ليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه / يحيى بن الشيخ محمد الخضر

لا يخفى على من له أدنى اطلاع بأخبار العلم وأهله فى العالم الإسلامي من شرقه لغربه ، ما للمحدث الحافظ المتفنن فى العلوم الشيخ محمد الخضر بن مايابى الجكني الشنقيطي رحمه الله  من الشهرة والحظوة والقبول عند الكرماء، والعظماء والعلماء ، وما كان له من دروريادي فى العلم والعمل،

 وما خلفه لأهل شنيقط من صيت حسن فى كل مكان حيثما حل وارتحل هو وابنه العلامة محمد الأمين،
كما لايخفى ما تركه من ثروة علمية ومعنوية ومجد أثيل وشرف لا يطاول
تلك  آثارنا تدل علينا = فانظروا بعدنا إلى الآثار =
ولا يكابر فى المحسوس إلا ممسوس أومهووس ،
ولايزيده ولا يشرفه حديت محدث فى إذاعة أوتلفاز، أوغيرها، و إنما الشرف والفخر والتوفيق أن يوفقك الله لتبلغ الرسالة وتؤدي الأمانة وتصدق قولا وفعلا فتنشر المعروف وتطوي المنكر فتنزل الناس منازلهم فتعطى كل ذى حق حقه ، خصوصا إذا كان صاحب الحق عالما كبيرا ذا مقام محمود معلوم ،
وقد قال صلى الله عليه وسلم : (  ليس منا... من لم يعرف لعالمنا حقه ) ولا يضره تجاهل متجاهل أو تحامل  متحامل .
العرب تعرف من أنكرت والعجم
أما أ ن تنكر المعروف وأهله وتتجاهله وتحرف عمد اوإصرارا  فذلك  شيء مؤسف ،
إن للعار فاخشها موبقات     تتقى مثل موبقات الذنوب 
إذا لم يكن عون من الله للفتى= فأول ما يجنى عليه اجتهاده      
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها
أما الشيخ محمد الخضر فمقامه أرفع وأسمى وحاله كما قال أحد تلامذته  .
سما بك المجد فى أعلى ذرى الفلك   =   وحط شانئكم فى أسفل الدرك .
إذا قلاك أناس لا خلاق لهم      =        فإنما أنتم مأوى لكل ذكى .
وإن جفاك العدى لادر درهم     =     يا بحر علم فكم وافاك من ملك.
كم قد رأوك وقد خارت عزائمهم  =  فأدبروا بين مخذول ومرتبك .
كان رحمه الله سفيرا فوق العادة لشنقيط علما وعملا ، هو وابنه من بعده، الذى ملأ الدنيا علما وعملا  ، فقد كتب الله اسمه فى سجل الخالدين بالعلم والعمل ، فكانت بصماته وآثاره الخالدة تتحدث عنه فى كل من شنقيط والمغرب والحجاز ومصر والعراق والمدينة المنورة ومكة المكرمة، والأردن ،
وما تسمية الشوارع وغيرها بأسمائهم فى الأردن إلا أكبردليل على ذلك وفيه يقول العلامة الأديب البيضاوى بن مانة الله الجكني باشا تاردانت رحمه الله
يمر مر السحاب فى منازله     =    فالغرب يعرفه والشرق يمتعه.
فارتبط اسمه بتاريخ مكة المكرمة وتاريخ المدينة وفاس وبغداد والقدس  ... وغيرها من عواصم العلم والنور التى زارها وما أكثرها .
فكانت حياته رحمه الله حافلة  بعطاء علمي غير مجذوذ ولا مسبوق بدآ بأولى محطات  مساره العلمي فى الأخذ عن  والده العلامة الأكبر الشيخ سيدى عبد الله  وإخوته العلماء  ثم تنقله فى موريتانيا بين أعرق محاظرها  من أهل أحمد ول الهادى اللمتونيين  إلى أهل محمد بن محمد سالم المجلسيين شمالا حيث خطف الأضواء بذكائه الخارق وصلابته فى الحق وسخائه ، وإقدامه،  وإبائه فكان محل إعجاب وتقدير من الجميع 
قد سبق الجياد وهورابض = فكيف لا يسبق وهو راكض .
العلامة الكبير مم بن عبد الحميد الجكني الموساني رحمه الله
قد كان بدرا منيرا يستضاء به =     علما وليلة جهل الناس ديجوج .
يحمى به الله دين الهاشمي إذا  =    تذاءبت من رياح الزيغ سيهوج
خير امرئ عظمت فى العلم نهمته = وخير من حملت قوداء حرجوج
حتى عاد العود الأحمد لأهله وعشيرته فسطع نجمه وتولي القضاء فى إمارة إدوعيش فكان موردا عذبا لطلاب العلم وقبلة لحل المعضلات وبذل الأعطيات ، وحل عويص المشكلات  
لما استهل على شنقيط صيبه   =   فاخضل مربعه واخضر مرتعه .
أجرى ابن مايابى فى صحرائها نهرا = من الأحاديث والآيات منبعه.    
  وعندما انتقل من موريتانيا بعد النضال والكفاح والاستبسال فى سوح الوغي ضد المستعمر نزل المغرب كالغيث فكان محل حفاوة وتكريم وإجلال، فتقلد رئاسة المجلس العلمي للسلطان االعلامة الأديب صاحب التآليف العلمية الماتعة  النافعة ، مولاي عبد الحفيظ رحمه الله الذى شهد له شهادة .  
" ليست كتسليم بفك = من باب أسلفنى على أن أسلفك  "
تجعله غنيا عن كلام يقال هنا وهناك فى إذاعة أو إشاعة ليدفع معور عن معور
فهو الملك والعالم الذى بمثل ثنائه وإشادته يفاخر المتفاخرون، فزكاه تزكية صادقة عن غير خوف أو طمع وإنما جاءت وليدة  صدق وإعجاب بعد خبرة ومعرفة تامة  به فى أحواله من علم وعبادة ،
  فأشادبه فى صدر مؤلفاته و بالشناقطة من أجله فقال :( ومن أشياخى الفقيه العالم المتفنن المتبحر المشارك فى المعقول والمنقول ، المهاجر فى سبيل رب العالمين عن مخالطة الضالين المضلين ، من لم تغره الدنيا وزخرفها ولا بنون إذا ذاكرته فى علم حسبت أنه هو الذى يعلم  مع استغراقه فى العبادة واستغراق ما عداها فى تدوين الإفادة ، محمد الخضر بن مايابى لقب جده بهذا لكثرة كرمه وعطائه، بيت علم من قديم ، ما علمت منهم فتنة ، ولا كتبها الكاتب وأحصاها، تبارك من خلق الأرواح والأشباح فألهمها فجورها وتقواها)
لوكان هذا الدهر شخصا ناطقا    =   أثنى عليه بنثره وقصيده .
أو كان ليلا كان ليلة قدره      =     أو كان يوما كان يومي عيده  .
أقلوا عليهم لاأبا لأبيكم      =    من اللوم  أو سدوا المكان الذى سدوا  .
أولئك الناس إن عدوا وإن ذكروا   = وما سواهم فلغو غير معدود  .
مافى الورى من بدوى وحضر =  مثل ابن مايابى التقي الخضر .
مفتى المدينة ومفتى الأزهر  =  وموقظ لشرع خير مضر.


فأما السيد الخضر الـهمام الـــــــــمحدث أحرز القدح المعلا.
إذاماعدت العلماء يوما  = فذا شيخ الجماعة ليس إلا .
فسل مصرا وبغدادا وفاسا  =  وسل أهل الجحاز أو المكلا.
تجاوبك الأفاضل أنه قد =  تبوأمن منازلنا الأجلا .
لقد علم الأفاضل أنه فى =  وجوه المارقين السيف سلا .
"ذى المعالى فليعلون من تعالى   = هكذا هكذا وإلا فلالا  "
تلك المكارم لاقعبان من لبن  =  شيبا بماء فعاد بعد أبوالا.                                       
تلاميذه شتى ففى الغرب أمة    = وفى الشرق أخرى كلهم أنجم زهر.
جهابذ العلم فى فاس كفاك بهم  = بحضرة الملك المسماح ترفعه .
وهم هم العلماء الله فضلهم   = عمن بمصر ومن بالشام تجمعه .
تتبعوا الحق فى قول وفى عمل   =  فما ديادنـــــــــــهم إلا تتبعه .
سلوهم وسلو العباس عن خضر= وما من الخلق الأعلى يجمعه  .
لاعيب فى الشيخ إلا أن صاحبه  =  إن زاغ يرشده أو جاع يشبعه .
أعد نظرا يا عبد قيس ...
هذا أبو الصقر فردا فى محاسنه...
أين الثرى من الثريا.
لا يضر البحر أمسى زاخرا   =  أن رمى فيه غلام بحجر. 
فإن يكفر بها هؤلاء فقدوكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين .
وما أكثرالعظماء والشرفاء الأوفياء والعلماء الأولياء المخلصين الذين تغنوا بأمجاد الشيخ وأهل بيته  كالعلامة السلطان مولاي عبد الحفيظ وشيخ الأزهر محمد بخيت المطيعى الحنفى وعلماء الأزهر الشريف ،والعلامة الشيخ محمد عابد مفتى المالكية بمكة المكرمة العلامة أبو اليسر عابدين مفتى الديار الشامية  العلامة محمد طاهر الكردي مؤرخ مكة المكرمة  وأديب المدينة المؤرخ محمد حسين زيدان والقائمة تطول وتطول  ...
إذا محاسني اللائى أدل بها = كانت ذنوبى فقل لى كيف أعتذر ..
.ورحم الله العلامة الشيخ محمد سالم بن عدود حيث قال إن سبب أبياته التى سارت بها الركبان فى الجكنيين مالقيه فى ترحاله من صيت حسن للشناقطة بسبب الشيخ محمد الخضر وابنه العلامة محمد الأمين خاصة حيث لقي فى مناسبات متفرقة بعض تلامذتهم فى أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي ومع ذلك رأى من حرف  وسطا  وقفز على تاريخهم الحافل بالتزييف السخيف بنسبة أدوارهم لأسماء لا مسمى لها أصلا
حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سعيه   = والناس أعداء له وخصوم .
كضرائر الحسناء قلن لوجهها   =  حسدا وبغضا إنه لدميم .
فقال معرضا بذلك الصنيع الغريب  بحق الشيخ محمد الخضر وابنه، رحمهم الله:
جزى الله عنا الحي جاكان خيرما  =  جزى معشرا من حسن ما صنعوا بنا
هم خلدوا فى كل قطر ثووا به   = من المجد عزا شامخا لشعوبنا .
ونحسدهم فينا وننكر فضلهم   =  لنهدم ماشادوا وقدر رفعوا بنا .
رحمه الله :
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم    =  وبقى الذين حياتهم لا تنفع .
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم  =  وبقيت فى خلف كجلد الأجرب .
...ذهب الرجال المقتدى بفعالهم   والمنكرون لكل أمر منكر.
وبقيت فى خلف يزين بعضه بعضا ليدفع معور عن معور ....
ورحم الله الشيخ الإمام بداه البوصيرى فإنه لماسئل عن ذلك الصنيع الغريب الذى ارتكبه بعض كتاب موريتانيا عن سبق إصرار وترصد مكشوف بحق الشيخ محمد الخضروابنه،  قال ذلك "لكذيب اشوين" لا وجود لذلك أصلا ولاوجود لمن تبوأ تلك المنزلة الرفيعة فى الأردن غير الشيخ محمد الخضربن مايأبى وابنه العلامة محمد الأمين
يا ناطح الجبل العالى ليكلمه   = أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل.
ورحم الله العلامة محمد بن أبى مدين فإنه فى قصيدته البديعة فى فصيل كريم من القبيلة تتبع شمائل القبيلة وما أنجبته من علماء كالمختار بن بونا ومحمد حبيب الله ومحمد الخضر فقال
شناشن من بنى جاكان قد عرفت = يهدى بها طبق منهم إلى طبق.
ففى الوسيلة تصحيح لعقدهم      =  وللحديث بزاد المسلمين رقى .
والقمع للزيغ لا ينفك دأبهم     =  بالطعن فى صدره والضرب فى العنق .
فى إشارة بديعة لكتاب الشيخ محمد الخضر قمع أهل الزيغ والإلجاد عن الطعن فى تقليد أئمة الاجتهاد
إضافة لأبيات والده  المشهورة فى التنويه بـتأليف الشيخ
لله لله أنقال صحيحات  = قد عاضدتها أحاديث وآيات ...
كتبت ردود حينها تكشف زيف  ذلك التصرف الغريب، وبقي تاريخ الشيخ حافلا مضيئا محفوظا بموريتانيا والمغرب ، ومكة المكرمة، مربوطا بتاريخ بيت الله الحرام، وبتاريخ المدينة المنورة وكفى ، ومازالت مكتبته ماثلة للعيان عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يزال أثره الطيب معروفا بالإمارات العربية المتحدة والبحرين وبالأردن، وبالعراق، ومصر وفلسطين ، ومازالت من حين لآخر تكتب عنه البحوث والدراسات فى كل أنحاء العالم الإسلامي ، وما استفاد من قفز عليه وتجاهله شيئا،
فقد تحدث عنه مؤرخ موريتانيا وعالمها وأديبها وفخرها العلامة المختاربن حامدن رحمه الله بما يشنف المسامع ويثلج الصدور ،  وجاء كتاب آخرون لامعون أمناء فأظهروا زيف ذلك الخط الذى سلكه من سلكه بحق الشيخين محمد الخضر وابنه محمد الأمين
نسأل الله أن يطهر القلوب والأقلام ويعفو عن الجميع 
وليس يحيق المكر إلا بأهله   =  وحافربير الغدريسقط فى البئر.
ماكان لذلك تأثير على الشيخ ولا على ابنه العلامة محمد الأمين فتاريخهما حافل عاطر لا يضره تجاهل عارف غير عارف  فى إذاعة أو تلفاز .
مكة والمدينة   
بعد هذه الحقبة المباركة فى المغرب ولى الشيخ محمد الخضر وجهه قبل شطر بيت الله الحرام فحج ودرس فى المسجد الحرام ثم ألقى عصا التسيار بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم
فألقت عصاها واستقر بها النوى  = كما قر عينا بالإياب المسافر.
فجاور بالمدينة المنورة ردحا من الزمن وأسند إليه إفتاء المالكية فيها وبنى داره الفيحاء فيها فكانت مأوى لأهله ولأبناء قطره من الشناقطة فكانت كما يقول العلامة الشيخ محمد عبد الله بن الصديق بمنزلة التكية المصرية إلا أنها كانت تزيد عليها بما يقدم لهم من تعليم وعناية فى شؤنهم العامة 
قد كنت والله مفتيها وعالمها  =    الحق ترفعه والبطل تدفعه .
وبلغ من شهرة الصيت والحظوة فى تلك الفترة مابلغ حتى صارعلماء المشارقة يطلقون عليه " عالم المدينة" إشارة للحديث " يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة  "
وفى ذلك يقول العلامة البيضاوى رحمه الله 
صبرت فيها على لأوائها زمنا  =  لو مس أصغره رضوى يضعضعه .
قد كنت والله مفتيها وعالمها   =    الحق ترفعه  والبطل تدفعه .
ولورأى مالك ماقد صنعت بها  =  لقال هذا الذى قدكنت أصنعه .
لم أنس أيامنا عند الفقيد بها    =   الحق نسمعه والعلم نرضعه.
لا عيب فى الشيخ إلا أن صاحبه  = إن زاغ يرشده أو جاع يشبعه  .
وخلال هذه الفترة الذهبية توطدت علاقته بشريف مكة الحسين بن على  ، وبأولاده من بعده وظل مواظبا على التدريس فى الحرم النبوي، وكان لدرسه للبخاري وغيره طلاوة وحلاوة، تحدث عنها الأدباء ، والمؤرخون ، يقول  مؤرخ المدينة المنورة وأديبها محمد حسين زيدان فى الشيخ محمد" الخضر ذلك الرجل الذى إذا ما رأيته ماشيا ، وإذا ما سمعته محدثا لا تراه إلا كبير قدر، عظيم قيمة، هامة ، وقامة ، وقيم ، فلقد كان الشيخ الخضر المحدث جهير صوت ، حلقته يكثر فيها السامعون ، والقارئ هو ابنه محمد الأمين ، يعجبنى حين  يتحدث (حدثنا ،حدثنا) كان درسه فى عصر رمضان، ولا يفوتنى أن أقف  لأسمع، وما كان همي الحفظ  ،وإنما كان اهتمامى ، أن أسمع حدثنا
وفى هذا 
يقول العلامة الأديب البيضاوى  منوها بطريقة الشيخ فى تدريس الحديث ومهارته فيه
لله منه ومن إلقائه سندا  =  قد كان فى مسجد البطحاء يرفعه. 
كأن أحمد يملى فى مسانده = عن ابن قطان والآلاف تسمعه.
وفى هذه غنى ومكتفى عن أهل الإنعاش فى الإذاعة أو غيرها.
بعد استقراره فى المدبنة المنورة مدة من الزمن جاءت أحداث جعلت الشيخ يخرج مع الشريف عبد الله بن الحسين من الحجاز لشرقي الأردن كمافى مذكرات الملك عبد الله بن الحسين وأسندت إليه فى أول حكومة بالأردن وظيفة قاضى قضاة ثم أصبح وزيرا ومستشارا للشؤن الشرعية ، فى حكومات أخر ، ثم قرر التجوال فى العالم الإسلامي فنزل مصر وسوريا وفلسطين والهند ، وتركيا واستقرفترة طويلة بالعراق فى عهد الملك فيصل ، وكان برفقته فى رحلته للعراق ودول الخليج أبناء عمه، الشيخ سيدى عبد الله بن الطالب أحمد ، والشيخ محمد محمود بن الشيخ بن مايابى إضافة لابنه محمد الأمين محمد الخضر ،
العراق
مكث الشيخ  فترة فى العراق يحدث الناس ويعظهم  وتوافد عليه طلاب العلم من كل حدب وصوب وظل فى بغداد مواظبا على الإفتاء والتدريس وشهد له العلماء العراقيون أنه كان آية فى حقفظ الحديث ومعرفة رجاله ، ومن تآليفه التى انتهى منها ببغداد لزوم طلاق الثلاث دفعه بما لايستطيع العالم دفعه ، ومن أبرز تلامذته مفتى الجمهورية العراقية  العلامة الكبير عبد القادر الخطيب ، وعلامة الأنبار، المحدث الشيخ عبد الحليل الهيتى ، ثم واصل الشيخ رحلته للخليج فزار البحرين وله فيها تلامذة معروفون وعلماء كبار تولوا القضاء هناك ، ثم نزل بالإمارات فلقي حفاوة بالغة من الجميع من شيوخ ووجهاء ، وكان فى ضيافة والد الشيخ  الخزرجي وزير الشؤن الإسلامية والأوقاف الذى تحدث عن ذكرياته مع الشيخ وقوة شكيمته وهيبته  ، كما لا ينسى  تلك الجارية التى كانت معهم تعد لهم الكسكس الطعام  المفضل عند الشناقطة ، كما لا ينسى  أنه ظل مواظبا على تدريس البخاري ، ومن عجيب حفظه كما يقول العلامة الشيخ محمد عبد الله بن الصديق رحمه الله نقلا عن الشيخ الخزرجي أنه عندما يبدأ القارئ بأول السند يكمل الشيخ بقية السند عن فلان عن فلان ، وفى هذا دلالة على قوة حفظ الشيخ وذلك أن أسانيد البخاري كثير منها يتألف من أربعة أو خمسة أو أكثر ، وقليل منها يتألف من ثلاثة ، ويعرف بثلاثيات البخاري ، وعلى سبيل المثال ، نلاحظ أن أول حديث فيه هو حديث إنما الأعمال ، وبين البخاري فيه وبين رسول الله  صلى الله عليه وسلم ستة رجال ،
لولا عجائب فضل الله ما نبتت    =   تلك المكارم فى لحم ولا عصب .
فى طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل.
"اقصد البحر وخل القنوات "والإذاعات .
فإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل "
ذرهم فى خوضهم " ليدفع معور عن معور.
، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها  ،  اللهم لا مانع لما أعطيت.

بعد رحلته فى العالم الإسلامي رجع الشخ لعمان الأردن  وظل ينشر العلم تدريسا وإفتاء وتأليفا وفى ذلك يقول تلميذه الشاعر العربي
يا واحدا فى علوم الدين نلت بها =  بين الأنام مقاما غير مشترك .
ياحافظ السنة الغراء ما فتئت    =    منصورة بكم فى كل معترك .
ماقط حاكاك شخص فى العلوم ولا  = والله درسك فى الآفاق قط حكى .
كم ليلة لك فى عمَان طلت بها = برج السماكين والجوزاء والسمك .
فإن درست المغازى جئت بالعجب الـــــعجاب عن وقعة اليرموك والكرك .
وعن حنين وعن بدر وعن أحد = وعن تبوك وعن سلع وعن فدك .
و ظل الشيخ فى عمَان مواصلا عطاء ه تدريسا وتأليفا و إفتاء مع الحنين الدائم والشوق  للمدينة المنورة ،التى كان دائما يسأل الله العودة لها كما يلاحظ فى ثنايا كتبه ، ومن شعره فى ذاك رحمه الله
ألا ليت شعرى هل إلى أحد عود  =  وهل لى إلى سلع وداراته رد.
وهل لى إلى سوق المناخة نظرة   =  بها القلب يشفى بعدما شفه الوجد ..
فحقق الله له رجاءه وجاءت اللحظة الحاسمة
العودة النهائية المحمودة للمدينة المنورة
يقول العلامة محمد طاهر الكدرى فى كتابه الجليل التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم إن الشيخ محمد الخضررأى النبي صلى الله عليه وسلم فى المنام يأمره بالعودة للمدينة ويخبره أنه سيموت فيها ويدفن، وكان الأمر، فقد أذن للشيخ فى العودة للمدينة المنورة، فجاء وتفقد بقية عياله هناك ومحبيه ، فعيد الشيخ فى المدينة المنورة وعندما يقول له  المهنئون كعادتهم " من العائدين" يقول أنتم العائدون أما أنافذاهب  إلى ربى،  وماهي إلا فترة قليلة ويتوفاه الله فى المدينة المنورة ويدفن فى البقيع الطاهر، حيث كان يتمنى، ويتمنى كل مؤمن.
عند الصباح يحمد القوم السرى   =  وتنجلى عنهم غيابات الكرى .
يقول العلامة البيضاوى رحمه الله 
قال البذيون ما للشيخ فارقها  = وماله طاب فى الأردن موضعه .
فالله أخرجه منها وأرجعه   =  لله مخرجه منها ومرجعه.
وإذا كانت حياة الشيخ حافلة بالمجد الطريف والتليد، والمواقف الشريفة الخالدة  فى مقاومة المستعمر، ونشر العلم فى مغرب العالم الاسلامي  ومشرقه، والختم بالدفن جنب النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحابته الكرام، فإن آثاره ومآثره بعد مماته لازالت خالدة  شاهدة ، 
جمال ذى الدار كانوا فى الحياة وهم = بعد الممات جمال الكتب والسير.
إن ينصركم الله فلا غالب لكم
لا زلت يا  سبط الكرام محسدا   =  والتافه المسكين غير محسد .
هم يحسدونى على موتى فوا أسفى  = حتى على الموت لا أخلو من الحسد .

ترك الشيخ رحمه الله مؤلفات علمية نافعة ماتعة ، لا مقام الآن لسردها  منها "كوثر المعانى الدرارى فى شرح صجيج البخاري" "بيت القصيد" القشة التى قصمت ظهر البعيرعند الإذاعة وكان ماكان مما لست أذكره.... 
فهو كتاب فريد فى بابه قل أن يوجد له نظير، وقد أشاد به فطاحلة العلماء المتقدمين والمعاصرين نظماونثرا ،  ،
فهذا العلامة الكبير المختار بن أحمد محمود الجكني الموساني رحمه الله  يقول
ما حوى كوثر المعانى الدرارى = ماوجدنا كمثله فى البرارى
من صفات المحدثين وأقطا     =   رهم  والديار والأعمار .
فاح للناظرين منه نسيم      =      وأريج يزرى بريا العرار .
ليتنا بالذى حواه ظفرنا      =    لخبايا مافى صحيح البخارى .
و"اقصد البحر وخل القنوات " والإذاعات !
وهناك جانب آخر من إنجازات الشيخ وآثاره الخالدة هو طلاب العلم الذين تبوأوا أسمى الوظائف الدينية فى مختلف العالم الإسلامي
يبنى الرجال وغيره يبنى القرى  =  شتان بين قرى وبين رجال.
يقول الدكتور على داود إبراهيم  الشافعى المصري فى رثائه للشيخ محمد الخضر رحمهم الله جميعا  .
إمام له فى كل فن يد علت   =  هو البحر منه كان يستخرج الدر. 
تلاميذه شتى فى الشرق أمة     =   وفى الغرب أخرى كلهم أنجم زهر .
ففى المغرب من تلاميذه  العلامة  السلطان مولاي عبد الحفيظ صاحب المؤلفات العلمية الكثيرة .
العلامة الأديب البيضاوى بن مانة الله الجكني اليوسفى باشاتارودانت 
العلامة إبراهيم القطان قاضى قضاة وسفير  الأردن بالمغرب وموريتانيا وقد تحدث عن الشيخ فى مذكراته
ابنه الكبير العلامة محمد الأمين بن محمد الخضر تقلب فى أعلى المناصب السامية فى الأردن وكان قاضى قضاة ومفتى المملكة الأرنية ووزير التربية والتعليم ونائب رئيس مجلس الوزراء وسفير الأردن بالسعودية والسودان وغيرذلك من الوظائف الخطيرة 
والعلامة محمد فال بن البيضاوى الجكني اليوسفي  قاضى قضاة بالأردن
ومفتى الجمهورية العراقية  العلامة عبد القادر الخطيب
والعلامة الشيخ الخزرجى وزير الشؤن الإسلامية والأوقاف بالإمارات
والشيخ أحمد عبد العزيز المبارك  رئس دائرة القضاء الشرعي من الإمارات 
وغيرهم كثير، ولا أحتاج أن أذكرما قيل فيه وفى تآليفه وأهل بيته من المديح نظما ونثرا ومن تآليف كتبت عنه  ، من أهل موريتانيا غربا وشرقا ومن غيرهم ، بدء من وحيد الدهر العلامة الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي والعلامة محمد الأمين ول أحمد زيدان والعلامة أبو مدين ول أحمدو ول اسليمان وابنه وخلائق لا يحصون فى موريتانيا وخارجها  فذلك مقام محمود آخر لا يسعه المقام ،
وما هذا إلا غيض من فيض 
لولا عجائب فضل الله ما نبت   =  تلك المكارم فى لحم ولا عصب .
ولا يفوتنى ختام مسك أن أتقدم بجزيل الشكروالتقديرلأخوينا الكرييمين الشيخ  الحسن بن الإمام والدكتور الطيب بن عمر  جزاهما الله خيرا  وقد قال صلى الله عليه وسلم كما فى سنن أبى داود وغيره  (خيركم المدافع عن عشيرته مالم يأثم )  وشكر الله سعيكما
بعض المواقف يارجال =  والبعض ياابن الأكرمين إماء .
وإذا أراد الله نشر فضيلة  طويت أتاح لها لسان حسود.
إذا كان الزمان زمان تيم  =  وعكل فالسلام على الزمان .

نعوذبالله من حسد يسد باب الإ نصاف، ويصد عن جميل الأوصاف، 


 العلامة المحدث الحافظ الشيخ محمد الخضر بن مايأبى

29. سبتمبر 2014 - 11:33

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا