لا للمساس باللحمة الوطنية والسلم الأهلي / الدكتورة ابنته بنت الخالص

لم يخطر ببالي أبدا -وأنا أتابع خطاب رئيس الجمهورية في مدينة النعمة - أن أحدا يمكن أن يؤوله بحال من الأحوال إلى أفكار مثيرة للفتنة وزرع الأحقاد التي ذهب إليها الإخوة في المعارضة في أسلوب ينم عن صراع تجاوز صراع  الأفكار والرؤى إلى إثارة الفتنة وتضليل الناس. ومما أثار انتباهي تحريف وتأويل الفكرة التي

 وردت على لسان رئيس الجمهورية  في حديثه  عن فوضوية الإنجاب والتفكك الأسري لما لهما من انعكاس سلبي على تربية الأبناء تربية تحميهم من التشرد والجنوح وتعاطي المخدرات وغيرها من المخاطر التي تعترض سبيل تربية النشء في عالم اختلط فيه الحابل بالنابل. وضرب مثلا برجل يتزوج في جانب المدينة وينجب أبناء ثم يذهب و يتزوج في الجانب الآخر من المدينة تاركا أبناء هنا وهناك ضحية   للإهمال والتشرد "نتيجة تصرفات البعض" يقول رئيس الجمهورية ,  وهذه مسألة عمت بها البلوى وعانى منها الأطفال والأمهات على حد سوى.
أما تأويل كلام رئيس الجمهورية  وتفسيره بأنه تحامل على شريحة معينة سواء كانت شريحة العرب "البيض" الذين تكثر فيهم المسلكيات التي تحدث عنها رئيس الجمهورية (كثرة الزواج في السر والعلانية, كثرة الطلاق, التخلي عن الأبناء, الخ,)  أو غيرها من شرائح مجتمعنا , هو نوع من ضرب الخيال,  ينكره العقل ويأباه الضمير.
         ومما فاجأني أيضا تهافت المعارضة على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وكأن كلمة السر كانت هي "نهاية خطاب رئيس الجمهورية" , في محاولة يائسة لاختراق نسيج هذا الشعب الذي بناه منذ قرون عدة على مبادئ  قوامها المحبة والإخاء وعلى كلمة سواء بيننا أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا. 
فطالعتنا المعارضة وهي تستحث الخطى وتنادي من مكان بعيد "أيها العير إنكم لسارقون" في تحريف سافر لخطاب رئيس الجمهورية الذي تقدم به إلى الأمة, لا لشيء إلا لأن  الخطاب صادف هوى في نفوس المواطنين, مستعطفين ولاء هذه الشريحة أو تلك لحاجة في نفس يعقوب.    يا للخسارة ....
لقد قلت مرة في مداخلتي خلال الأيام التشاورية الممهدة للحوار ردا على عبارات سمعتها من بعض الإخوة  " حذار من أن يستغل الساسة نسيجنا الاجتماعي الذي هو رمز قوتنا من اجل الوصول إلى أهداف سياسية ضيقة. حينها لم أكن أتوقع أن قادة أحزاب المعارضة الراديكالية سيستغلون يوما شحذ همم هذه الشريحة او تلك لكسب ولاء أو بلوغ مآرب أخري،  متجاهلين ما وصل إليه الشعب الموريتاني من نضج وتشبث بثوابته ومقدساته التي تأتي في مقدمتها الوحدة الوطنية التي قال عنها رئيس الجمهورية  السيد محمد ولد عبد العزيز في خطابه الذي تم تحريفه,  أنها من المقدسات لا يسبقها في الترتيب  إلا ديننا الحنيف.  متجاهلين كذلك  استيعاب هذا الشعب لما آل إليه مصير دول كانت إلى عهد قريب تعيش آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا , فأوقعها الساسة في الوضع الذي نراه الآن من تمزق ودمار بسسب زرع الفتن و بث روح الحقد والكراهية والبحث عن المصالح الضيقة.
لم يعد لهذا النوع من الأساليب مكان في نفوس الموريتانيين، ولم يعد يقدم ولا يؤخر بالنسبة لهم، لأن الشعب الموريتاني تجاوز تلك المراحل. الذي يتطلع إليه الآن هو فرقاء سياسيين يضعون المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار ويتنازعون أمرهم "نزاع سلاسة لا خرق فيه" معتبرين  أن الطريق الوحيد الذي يمكن ان يجنب البلاد مخاطر التجاذبات السياسية هو الحوار الذي بموجبه يتم التعاطي بإيجاب مع المكتسبات ووضع الأصبع على مكامن الاختلال من اجل تصحيحها،  ممتثلين قول العلامة الشيخ محمد المامي في قصيدته "على من ساد":
             يتولى الأمر منا أصيل        ينازعه عليه الأقربون
                                        نزاع سلاسة لا خرق فيه    ويغلب بالأناة  الغالبون 
"والأناة هي الحكمة والتمهل"

19. مايو 2016 - 8:33

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا