في ذكرى أغسطس المجيد.. / محمدٌ ولد إشدو

إن كان يوليو في الشهور كبا بنا ** فشفيع يوليو في الشهور نوفمبر" مفدي زكريا أيها القارئ الكريم؛ تطل علينا اليوم ذكرى يومين مجيدين من تاريخنا المعاصر؛ هما الثالث من أغسطس 05 والسادس منه 08، وما أدراك ما هما؟ وبما أن الموريتانيين

متهمون في تيههم القريب بضعف الذاكرة - أو فقدانها- وبالتحجر الفكري، فقد رأينا ضرورة أن نخلد هذين اليومين ونميط عنهما لثام النسيان وننفض عنهما ما تراكم عليهما من غبار الجحود ونبرز جوهرهما الكريم، وذلك بإعادة نشر أهم ما شاركنا به يومئذ من نصوص سعت إلى إبراز وتشخيص تلك الظاهرة الغريبة التي لم يعرف الموريتانيون لها مثيلا من قبل؛ ألا وهي: انقلاب تقدمي لصالح الشعب يطيح بالطغيان المعشش الراسخ، ويفتح أبواب التغيير والإصلاح على مصاريعها في موريتانيا ومحيطها، ويخرج الحي من الميت! إن انقلاب الـ3 أغسطس الذي شكل انكسار أضعف حلقة في النظام الاستعماري الجديد الأمريكي الصهيوني يوم جرى في ظل أزمة سياسية حقيقية زاغت فيها الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وامتلأت السجون وساد الاحتقان والانسداد وانشق الجيش وانعدم الأمن الداخلي والخارجي، فاجأ الموريتانيين والعالم من حولهم، فأنكره بعض وظنوه مجرد وصلة في سلسلة الانقلابات العبثية على الشعب التي دشنها العاشر من يوليو وتجري من وقت لآخر صراعا على السلطة والمصالح والامتيازات بين ضباط مغلوبين على أمرهم لا يحملون مثقال ذرة من هم الوطن.. فصدوا عنه وشككوا فيه. في حين اعتبره آخرون ثورة وانخدعوا به وانخرطوا فيه عزلا دون تحفظ إلا من رحم ربك. وحدهم المفسدون والمترفون الذين تضررت مصالحهم وأصابهم الفزع والهلع أدركوا كنه ذلك الحدث فلم يضيعوا وقتا أو يدخروا جهدا وسارعوا إلى تبديل جلودهم واللحاق بالركب للانحراف به عن غاياته، وقد نجحوا في ذلك حين كسروا إرادة التغيير وسيطروا على البرلمان وجاؤوا برئيس ضعيف وبحكومة من الماضي وأسسوا حزبا! لذا كانت مقالات مثل: "رسالة مفتوحة إلى فجر يوم أغر" و"إذا جاءك المنافقون" و"حتى لا نركع مرة أخرى 2" و"انقلاب 3 أغسطس طبيعته وآفاقه المنظورة" و"لماذا يفشل الموريتانيون حيث نجح الآخرون؟" و"ما هكذا يا قوم تورد الإبل". وذلك ردا على جمود وأوهام وجشع أولاء وأولئك وهؤلاء. ولكن روح الـ3 أغسطس التي احتضنها الشعب تمردت ورفضت الاستسلام فخرج من قمقم الردة أقوى وأصلب يوم 6 أغسطس! سموه انقلابا على الشرعية، وقاوموه باسم الديمقراطية والحرية والثورة والربيع العربي، ولكنه انتصر على جميع التحديات ونجح في بلوغ جل مراميه! وكانت النصوص التالية: "انقلاب عاشر في موريتانيا... "كيف تحول الحلم إلى كابوس؟" "ضد التيارين".. "هنيئا للمخلدين".. "محمد ولد عبد العزيز ظاهرة لا يمكن تجاهلها".. "ما جرى في صبيحة 6 أغسطس 08 كان انقلابا على الانقلاب" "معالم في طريق الغد".. "إلى أحرار موريتانيا".. "قهوة أنفاس".. "الرحيل.. لماذا، وكيف، وإلى أين؟"     ستة عشر نصا سوف ننشرها تباعا ضمن ملف عن هذه الذكرى، راجين أن تساهم في تسليط الأضواء على التجربة الإصلاحية الراهنة وأن تساعد في تقييمها وتطويرها نحو الأفضل.   رسالة مفتوحة إلى فجر يوم أغر! سلام عليك يا أجمل صباح باكر عيوننا البائسة، بعد عقود عشش فيها الذل والهوان والإحباط في نفوسنا، ونخر قلوبنا وعقولنا سوس البغي والفساد والجهل والفقر والمرض. جئت متأخرا جدا.. ولكنك أتيت! عشرون سنة ضاعت من عمرنا هلك فيها الحرث والنسل! ليتك كنت أتيت قبل انهيار الدولة، وخراب الاقتصاد والتعليم والصحة، وفساد القضاء والإدارة والمجتمع! قيل في حياة عرب العولمة: "...  وحده الموت يصنع التاريخ ويحدث "التغيير"... ويخلق "التناوب"... وفي غيابه يغيب الأمل!" وها هو - بحضوره في غياب فهد- يحمل أملين:  تتويج عبد الله ملكا في السعودية..  لعل وعسى! ورحيل ولد الطائع، دون إراقة دم، عن شعب جثم عاتيا على صدره واحدا وعشرين عاما! جئت متأخرا جدا.. ولكن كيف أتيت؟ ـ "انقلاب عسكري" و"مجلس عسكري"؟ ما أبغضها كلمات عند الله، وأبعدها عن "الديمقراطية" و"الشرعية الدستورية" التي يتباكون عليها اليوم..  كأننا نعيش في كوكب آخر! وكأن الموريتانيين عرفوا في حياتهم الدنيا طعم ثمرة لم تجد بذرتها طريقها قط إلى تربتهم الطيبة المعطاء! من لم يصل جحيم الهوان الذي هبطنا إلى دركه الأسفل، ليس له الحق في الكلام. فجر الثالث من أغسطس الوضاء البهي؛ أمن العدل أو العقل أن لا نبالي بمقدمك الميمون؟ أو أن نعرض عنك بردا وسلاما عصف بالطاغوت، وشرع بابا - أوصِدَ عقودا- عجزت كل القوى والوسائل والأساليب السلمية وغير السلمية عن فتحه، وقد قطع الطغيان السبل واستنفد الأسباب وجيّش آفات الداخل والخارج كي يستمر حكمه، وينفذ أمره! أيها الفجر الجديد؛ من تعاليم الحياة أن الانقلابات شتى. منها انقلاب موبوتو في الكونغو، وبوكاسا في وسط إفريقيا، وولد محمد السالك وولد الطايع في موريتانيا.. ومنها انقلاب عبد الناصر في مصر، وكيتانو في البرتغال، وسوار الذهب في السودان، وتوماني توري في مالي.. الصنف الأول كان نقمة ووبالا على الشعوب ودمارا وخرابا لما بنته البلدان. والنوع الثاني حقق بعضه التحرر من الديكتاتورية، وجلاء القواعد الأجنبية، وآل البعض إلى إرساء الديمقراطية والتناوب السلمي، وعودة الجيش إلى ثكناته! فكن أنت: ـ  بشير خروجنا  من الحرب الأمريكية الإسرائيلية على الإسلام؛ حلفا، وجيوشا وقوانين. وأمل انعتاق الشيوخ والأئمة والعلماء والضباط الأحرار من محنتهم. ـ جهادا ضد الفساد المستشري والنفاق السائد..  والمنافقين الأراذل. ـ انتصارا للديمقراطية الصحيحة وعودة الجيش إلى ثكناته. أنت عيدي إن كان هذا وإلا ** لست عيدي ولست عيد لداتي! 

4. أغسطس 2015 - 10:15

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا