ما ذا لوكان التعليم الإبتدائي العمومي قنبلة موقوتة ! / أحمد صمب ولد عبد الله

السر في نهوض الأمم هو التعليم. فكل ما كان الشعب متعلما، كان اكثر نموا وازدهارا؛ وكل ما كان غير متعلم كان متخلفا ساذجا. وما لم يكن لبلد ما نظام تعليمي جيد، فإن حكمه هو التخلف والإنحطاط.

نظامنا التعليمي العمومي أبدى فشله وعدم أهليته لصنع أجيال متعلمة قادرة على الرقي ببلدها، بل إنه في الكثير من الأحيان يكون السبب في إفشال مصير أجيال من الشباب جاؤوا للتعلم وخرجوا مسنين  جهلاء لا أمل لكهم في كسب العلم من بعد.

الكارثة الكبرى في التعليم العمومي، الذي ينفق عليه من ميزانية الدولة عشرات المليارات  وهو في النهاية فاشل ومن قدِّر عليه كان نصيبه الفشل إلا من رحم ربك!

كنت من الذين يعتقدون أن نظامنا التعليمي العمومي ليس بدرجة السوء التي يصفه البعض بها، وكنت أقول إنني خريج  ذلك التعليم وأن على أبنائي تلقي العلم في هذه المدارس العمومية كما كان والدهم في صغره.

سجلت أبنائي في مدرسة عمومية في حي تفرغ زين، ووضعت برنامجا منزليا لتدريسهم ورقابتهم، ولكن رغم الجهود التي بذلتها، لم يكن مستوى الأولاد إلا في تقهقر حتىى أيؤست منهم استفادتهم من ذلك النظام التعليمي العمومي.

بعدها قررت تسجيلهم في مدرسة خاصة، وبعد فترة لاحظت تحسنا يطرأ على مستوياتهم وأيقنت إن المشكل لم يكن في مستوى ذكاء الأبناء ولكن في النظام التعليمي الذي كانوا فيه. فقلت في نفسي، بحسرة كبيرة، وما بال أبناء من لمتكن له مقدرة تسجيل أبناءه في مدارس خاصة؟ وما مصير أبناء الحراس وخدم منازل تفرغ زينة والفقراء الذين كانوا يدرسون مع أبنائي في النظام العمومي بقوا هناك لعجز ذويهم عن تسجيلهم في مدارس خاصة؟ وكيف لبلدنا أن يتقدم وينمو وتعليمه العمومي يدمر الأجيال بدل تنشئتهم؟ وإلى متى سنبقى رهن هذا النظام التعليمي المدمر والذي هو سبب تخلفنا؟

وفِي خضم هذه التساؤلات، بدى لي أن الحل قد يكون في إلغاء التعليم العمومي الإبتدائي وخوصصته كليا على أن تتكفل  الدولة برسوم التعليم عن أبناء الفقراء بالميزانية التي كانت تنفق على هذا التعليم الفاسد الذي يكرس الفوارق الاجتماعية، إذ في المدارس العمومية لا نجد إلا أبناء الفقراء وفِي الغالب يكونون من لون  واحد، وفِي المقابل نجد في مدارس التعليم الحر أبناء الأغنياء وفِي الغالب  يكونون أيضا من لون واحد ومن شريحة واحدة.

تتنازل الدولة عن المدارس العمومية الموجودة لصالح الطواقم التدريسية الموجودة بها، كمقابل إنهاء عقدها معهم على شرط أن يخصصوها للتعليم وأن ينتخبوا من بينهم من يتولى الإدارة ومن يراقب ومن يدرس وتكون رواتبهم من رسوم الإكتتاب والدفعات الشهرية التي يدفعها التلاميذ، وتتولى الدولة تكاليف الدراسة عن أبناء الفقراء وتلزم المدارس أن لا تتجاوز الدفوع الشهرية عن الطالب الواحد خمسة آلاف أوقية شهريا وللمدرسة أن تخفض إن شاءت. حينها سيتنافس اصحاب المدارس لإجتلاب أكبر عدد من الطلاب ويحصل في المدارس التي كانت عمومية  في السابق  نفس روح الجدية التي في المدارس الخاصة ويصبح الجميع يدرس في نفس المدارس وبنفس المستويات وبنفس الجدية وينتهي الشقاق والتمايز الذي تحدثه ثناءية التعليم العمومي (السيء الصيت) والتعليم الخاص الذي لايلجه أبناء الفقراء.

إن التعليم بصيغته الحالية يكرس الفوارق الإجتماعية وينشئ شعبين مختلفين وقد يصبحان متنافرين وهم في الأصل شعب واحد  ولبلد واحد!

أرى أن يخوصصة التعليم العمومي وتتكفل الدولة بأبناء الفقراء حتى يدرس الجميع في نفس المدارس وبنفس المستوى التعليمي كي ننشئ جيلا واجدا من الإبتدائية إلى النهاية، لأبناء الفقراء فيه فرصة تلقي تعلما بنفس المستوى التعليمي الذي يدرس به أبناء الأغنياء حتى لا يكون مصير إبن الفقير الفقر السرمدي، ولكي تكون هناك فرصة منافسة شريفة بين أبناء الفقراء وأبناء الأغنياء تأهل صاحب الإستحقاق لما بوأه له قلمه، وحتى لا يبقى التعليم العمومي المفروض على أبناء الفقراء سببا في تدمير مستقبلهم وتنشئتهم فقراء كما اكتوى بالفقر آباءهم!!!

14. فبراير 2017 - 13:04

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا