إعلامنا العربي الموجه نحو صدورنا / سيد محمد ولد خليل

ملاحظة لاحظتها وأنا أقارن بين الإعلام الغربي والإعلام العربي، خرجت منها بنتيجة وهي أن الذين يتابعون نشرات الأخبار العربية الموجهة، كنشرات أخبار قناة الجزيرة والقنوات الأوربية والأمريكية الموجهة، يضيعون أوقاتهم فيما لا ينفعهم في الدنيا والآخرة، فالمعلومات التي تصبها تلك القنوات

 في رؤوسهم ليل نهار، لا تمت للحقيقة ولا لمصالحهم بأدنى صلة، وعندنا في انواكشوط من يتكئ أمام قناة الجزيرة من الصباح حتى منتصف الليل، وعندما تنطق بحرف بجواره يصيح فيك منتهرا: "اسكت" !..
وإذا تابعت نشرات أخبار القنوات الفرنسية الداخلية الموجهة إلى الفرنسيين كالقناة الثانية مثلا، تجدها أكثر صدقا وانفتاحا لأنها أكثر استقلالية عن الحكومة (وذلك أيضا في حدود، فلا ديمقراطية بالمعنى الوردي الذي يغتر به بعض المتخلفين الناعقين خلف الغرب)..
وإليك مثالا على تلك الأخبار: جاء في خبر نشرته القنوات العربية مؤخرا أن بعض السوريين المهاجرين إلى أوربا قضوا نحبهم غرقا، وبدل أن يقلد إعلامنا إعلامهم الحر في مشاكسته وبحثه عن الحقائق بكل الوسائل الممكنة، جاء في التقرير أن الولايات المتحدة ودول أوربا تبحث فيما ينفع المهاجرين! ما شاء الله ! إذا كانوا هم يكذبون فلم يكذب إعلامنا ؟ لقد أظهر التقرير القديس أوباما وهو يفاوض من أجل حياة المهاجرين !!
ولو كانت القناة صادقة لأصطادت للمشاهدين لقطات تعود بهم إلى أسباب تلك المأساة بدل تلميع المسئولين عنها ! فمثلا من المعروف أن السبب الأساسي وراء مقتل هؤلاء السوريين والليبيين والعراقيين هو عدوان الغرب على بلدانهم، الغرب الذي يبدو أن لا شغل له إلا نحن، نحن الإرهابيون في نشراتهم – ونشراتنا -، ونحن الضالون، ونحن الأشرار !  وزيارة سفيرهم لصاحبنا المسجون فيها إشارة إلى دعم أمريكا لكل تمرد وخراب قد ينتج عنه! فلماذا يلعبون معنا مثل هذه الألاعيب الشيطانية المكشوفة ؟ هل هو نوع من الإستعمار الجديد ؟ هل السبب في ذلك هو الحقد الأعمى الذي ينسيهم ديمقراطيتهم السخيفة، الحقد على الإسلام ؟! الرجل المحبوس فلم لا يحترمون قضائنا إذا كانوا محترمين؟ وما فائدته إذا كان كل من هب ودب يستطيع التشكيك فيه والتدخل في مساره ؟!
لا أريد وقوع الظلم على أي إنسان وخصوصا المسجون، ولكني أيضا لا أريد هذا التدخل السافر في شؤوننا التي لا تعني آباء أولئك الظلمة في شيء، فما أضعف شخصياتنا، كأننا بلا دولة، وبلا رئيس، وكل ما يبعد الإزاحة عنه فهو مقبول، حتى ولو كان وضع اليد في أيدي الشياطين، واحتمال تخريف المعارضة والحقوقيين والمتظاهرين !
ولو كانت قنواتنا مستقلة لأظهرت في مثل هذه التقارير عن الهجرة إلى أوربا، لقطات الخراب الذي سببه دمار تلك البلدان، ولأصطادت كلمات جورج بوش ومن تبعه أيام الحملة الصليبية الأخيرة والتي لا صب النار على رؤوس الأبرياء، فهي موجودة، ولكن إعلامنا للأسف هو الغير موجود !
قناة الجزيرة لا تتحدث إلا بما يشعل النار في بلداننا كأن ذلك هدفها الأساسي فما فائدتها ؟، هي المتحدث الرسمي بإسم كل شيطان يسعى إلى زرع الفتنة في بلده المسلم خصوصا، أما النصارى واليهود فمصانون مكرمون عندها، لا تقترب منهم بما يسوؤهم حتى إن كان إظهار أخطائهم تجاه بلدان المسلمين المحسوبة عليها، وذلك ممكن، والمادة الإعلامية متوفرة، لكن الغريب أنك تراها في الإعلام الغربي البعيد، وفي الإنترنت، ولا تراها في مثل هذه القنوات الشاذة المنافقة !..
لقد آن الأوان أن نتجنب كل ناعق بهلاكنا، وأن تكون لنا شخصية، لا يوجهنا شيخ ولا دولة ولا اكبر منهما ؟؟ وأن نفهم ديننا، ذلك هو الأهم..
تابعت بعض التقارير في القنوات الفرنسية الداخلية، ترتكز على التخفي، يأتون على سبيل المثال لبائع لوحات مزورة، في شوارع باريس يزعم أنها أصلية مرسومة في فرنسا، ويبيعها للسياح بما يقارب 200 أورو، يحادثونه بكاميرا خفية حول رأيه الكاذب في اللوحات، ثم يتتبعون الخيوط حتى تضعهم الطائرة في شقة من شقق شنغهاي الصينية، حيث يجدون الرسام الصيني الحقيقي لتلك اللوحات المغشوشة، والذي يرسم في كل ساعة لوحة منها، ويبيعها بأقل من 10 أورو !
أما إذا تعلق الأمر بفضيحة أحد السياسيين فإنهم يلجؤون إلى اقتناص اللقطات المؤثرة التي تدعم وجهة نظرهم، وإلى الأرشيف المتراكم عندهم، ويركبون بطريقة إبداعية تقريرا يخترق العقول والقلوب وإن كان مبنيا على الباطل ! وبهذا كان للإعلام أكبر دور في التأثير على الناس، أما إعلامنا فلا يؤثر على أحد يغير السوء والكذب والنفاق !..
إذا تابعت نشرات أخبار "الموريتانية" وهي أفضلهم، ستخرج من النشرة وأنت مصاب باكتئاب ! ستصاب بالنعاس لجدية المقدم المبالغ فيها، وعبوس وجهه الذي يوحي إليك بان المديرة كانت تضربه ،  وقد يكون مضروبا فعلا، ولكن بواسطة الأكاذيب المفروضة عليه والتي إن لم يقبلها خسر مكانته المريحة، وسيتعبك التصوير والإخراج المهتز، كإخراج تلك المباراة المحلية التي شاهدتها سابقا، وكان حامل الكاميرا فيها يطارد اللاعبين من على خط التماس ! وسيثيرك تركيز النشرة على الرئيس وحده كأنه مصدر الإلهام والبركة كلها !
يتجشمون عناء السفر إلى مناطق موريتانيا نائية، وبدل أن يصوروا لنا مشهدا جميلا نتابعهم من أجله على الأقل مستقبلا، أو حتى يعطوننا فكرة عن المحيط البريء الذي يكتنفهم، يركزون الكاميرا على وجه المسؤول العابس الذي ملت الجن والإنس من مشاهدته، وينتهي التقرير دون أن تشاهد غير وجهه الذي تكرهه..
أما التقرير في حد ذاته فهو ضعيف من جهة التعليق والإخراج، تحس وأنت تتابعه أنك تتفرج على لوحة مرسومة بالغصب والإكراه ! فالرضا والإبداع معدومين، والجدية والصراحة مفقودين، والنفاق والتدليس أساسين !..

أما القنوات التي تحركها الحكومات الغربية، وهي كثيرة جدا، فمتابعتها مضيعة للوقت، فهي تتعامل مع مشاهديها المسلمين كقطيع من الأغبياء عليه فقط أن يرى ويسمع ما تريد له مما لا يضر المصالح الكبرى لتلك الدول الظالمة، فكل ما فيه خير ورفعة للإسلام والمسلمين، ووعي للشعوب المنهوبة حول استمرار النهب والإستعمار، فهو ممنوع في تلك القنوات التي تتكلم باسم تلك البلدان الغربية !
وقارن بين إعلامهم الداخلي، وإعلامهم الخارجي الموجه، وستعرف أن الفرق كبير، فالداخلي يميل إلى الصراحة والمباشرة، أما الخارجي فمرسوم بريشة صليبي صهيوني مقيت، حتى قدراتهم الإعلامية المبهرة المعروفة لا توجد فيه !، فنشراته وبرامجه سخيفة ضعيفة متخلفة كأنها مبثوثة من مقار قنواتنا الوطنية المسكونة بالفئران، وتأمل في كآبة قناة TV5 الشرق، فحتى المخصصة لإفريقيا أكثر بشاشة منها !..
أما فرانس 24، فلا تعجبني، رغم أنها أفضل من قناة الجزيرة بمئات المرات، وهي أيضا موجهة لتحقيق مصالح فرنسا التي قد لا تتطابق مع مصالح الدول العربية، واسأل نفسك ما ثمن الشهرة والمال الوفير الذي تتوفر عليه قناة الجزيرة، فهو قطعا ليس بسبب غباء مموليها العرب وحده، لقد أصبحت هذه القناة المشؤومة محسوبة من قنوات الخبر المعتمدة عند الغرب والصهاينة! فأنى لها ذلك إذا كانت فعلا مسلمة متحجبة، غير موجهة ؟ لو كانت كذلك لما رأت النور لحظة واحدة !!
إن هدفها الظاهر هو تخريب البلدان العربية بدعم المظاهرات الغبية، والأغبياء الداعين إليها، والتي لم يدرك البعض حتى الآن حجم الخطر الذي تمثله على بلدانهم رغم ما شاهدوا من أمثلة وعبر من حولهم ! وهذا أمر يؤسف له لأن بعضنا ما زال يعتقد أن الخير في تتبع خطوات الإخوان والخوارج كخوارج 25 فبراير، والحقوقيين خصوصا منهم من نعق باسم عرقه !
ولك أن تعجب من مقدم برنامج نصراني في قناة بريطانية لم يتمالك نفسه وهو يرى مداخلة ليبي مقيم في بريطانيا عبر فيها عن فرحه بمقتل القذافي رحمه الله، كأن القذافي كان سبب منع الأكسجين عن الليبيين ! فقال له مقدم البرنامج النصراني: لابد أنك مجنون أو مريض مرضا نفسيا لا شفاء له لتمتدح ما قام به "توني بلير" في بلدك، لقد دمرته جيوشه حتى لم يعد له وجود ! ..
أما قناة الحرة حفظنا الله من حرارتها، فالدولة التي تقف خلفها هي الأسوأ في مجال الإعتداء على المسلمين على مستوى العالم والمجرات، وفرنسا أرحم منها بكثير، وهي اليوم تبني هرما تسميه سفارة في نواكشوط كأنها ستدفن بوش أو  أوباما فيه ! أبعدها الله، فقد كنا في أمان قبلها، وها هو ذا سفيرها يطبق فينا نظريات "لحس الأدمغة" التي تعلم من كتب التنمية البشرية السخيفة، ويندس فينا كالأفعى السامة، ويعترض على قضائنا بتعاطفه مع بعض المحبوسين – لا أقول المجرمين - في قضايا وطنية لا تعنيه ولا تعني دولته في شيء !..
وهي الآن تفكر في هذه المنطقة أبعدها الله عنها فالخير لا يأتي من ورائها ، وكما قال لي أحدهم: أوربا أرحم منها، فهي على الأقل كانت تنهب ولكنها لم تكن تستأصل أو تدمر تدميرا شاملا بل كانت تبني أحيانا، أما هؤلاء الذين قضوا على الهنود وانتزعوا منهم قارتهم، ودمروا مدنا بأكملها كهيروشيما اليابانية، فلا يكتفون بالنهب بل يتبعونه مسحا تاما لأعدائهم، أبعدهم الله وأبعد من أتى بهم أو وافقهم على طرح مؤخراتهم في هذا البلد.
والذي أتي بهم معروف، وهو حجتهم الأساسية عند كل اعتداء على الآخرين: "محاربة الإرهاب"، الذي أتي بهم هم كلابهم الوفية، الجماعات المتطرفة الغير إسلامية مثل "القاعدة" و"داعش"، فالقاعدة تابعة لهم سواء علم ذلك الجهلة المنضمين إليها أم جهلوه، فالرأس الذي يأمرهم بالإنتحار والتفجير هو الصهيونية العالمية، لا أحد غيرها، لأنهم وسيلة من وسائل تحقيق مصالحها، ففي العراق أوقفوا المد الشعبي الثائر الذي كاد ينتصر، وجلبوا الأمريكيين من جديد بحجة رحمة الأكراد ! وحتى في منطقتنا الصحراوية النائية ها هم يجلبون لنا هؤلاء الصليبيون الحاقدون، وهكذا لا يقومون إلا بما يخدم مصالح القوم من إضعاف للإسلام والمسلمين، وإظهار له ولهم كدين همجي وبرابرة، وهو على عكس من ذلك تماما، ونحن أطيب شعوب الأرض وأرحمها، وهم أول من يعلم بذلك..
وبمتابعة للقنوات الأوربية ستجدها تستفتح نشراتها غالبا بأخبار جرائم الإسلام حسب ما يصورون، وهذا الأمر شبه يومي ! هكذا يبثون لشعوبهم صباح مساء اللعنة على الإسلام والمسلمين، والفضل في ذلك يعود لهؤلاء العملاء الجهلة ومن يقف ورائهم، والمؤسف أنهم يستغلون حماسة وسذاجة البعض، ويلطخون أيديهم بالدماء، والدماء من أعظم الحرمات في هذا الدين لو كانوا يعقلون !..
وهؤلاء الخوارج الدواعش جيران لإسرائيل في سوريا ولبنان وغيرها، فلم لم نسمع يوما بأنهم أطلقوا رصاصة واحدة عليها ؟ ما سر ذلك التعاطف والحنان ؟هل تقتضي الأوامر بأن يُطلق الرصاص فقط على المسلمين السنة ! ..
لقد آن الأوان لنا أن ندرك ما يحاك لنا من أكاذيب في عصر الأكاذيب هذا، بدء بديننا الخاص، على مستوى الفرد، فالله تعالى أمرنا بعبادته على بصيرة وبينة، فليس كل ما يُدعى في الدين صالح للعبادة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أي مردود على صاحبه لا ينفعه يوم القيامة ويكون هباء منثورا. كذلك علينا إدراك أكاذيب هؤلاء الأعداء الذين لم نر منهم إلا ما يسوؤنا مذ عرفناهم، والحذر بصفة خاصة من هذه القنوات التي تردد اسم إسرائيل 100 مرة في الدقيقة من أجل تثبيته في الأذهان، وتعمل المقابلات مع جنرالاتها المعادين لنشر مخططاتهم ضد المسلمين في وضح النهار ! ولا تعرض أبدا ما ينفع الإسلام والمسلمين، بل تركز على الإلحاد والفسق والفجور وكل ما يبعد الناس عن دينهم ويخدم اللصوص والمخربين..

وفي الأخير أحمل كل إخواني داع إلى المظاهرات والتمرد على الحاكم، وكل شاب ينعق بسخافات خوارج 25 الداعين إلى المظاهرات، مسؤولية موت الطفل السوري المسكين الذي وجدت جثته على شواطئ تركيا بعد غرقه وأفراد أسرته الباحثة عن أهم شيء في الحياة، أهم حتى من دكتاتورية الحاكم التي يعترض عليها الأغبياء، وهو العيش في الأمان..

هل كانت والدة ذلك الطفل المسكين تتوقع أن تفرق أمواج البحر بينها وبينه؟ هل كانت تتخيل أن بلدها الرائع سوريا، الغني بالخيرات والبركات سيكون مصيره الدمار؟ هل كُتب على المحجبات الساترات المحصنات المتقيات أن يركبن أمواج البحر فرارا إلى بلاد الكفر والهوان ؟
أنت المسؤول عن موت هذا الطفل !.. نعم أنت، أيها الإخواني أو المتعاطف مع الإخوان، المحل للمظاهرات، أيها المتحدي لدكتاتورية الحاكم المجنون ! نعم، أنت تحمل على ظهرك مسئولية غرق ذلك الطفل، وكل طفل سيغرق مستقبلا في لُجج المظاهرات !..
ألم تدرك بعد أيها العاقل أن الشريعة أبقت على الحاكم الظالم خوفا على أبنائك وأبناء المسلمين من هذا المصير؟
هل يمكنك أن تتخيل النار وهي تشتعل في بيتك الخشبي، والخراب يلطخ الشوارع كرسم بريشة فنان مجنون، والحمقى يتناحرون في الأزقة طمعا في كرسي الحاكم المخلوع ؟!، والشعب المسكين المسالم الذي لا يريد إلا العيش في أمان، يدفع ثمن تلك الفاتورة الثقيلة من بطون البحار !
ما الذي ستقوله إذا أغلق أحد الكفرة على إخوتك الفارين إلى أوروبا شاحنة وتركهم يتعفنون في مكان مهجور دون رحمة أو إنسانية ؟ ما الذي ستقوله لهذه الأم إذا عثرت على جثتها وأنت تتأمل صورة ابنها المرمي على هذا الشاطئ التركي بلا حول ولا قوة.. ولا نفَس !
اتق الله يا أخي الثائر فطريق الإخوان وخوارج 25 طريق محفوف بالموت والدمار وأمواج البحار..
لقد كانت أم هذا الطفل عندما ألبسته هذين النعلين (الصورة موجودة في الإنترنت) تتوقع أن يمشي بهما في مكان أكثر أمن واستقرار حتى إن كان بين الكفار !، ولكن تجري الريح بما لا تشتهي السفن، وخصوصا بين أحضان الأمواج .. فرحم الله كل الذين قضوا في طريقهم إلى بر الأمان، وهدى الله كل غافل يجهل أن الأمن والإستقرار أهم من هذه الديمقراطية القاتلة التي يتشدق بها ..
 

6. سبتمبر 2015 - 19:57

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا