عشائر لعصابة بين الإستسقاء والإستفتاء / الترادولدالإمام

يقطن في الركن الشرقي_نسبيا_من الجمهورية الإسلامية الموريتانية عشائر ومجموعات محلية تتموضع في الحيزالمعروف بلعصابة الذي أصبح يطلق على عموم المنطقة رغم إختلافها تضاريسيا،مناطقيا وجماليا.
إختلاف يفسره طبيعة الإستعمار(التعمير) والإستغلال لمقدرات بيئة منهكة ،فكان من بين ساكنة المجال المنمي والفلاحي والواحاتي يتخلله الحرفي واليدوي وأصحاب العروض.

هم إذن السكان المحليون وهم الساكنة الأقل حظا في الإهتمام "السلطوي"الحكومي مماكان له بالغ الأثر على تردي الخدمات بأبعادها:الصحية والتنموية الضرورية أحرى التكميلية.
  لكنهم اليوم باتوا الساكنة الأكثر فقرا وإحتياجا وإمتلاكا لوسائل الإنتاج والعيش الكريم ،فمن يصدق اليوم أن ولاية بحجم لعصابة واسطة العقد الموريتاني وعبق تاريخه وتجلي من تجليات جغرافيته (بيئيا،وبشريا)وأحد خزاناتها الرعوية والإنتخابية تعيش أسوأ ظروفها:إرتفاع صاروخي جنوني لأسعار المواد الغذائية وشح وإنعدام للمياه وما أدراك ما المياه  قوام التنمية وعصب الحياة.
منذ متى والمنسيون ...المهمشون العطاش يلوحون بالقناني الفارغة وينادون في أكثر من مناسبة وأثناء الرحلات المكوكية الكرنفالية'(القوافل)التي ينطمها الرئيس وبعض وزرائه لنكإ جراحات الشعوب عن طريق إطلاق وعود من على المنصات العائمة على السراب لبث خطابات فارغةفي محتواها يصاحبها قطع أشرطة رمزية لتدشينات هزيلة حبذا لوتركت تلك الأشرطة شاهدةعلى فعلتهم وسينفونية تعزفها الرياح على مسامع المطبلين.
منذ متى وهؤلاء المعطشون ينادون ويطالبون بضرورة حفر آبار أو مد شبكات مياه أو إقتناء صهاريج للتخفيف من المحنة والمعاناة التي تشتد وتتفاقم يوم بعد يوم بسبب الحر والملوحة ونضوب الآبار التقليدية القديمة وضعف شبكة المياه وتعطلها أحيانا،إذ لم تعد تغطي حاجات السكان المتزايدة في ظل إرتفاع الطلب والكثافة السكانية لبعض المدن.
كما أن البعض الآخر يلجأ إلى حفر عيون ترابية تتساقط على رؤوس أصحابها بين الفينة والفينة في النطاق المعروف بلمسيلة .
  بينما يبكر رجال ونساء من قرى عديدة قاطعين مسافات طويلة بحثا عن مايروون به عطشهم ،ليعودوا في الظهيرة بعد أن أنهكهم السير وخارت قواهم.
حدث هذا وأكثر لمدن وقرى يفترض أن تكون قد نالت حظها من التنمية وتمكنت من الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليمية...فما بالك بمزارعين كادحون؟
يصارع هؤلاء من أجل البقاء في بيئة ينقص من أطرافها وخلف سدودوحواجز رملية بنتها سواعد الأقدمين (بقية ماترك آل فلان)علقت بها قلوبهم وإرتبط بها مصير عيشهم فتنادو ونادوا ليل نهاربترميمها وإنتشالها من براثين النسيان وللأسف فكأن صدى صوتهم لم يبرح تلك المطبات فنبتت في البعض غابات بينما تحول البعض الآخر لأطلال.
  أطلال باتت وجهة مفضلة (مرتع ومنهل)لمنمين عندما تغور الآبار والعيون وتنفد الحشائش بفعل الإستخدامات المفرطة والضغط والحرائق الموسمية التي تلتهم الأخضر واليابس من كل عام في العمق الرعوي وكأن لاشيئ ،الجهات المختصة لاتملك مبادرة ولاحلول وليس لها وسائل في الأساس فلن تتعب نفسها من أشعل النيران يطفيها فيكتوى المواطن البسيط بهذه النيران ممايطرإلى الهجرة  للدول المجاورة بحثا عن الماء والكلأ.
  في المقابل يهاجرالساسة والنخب ورجال الأعمال نحو شط الأطلسي حيث تيار كناريا البارد تاركين إخوتهم وقواعدهم الشعبية تحت رحمة أشعة الشمس الحارقة منتظمين في طوابير قصد الحصول على ليترات مياه .
لقد غابت عن أذهان الساسة المحن نسو أو تناسوهذه الصورة المؤلمة من التدافع وأكتفو بالدعم والتأييد للتعديلات الدستورية بماتحمله...دون التذكيربالوعودوالمطالب الملحة للساكنة وماتعيشه موادهم الأولية "طبعا"(الغذائية،والخدمية)من غلاء وتردي بشكل فج لامراءفيه ولاجدال.وبين هذا وذلك يروح الشعب والأرض ضحية لصراع النفوذ.
هذه إذن هي لعصابة بواقعا المروموقعا المثالي المثأزم حيث:الجمال والإهمال،الغرق والعطش الوفرة والندرة... شعبه في إقليم بحجم أمة في مهب الريح.اللهم سقيا رحم لاسقيا هدم وعرق
فالساسة بعد المطرنبق   ("النبق بعد السحاب المطرا لاطعم لاريح لانفع ضررا")

11. مايو 2017 - 10:46

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا