المجانية و العمومية... و الإلزامية و التوحيد / باب سيد أحمد سيداتي

أعتقد أن على من يريد تقدم البلاد و ترسيخ الوحدة الوطنية و الإندماج بين مكونات المجتمع المتنوعة،  أن يتخذ قرارا شجاعا و تاريخيا بالقيام بإصلاح تعليمي شامل ذي أهداف استراتيجية و أبعاد متعددة، يشرك فيه كل الفاعلين و الخبراء و المفكرين و العلماء ...إلخ،  و يستهدف من ضمن إجراءات أخرى :

• مجانية التعليم و عموميته: فبعد ثلاثين عاما تقريبا من المزاوجة بين التعليم العمومي و التعليم الخاص، يمكن أن نقول باطمئنان إن هذه التجربة قد فشلت فشلا ذريعا، فقد أفسد التعليم الخاص التعليم العمومي و لم يصلح نفسه، فتدهور التعليم بكل مستوياته و أنواعه، و تحولت الطواقم التربوية إلى معول هدم و إفساد للتعليم بدلا من أن تكون طليعة للدفاع عنه و فرض إصلاحه، و بات هم المدرسين الأكبر و شاغلهم الأساسي خلال الحصص،  استجداء التلاميذ  التسجيل في المدارس الخاصة التي يبيعون فيها خدماتهم، فصار المدرس أجيرا لدى التلاميذ و ملزما بطاعتهم في الحق و الباطل بدل أن يكون مربيا و قدوة لهم، ففقد احترامه و اعتباره، كما أدت خصخصة التعليم إلى تمايز طبقي بل و فئوي رهيب، فلم يعد هناك مجال للاختلاط و التعارف و الزمالة بين أبناء الشرائح المختلفة، و صارت لكل فئة مدارسها مما زاد الشروخ و الاختلافات، و كرس الطبقية و الشرائحية و العراقية فأصبحت وحدة البلاد في مهب الريح، لذلك فإن قرار مجانية التعليم و إن كان معاكسا لليبرالية السائدة سيكون أداة فعالة لتوحيد المجتمع و اندماج طبقاته و التعايش و الاختلاط بين مكونات الشعب، و بدونه ستتحول البلاد إلى كيتوهات أو مغازل فئوية و عرقية لا تواصل و لا تراحم بين أهلها.
• إلزامية التعليم و توحيده : و أعني التطبيق الصارم للقانون القاضي بتحريم تشغيل الأطفال دون 16 سنة، و إلزام ذويهم بتعليمهم تحت طائلة العقاب، على أن يصحب ذلك توفير إعانات لمساعدة الأسر الفقيرة، و توحيد الزي المدرسي و توزيع اللوازم المدرسية مجانا في بداية العام الدراسي على الأقل. كما يقتضي التوحيد كذلك توحيد لغة التعليم في المراحل الابتدائية و الإعدادية، و تمكين التلاميذ من اختيار اللغة الثالثة في المرحلة الثانوية.
• زيادة رواتب المدرسين زيادة قياسية و خلق نظام أسلاك لتمكين القطاع من اجتذاب النوابغ و ذوي الشهادات العليا، و إعطاء لأطر كل مستويات التعليم فرصة الترقي الوظيفي و العلمي داخل قطاعه. و سيمكن رفع أجور المدرسين العلميين و الرياضيين بحيث تتساوى مع أجور المهندسين و الأطباء العامين مثلا من رفع مستويات التلاميذ في هذا التخصص الهام و زيادة جاذبيته.

هي أفكار مبتسرة أردت أن أستثير بها تعليقاتكم و أستحثكم على التفكير في الطريقة الأنجع لانتشال هذا القطاع من التردي الخطير الذي يعيشه، و ما يجره ذلك على البلاد و مستقبل أجيالها و وحدتها من مخاطر، و هي أفكار أجزم بأن بعضكم سيعتبرها مثالية و تحتاج لتعبئة موارد هائلة لا تملكها البلاد، كما أنها تنتمي لعصر الستينات أو السبعينات و ليس لعصر الليبرالية و خصخصة كل القطاعات .لكنني أعتقد و ربما أكون مخطئا بأن موريتانيا و تعليمها،  يواجهان مشاكل لا تنفع معها الإصلاحات الترقيعية و تحتاج إلى إصلاح ثوري للتعليم، و إلا فإنها ستكون عرضة للتفكك و الانقسام و ليس فقط للبقاء في ذيل الدول العشرة الأكثر فقرا و جهلا و تخلفا.
 

20. أغسطس 2015 - 8:19

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا