليه، ونهب المسلمين.. فأوروبا القرون الوسطى رغم تواضع إمكانياتها العسكرية كانت تعتمد على المواجهة المباشرة في حربها مع الإسلام، أما بعد قرون من مواجهة الحق فقد عرفت بالتجربة أن الكذب والمؤامرات يضعفانه ويسهلان مهمة الهمجية الدموية المباشرة، فاعتمدوا على تلك الأساليب الملتوية (متبعين الشيطان الذي كاد لقريش كيف تقتل النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم في صورة شيخ ودلهم على اختيار فتى من كل قبيلة حتى يذهب دمه هدرا بين القبائل، أما هؤلاء فربما يكون قد جائهم في صورة عاهرة في الحانة التي لا يخرجون منها وهم مخمورون! ودلهم على هذا المكر المتواصل حتى اليوم)، وإذا أردت مطالعة ذلك فأقرأ تاريخ المسلمين الحديث، وسترى كيف عملوا على تغيير المسلمين فكرا وشكلا، وكيف نجحوا في ذلك إلى أبعد الحدود حتى صار من بني جلدنا اليوم من لا يعرف أسس حضارته، ولا نبيه، ولا قرآنه، ويقدم على ذلك كل زيف وضلال، بل يتجرأ على أحكام الله ورسوله (كما يفعل العلمانيون التعساء وأضرابهم)، وأسأل نفسك هل يقدر الحوثيون (والشيعة في اليمن لا يصلون إلى 25 بالمائة من السكان) أن يصنعوا لأنفسهم موطأ قدم في دولة عربية كبرى، لولا التآمر الدولي والمحلي على الإسلام، كذلك إذا عدت إلى الوراء تأمل في هزائم العرب في مواجهتهم لحفنة من اليهود الجبناء، وسيتبين لك أن المؤامرات والخيانة كانت أهم أسباب وجود إسرائيل اليوم، وتأمل في الزعامات الكرتونية التي أعقبت الإستعمار والهزائم العربية، تجدها طبولا فارغة، أبعدتنا عن ديننا، وأضعفتنا بظلمها واحتقارها لنا، وفجورها في الخصام والشهوات، ولا أحد يجهل أن هذه المؤامرة الممتدة يحرك خيوطها أعداء الإسلام في الغرب والشرق إلا غبي أو غافل، وصدق من قال بأن التصوف هو أفيون الأمة، فالأمة التي تشكل أدعية الصوف لباس معظمها، سكرى من تلك الشطحات والخزعبلات، لا هم لها إلا طلب الرزق والإستشفاء من المشايخ الأحياء والأموات، ورجاء أن يتوسطوا لدى رب العالمين لإدخال أفرادها المتسولين في الجنة، وإذا أدخل معظم أولئك الشيوخ أنفسهم في الجنة هي كرامة!، فالجسد المريض لا يقوى على المشي فكيف بمقارعة الأعداء، وهؤلاء مرضهم هو سوء فهمهم للدين وانحرافهم عنه، فضلوا فأضلهم الله..

ساتحدث عن "داعش"، الذريعة الغربية الشيطانية الجديدة لضرب الإسلام والمسلمين، وقبل أن أتحدث عن كونها جماعة خارجية ضالة، أتساءل ببراءة: هل يعقل أن يلجأ المنتصر في الحرب إلى استثارة وحش محايد ساكت عنه، يمكنه أن يقلب الكفة عليه؟ لا، الأمر مستحيل في الظروف الطبيعية، وممكن في أجواء التدليس واحتقار عقول الآخرين، هذا بالضبط ما فعلته داعش، فقد عملت لصالح الشياطين الغربيين، وبتوجيه منهم. ففي لحظة ضعف بشار الأسد، واقتراب المجاهدين من أسوار بغداد، تحولت داعش إلى شمال العراق لتقتل بعض الإيزيديين وتستثير الصليبيين، وإلى استثارة الأكراد، كما لم يثبت صدق جهادها ضد اصل المشكل كله وهو النصيريين والشيعة الكفرة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال عن الخوارج "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، واستجاب "أوباما" الأصم الذي لم يسمع صيحات المذبوحين من أهل السنة في سوريا والعراق، لإستغاثة الأيزيديين الكفار، ثم ذبحت الجماعة بطريقة لا إنسانية ولا إسلامية أفرادا من الغرب من دول مختارة بعناية كأمريكا وبريطانيا مؤخرا، من أجل ماذا؟ طبعا من أجل حصولهم على ذريعة لضرب المسلمين في أراضيهم المستقلة..
وهذا الإجرام الأمريكي يدفعنا إلى التشكيك في سقوط البرجين، فمن يدري قد يكونوا هم من وراء ذلك لإسقاط العراق وأفغانستان وتشويه الإسلام بوصمه بالهمجية، فلا رحمة في قلوب هؤلاء، وداعش إذا كانت تعمل معهم – وهو أمر غير مستبعد، فقد قتلت رعاياهم برضا منهم، واعتقد شخصيا أن حفنة من الصهاينة تتحرك في الخلفية الأمريكية والغربية تدبر مثل هذه الأعمال الإجرامية لدفع الوحش الأمريكي إلى تحقيق مآربها الخبيثة وأهمها إضعاف المسلمين والقضاء على الإسلام وتقوية السرطان الإسرائيلي المتنامي على الجسد الإسلامي.. ولا ادل على ذلك من تجاهل فرنسا اليوم لإستغاثة مواطنها المهدد بالذبح من طرف داعش، إن كان النبأ صحيح، فمثل هؤلاء يدفعون العاقل إلى التشكيك في كل شيء يخصهم، خصوصا إذا تعلق بالحرب على المسلمين..
نحن أمام حفنة من المتآمرين سمهم ما شئت (صهاينة، يهود، متطرفون) لا هدف لهم إلا التخريب، وعلى المصلحين والصادقين في أمريكا – وهم موجودون بل وكثر، أن يطهروا بلدهم من هذه الجرثومة لكي يرتاحوا ويريحوا، وإلا فما دامت تلك العقارب موجودة ومتحكمة، فلن نرى غير القتل والدمار، وانظر إلى مجلس الأمن أصبح مجلس ظلم بسببهم، وانظر إلى الكيل بمكيالين ففي الوقت الذي يتركون فيه الحوثيون يتقدمون نحو صنعاء مهددين شعبا سنيا بأكمله، وبشار المجرم يستعيد أنفاسه، وميليشات العراق تقتل أهل السنة وتنضم إلى الجيش النظامي العراقي الذي أصبح يؤوي المجرمين، كمكافأة لها وتشجيعا على المزيد من القتل والإرهاب الحقيقي! نراهم يتحركون لحرب المجاهدين في سوريا والشام بحجة داعش، وما أسرع تحركهم الذي إذا رأيته فأعلم أن الهدف إسلامي صرف، أما التباطؤ والتواني وتصريحاتهم المتتالية المنافقة فلا تدل إلا على أن المسكوت عنه إبليسي خبيث، أما دعايتهم النتنة وهي "أنهم يقاومون الإرهاب"، فهم أهل الإرهاب كله، وكل من يسكتون عنه كالصهاينة الذين لمّا تجف دماء غزة التي أسالوها، وبشار الوحش الذي قتل الآلاف، والحوثيون الذين قتلوا ويقتربون من إبادة أهل السنة في اليمن، فهؤلاء لا يصنفهم الغرب المنافق حتى كجماعة إرهابية! فما هو الإرهاب يا ترى؟ هل هو كل ما يعادي الصليب المعقوف..

من هم الدواعش لا بارك الله فيهم ولا فيمن أحبهم، هل هم من الخوارج الذي يقتلون المسلمين ويدعون الكفار، وهذا ما يفعلونه في سوريا والعراق، فبأسهم على المسلمين وقادة المجاهدين الذين عجز النظام عنهم، يذبحونهم بسكين الغدر والجهل والعمالة..
فمن هم الدواعش قاتلهم الله؟ هل هم عملاء للنظام السوري والغرب، لقد حدث أحد المشايخ بأن بعض من قتل من قادتهم وجدوا على ذراعه "يا علي"، "يا حسين"!! وقال إن علمهم الأسود المكتوب عليه "لا إله إلا الله" هو علامة للجيش النظامي لكي يتفادى ضربهم، والدليل على ذلك أنهم كانوا في حوار مع فصيل إسلامي، فاشترطوا من بين ما اشترطوا أن يتم تعليق علمهم على المكان، والسبب: ليراه جيش النظام فيعرف أنهم فيه فلا يقصفه حتى يغادروه..
فمن هم الدواعش أبادهم الله، كيف يقبل أي شاب - أو شابة جميلة عاقلة- دعايتهم الكاذبة عن الجهاد، وهم يفعلون ما يفعلون اليوم، على غرار ما كانت تفعله القاعدة التي كانت سببا في تحطيم دولا إسلامية كبيرة كما هو معروف، هذا إن لم تكن كذبة أمريكية كبرى كداعش اليوم..
وهنا نفرق بين رؤوسهم، فالرؤوس في معظمهم مخترقون، إما عملاء يعملون وفق أجندة الغرب الكافر، وإما حجار جهلة خرجوا من ضئضئ الخارجي الأول، قادهم الغباء والجهل إلى تجهيل علماء الأمة البارزين، واعتبار عوامهم كفار يجوز قتلهم كأنهم لم يسمعوا بالآية الكريمة: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما"، فو الله ثم والله، إن الأنعام لخير ممن يقرأ هذه الآية ثم يمد يده إلى مسلم آمن بالقتل، ولو كان أفسق الناس، أو ينوي ذلك..
وهناك صنف منهم ربما يكون أهله أكثرية في هذا التنظيم، هو صنف الشباب الحمقى المندفعين، وهؤلاء أيضا صناعة أمريكية، فهي بظلمها سبب كل ما يجري اليوم من خراب، هي من صنع هذا التطرف إما بالتدبير الخفي المباشر له، وإما بالظلم الواضح الذي ضاق به بعض الشباب المتحمس الجاهل الغيور على دينه، حتى أصيب بجنون القتل فقتل إخوته المؤمنين، والنصارى الآمنين! واندفع إلى أحضان القاعدة وداعش يبطش ويذبح، ومثل هؤلاء بدورهم إما جهلة، أو محبون للشهرة والمجد، يعتقدون – مثل الصوفية تماما- أن في عبادة الله بغير ما شرع فائدة، قبلوا قتل الأبرياء، وظن بعضهم ممن أطلق لحيته وقص عقله، بأنه أعلم من الشيخ الددو!
فهذا الصنف تعتمد عليه داعش لأنه آلة التنفيذ، وقد تكذب عليه وتغرر به، كما حدث في هذه الحكاية التي يرويها شيخ سعودي، ومفادها: أن سعوديين غادرا السعودية وتفرقا في لبنان ثم انضم أحدهما إلى داعش، والآخر إلى تنظيم آخر، وبينما هو يقاتل البشمركة، في ظنه، إذا بزميله في وجهه، فسأله عما يفعل، فقال له: لقد أخبرونا – يقصد قادة داعش – بأننا ذاهبون لقتال البشمركة، فقال صاحبه: نحن فصيل اسلامي مثلكم، ولسنا من البشمركة!..

لقد فرحنا جميعا بصلابة الجيش الحر وانتصاراته المتتالية على الأسد رغم التفاوت في القوة، كما فرحنا بهبة السنة في العراق واقتراب أهلها من أسوار بغداد، ولكن داعش أعادتنا إلى الوراء باستجلابها لأمريكا وجيوش الظلام لتكبح انتصارت أهلهنا، ولا هدف لأمريكا غير ذلك، الظاهر أن داعش تعمل ضد الإسلام والمسلمين، وستكون سببا في تشتيتهم من جديد، لكن إذا كان هذا هو الرأي في داعش فما هو الرأي في أم داعش التي تسمى "ماما أمريكا" وأتباعها؟
إن الصهيونية العالمية التي تكره الإسلام تحرك الغرب منذ القدم وحتى اليوم ضده، فهي المتحكمة في العبد السابق "أوباما"، وأمثاله في العواصم الغربية، وفي الإعلام الغربي الذي يسيء إلى الديمقراطية العفنة في مسقط رأسها، وفي السياسة الخارجية التي تسيء إلى الآخر، وتظلمه في أبسط حقوقه: "الحرية"، والحق في ثروات بلده..
والشعوب الغربية فيها البسيط والعادل ومحب الخير ككل الناس، لذا كان لازما أن يرافق الحملات الصليبية دعايات مغرضة ضد المسلمين، فرافق ضرب العراق ما حدث للبرجين، وكذبة أسلحة الدمار الشامل المعروفة، وكلنا نعرف أنها ترقد في المخازن الغربية والروسية والإسرائيلية، ولا أحد يفتح فمه لا منا ولا منهم! ويرافق الضرب اليوم ذبح أبناء ذلك الشعب المسكين، بل زيادة على ذلك أرسلوا القاعدة وداعش تذبح الناس حتى في الصحراء المالية، كل ذلك حتى ينفروا شعوبهم الغبية من الإسلام، ويدفعونها إلى الصمت عن الجرائم التي ترتكب ليل نهار ضد المسلمين الضعفاء العزل كالجريمة الإسرائيلية الأخيرة التي قطعت فظاعتها ذلك الصمت، فتعالت الإنتقادات، مما دفع العقل الشيطاني المدبر إلى اختلاق مسرحية جديدة مفادها أن إسرائيل الرحيمة ستسهم في إعمار غزة!! فيا الله، ما هذا الكذب والخداع؟ بل وصل الأمر إلى أن رئيسة الأرجنتين تلقت تهديدا من داعش بإفساد مكياجها بسكين!، وهذا يقودنا مباشرة إلى فكرة وجود يد دولية (صهيونية) مقتدرة تخطط لكل ما يجري من أجل تشويه المسلمين وحث العالم على تدميرهم بدون رحمة..
فهم يكذبون لأنهم لا يثقون في ولاء شعوبهم المطلق لهم من جهة، ومن جهة أخرى ليستمر إفساد الإسلام في نظر شعوبهم المتعطشة إلى معرفة خالقها، الباحثة عنه بفطرتها، وليستمر نهب ثروات المسلمين، فمن يرى من تلك الشعوب في الإعلام صورة الداعشي المجنون وهو يحز رأس نصراني مسكين مرددا التكبيرات، سيكره الإسلام ولن يفكر في الدخول فيه؟ فهل يفعل هذا مسلمون؟
كذلك من رأى بأم عينيه مشهد البرجين ينهاران بفظاعة مقززة على الأبرياء في نيويورك في 11 سبتمبر الشهير، لن يحتمل الإسلام أو المسلمين، هو إذن تشويه ممنهج للإسلام والمسلمين، وظلم وحشي متعمد لهم، فكل ما تفعله هذه التنظيمات – التي لا يعلم حقيقتها إلا الله- مسيء للإسلام خادم للمصالح الصليبية، مبرر للتدخل العسكري في بلاد المسلمين، أفلا يحق لنا أن نشكك في عمالتها؟ لأن العاقل لا يستثير ماردا نائما عنه كما فعلت داعش مع أمريكا في سوريا والعراق، فما الذي تريده داعش والقاعدة أقعد الله الجميع في قعر جهنم؟..
والمؤسف أن بعض شبابنا يندفع في ذبح الأبرياء من المسلمين والنصارى وغيرهم، ولا يدري أنه بذلك يسيء أولا إلى نفسه، فكل علماء الأمة المشهود لهم بالعلم ممن لا يختبئ في الكهوف – كعلمائهم- ، يفتون بحرمة القتل الظالم، فيعمل ذلك الشاب المغرر به على خدمة قادة مجرمين، يخدمون أهداف الصهيونية العالمية كما هو واضح..

لكننا نعلم أيضا أنه حتى لو لم تقم داعش بما قامت به، لتدخل الغرب لضرب الإسلام كعادته، فما داعش إلا حجة، يمكنه خلق ألف من نوعها، وما لم تتغير نظرته إلى الإسلام والمسلمين فلن يتغير شيء، وكيف تتغير وهي تنمو كشجرة ملعونة منذ أكثر من عشرة قرون، تغذيها تلك الطائفة التي تعمل في الخفاء لشيطنة الغرب والمسلمين..
لكن المهم أن نعلم نحن أن هذا هو المكتوب علينا، أن نبتلى بالإمبراطوريات الصليبية العفنة التي قدمت إلى عالمنا المتحضر من غياهب البرد والفسق والظلام، ثم عادت في شكل الإستعمار الحديث بعد أن طردت شر طردة، ثم ها هي اليوم تراوغنا مراوغة الثعلب الماكر لأن الكذب الذي يسمونه "سياسة" هو المستشري اليوم، لكن دين الله هو المنتصر في الأخير، وقتلانا الصادقين في الجنة، وقتلاهم في النار..
ومع هذا، أسألهم: ألا تعلمون أنكم ظلمة أيها اليهود والنصارى؟ ألستم بشرا؟ ألا ترحمون؟ حقا إن من أضل الله فلا هادي له، لماذا الإساءة إلى الساكتين عنكم، البعيدين منكم، والتدخل في شؤونهم، واحتلال بلدانهم، ألا تدركون أنكم تخدمونهم بتسهيل الشهادة عليهم أيها الكفار الأغبياء؟..

إن الجميع ينتظر إفشال الثورة السورية - وكذا العراقية - التي شارفت على النصر، بدليل هذا التدخل الغربي المزمع لإعانة الظالمين كالعادة على المظلومين.. لقد انتظرنا من مجلس الرعب أن يسن قانونا ينصر الأبرياء في سوريا والعراق، فلم يفعل، وانتظرنا من "أوباما" أن يسمع صراخ الحرائر المغتصبات، وأن يرى دماء المسلمين المسفوكة فكان أصما أعمى، وهو اليوم أضل سبيلا، يحشد العالم المقزز المتقزز من ذبح عملائه الدواعش للناس، من أجل ضرب المجاهدين الحقيقيين، وإطالة أمد النظام السوري والعراقي الشيعين، بل ربما السماح بانتصارهما، وعودتهما مجددا إلى اضطهاد المسلمين، وهذا غير مستبعد فالعالم كله اليوم يقاتل إلى جانب الظلم..
وكالعادة يتدخل الغرب الكذاب الآفاك بدعوى محاربة الإرهاب، فهل ما فعله بشار لا يعد إرهابا، هل ما قام به المالكي الحاقد لا يعد ارهابا، هل ما يفعله الحوثيون في اليمن لا يعد إرهابا؟
احذروا أيها الأمريكيون فإن الحقيقة القادمة إلى كل جاهل غافل عن دسائسكم هي: "أنكم أنتم أصل الإرهاب، فقد صرتم مكشوفين"..

أخيرا لنقف وقفة مع الإعلام العربي – الذي لا أثق في معظمه -، لاحظ أن حديثه اليوم هو عن داعش وحدها، وبأسلوب أمريكا وأذنابها المقزز، الكل يعمل على شيطنة داعش إلا ما رحم الله، ولا أحد يتحدث عن المؤامرة التي تحاك ضد الإسلام، والتي هي أولى بالحديث من داعش، فما داعش إلا وسيلة من وسائلها، فهي الهدف الأكبر الذي يجب أن يتفطن إليه كل عاقل مخلص، لكن الجميع مشغول بأضحيات داعش للشيطان، مبارك لضرب أمريكا لها كأن فيه خلاصه لا عبوديته للغرب، كما بارك من سبقهم الإستعمار وصفق له من الملاعين الهالكين من غير التائبين، وللقانون الغربي الوضعي الأجنبي، وللأزياء المنحلة والعادات الغربية، وللغات الغربية..

إن عدم معرفة المسلم اليوم لأبعاد المؤامرة التي تحاك ضده، لا تبرير له إلا "الغباء"، أو أن عقله تمت إعادة فرمتته (تهيئته)، وأن وصف "مسلم عاقل" قد بدأ في التقلص والتلاشي – وهذا الواقع للأسف-، حتى أني قرأت اليوم ناقدة مصرية تقول عن المسلسلات الدينية، لا أحب تسميتها بالدينية، يجب أن تسمى التاريخية، فانظر إلى الحقد على الإسلام واحتقاره الذي بلغ درجة حسد أن تحمل المسلسلات السخيفة اسم "الدينية"؟! وانظر في المقابل إلى حبهم للكفار وللغاتهم ولعلومهم، بل كثير من الأسماء قد تخدعك اليوم إن كنت غافلا، رأى أصحابها في هذا الدين العظيم نقصا، واحتقروه جهلا وعمالة، وفضلوا عليه سبيل الغرب الماجن، وليس عجبا أن ينال أصحابها تقدير العلمانيين والغربيين، فنجيب محفوظ كتب رواية عن الأنبياء ساخرا منهم ومن خالقه (الحرافيش)، فنال جائزة نوبل الغير مباركة، وطه حسين أسهم في الطعن في لغة القرآن، وفي القرآن نفسه (قال إنه من النثر الجاهلي)، فسمي "عميد الأدباء" والأولى أن يسمى "عميد الأغبياء" إن لم يكن تاب! وتوفيق سمي حكيما وقبعته أحكم منه، ونزار قباني الماجن الذي أثار بقصائده الكثير من الشباب كما تفعل الأفلام الماجنة، بلغت به الوقاحة في شعره إلى درجة الإستهزاء بثوابت الدين، والأمثلة كثيرة جدا.
هذا في الجانب الأدبي والفكري، أما جانب السلطة، فقد حكمنا حثالة من العملاء ولا يزالون، بحجة أنهم قادة عسكريون أو غيرها من الحجج الواهية التي ليس من بينها ولا مرة حجة الإيمان القوي أو الديمقراطية السخيفة، قضوا على روح الإسلام، وأعادونا إلى الوراء، ووالوا أعدائنا وتبعوهم في كل ما نعقوا به، وسلموهم ثرواتنا وتقاليدنا وإسلامنا في مقابل السكن في قصورهم الرئاسية، ومعروف أن معظم الدول العربية واكبت تحضر أوربا، ولم تكن متخلفة عنه كثيرا، كان بإمكانها تداركه لو لم تلعب الأيدي الخفية والمؤامرات لعبتها القذرة في تأخيرها، وقلب مفاهيمها، وأول ذلك "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة" كما قال الزعيم السادات، عامله الله بما يستحق..
 

23. سبتمبر 2014 - 23:45

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا