الشركة الصينية والصراع بين حَرَمين / محمد جبريل

خرجت الشركة الصينية الموريتانية "بولي هونغ دونك" إلى العلن من ظاهرة ولادة مثيرة للجدل حيث ما يزال مصير أحد آبائها مجهولا ،ويبدو أن مسحة الولادة تلك سترخي  بظلالها على الشركة في جميع مراحلها اللاحقة .

فقد أثارت من الجدل أكثر مما أتاحت من فرص العمل ،

جدل لم يتوقف عند من يقفون وراءها الشركة وحقيقة الاتهامات التي تلاحقهم عالميا بل وعلاقة جمهورية الصين الحليف التاريخي لموريتانيا بهذا الكيان المثير .

تعرضت الشركة في بداية مسارها لاشكالات كادت أن تضع حدا لها في المهد حيث قررت الحكومة الموريتانية توقيف نشاط " بولي هوندونغ " تحت وطأة الانتقادات اللاذعة التي وجهها نواب في البرلمان الموريتاني حول شفافية الصفقة المبرمة بين الطرف الموريتاني والصيني أو ممثل بولي هونغ –دونغ واجحاف الصفقة
التي تسمح للشركة بالعمل لـ25 سنة وبعدها تؤول ملكيتها للدولة الموريتانية ،كما شكلت دعوات أحزاب معارضة بل وحتى من الأغلبية وقيادات سياسية وحركات شبابية بضرورة وضع حد للغموض الذي يلف الشركة الصينية.

نجحت مطالبات المناوئين  للاتفاقية بين الشركة والحكومة الموريتانية في الضغط وإعادة الاتفاق وفق شروط تراعي مصالح البلد ومع ذلك فإن عملاق الصيد الصيني استطاع أن يخرج من قمقمه كأقوى ما يكون .

عادت الشركة إلى المشهد من جديد وضربت على حرمها بسور ظاهره الرحمة ومن قبله العذاب ،حيث عشرات العمال الموريتانيين يسامون الذل والهوان وصل بهم إلى أن يتعاقب أفراد منهم على زي واحد يحمي من البرد جادت به عليهم إدارة بولي –هونغ –دونغ ،بالإضافة إلى إجبار العمال وخصوصا البحارة على متن سفن الشركة على شرب المياه الصدئة وفق مصادر نقابية .

سور بولي –هونغدونغ العظيم جعلها تشبه المدينة المحرمة في الصين سيئة السمعة ،حيث وقفت إدارتها في وجه كل غريب وكأن لديها ما تخفيه ولم يسلم من الطرد على عتبات حرمها الصحافة ولا النواب ممثلو الشعب بل وحتى ممثلي العمال في تصرف بربري غابر .

غير أن حرمة بولي –هونغ –دونغ التي يقال إنها حظيت بها بفعل اتكائها على شخصيات نافذة ،جعلتها تضع كرامة أبناء وطن -يختزن في ذاكرته الجمعية انطباعات حسنة لجمهورية الصين الشعبية – تحت أقدامها .

يبدو أن هذه الحرمة تتجه إلى أن تمرغ في التراب وترسل إلى قاع  البحر حين اصطدمت بعمال الشركة –عفوا نزلاء سجنها الفسيح- الذين فاضت كأس صبرهم ليخرجوا عن صمتهم في الآونة الأخيرة فيما عرف بحراك القطاع 300 ،حين اعتصم العشرات من القطاع احتجاجا على فصل مندوبهم في الشركة وبصفة تعسفية .

دخل العمال في مطلع الأسبوع في صراع حقيقي شل عمل الشركة ولاقى مؤازة كبيرة في أوساط النشطاء في الشأن العام الوطني والمحلي

أصرت إدارة الشركة الصينية على قرارها القاضي بفصل مندوب عمالها في قطاع الـ 300 والقت بعصيها وحبالها وبكل سحرتها العتاة ومترجميها في معركة "هيبة بولي هوندونغ وخلوها من كل مطالب بحق لنفسه أو لغيره .

لكن في المقابل كان اصرار عمال قطاع 300 الموريتانيون أكبر وتشبثهم بنقيبهم كافيا لوضع حد لحرمة شركة بولي "هونغ دونغ" ليأخذ الصراع في شكله النهائي منحى أو شكل الصراع بين إرادتين وبعبارة أدق صراع بين حَرَمين
حرم الشركة الصينية  وسورها وآخر لحقوق عمال وطنيين أترعت لهم الكأس مرتين لينتصر أخيرا المدافعون عن حُرمة وحَرم المواطن الموريتاني وذلك من خلال الاتفاق الذي أذعنت فيه بولي –هزنع دونغ لشروط عمال قطاع 300 .

حراك عمال القطاع 300 سيشكل رسالة إيجابية لبقية زملائهم القابعين خلف سور الشركة للاقتداء كما أنه يعطي رسالة سلبية من بولي –هونغ دونغ التي تمر بأسوإ مراحلها طبعا لا على مستوى الانتاج بل على مستوى الهالة والعظمة التي كانت ترسمها لنفسها في وجه عمال مقهورين مغلوبين على أمرهم .
 

28. فبراير 2017 - 16:49

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا