العشر الأواخر نتاج الشهر ومسك ختامه !! / محمد المصطفى الولي

تمر الأيام بشكل مشيح ونفس المؤمن في سباق مع حصد الذرى والتخلف عن عير الغنيمة وركب العتق والغفران ، وقد ساعفت أيام هذا الشهر ولياليه على أن تسدل ستار الترجل والوداع لظرف سيغيب وميضه القوتي والروحاني عن أناس ألفوه بتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقهم الله ينفقون ، يلجون بحماس عشريته الأخيرة تضرعا وخيفة على مستقبل لايجد فيه المرء إلا ماقدم ،

 لايأكل ناجيه حمضه بعد خلته إلابمروره برقا خاطفا ، تسيل أندابه على محاجره لما ضغت عيناه دموعا من ناشئة الليل وتهجد العشر الأواخر من رمضان ...
ويندم على اغتنام فرصته شارب الرنق في وضح النهار اتباعا لإحدى المهلكات النهابر ، وغمص نعم الله التي غبن فيها كثير من الناس ، يبيت ليله ينازع الكأس على يفاع التل ويديرها على الحلل ، ويظل نهاره يعلق الفراش تقلبا على علاته كأن لم يحيه الله بعد موته ، طوى تقصيره على كرب الفليجة الدهناء ، فاته القيام وحرم الصيام ، ولم يعتق من النار ، ولم يتحر ليلة القدر ، ولم يعتكف في العشر الأواخر ولم يودع رمضان ...... وربما كتب من مغادري الفانية إلى عالم الأشباح في ليلة لايستعد لإحيائها .
إن الرابح في هذالشهر والكيس العامل لمابعد موته هو ، من يتزود بهزيج الوحي وشذى التقوى وندى الإيمان ، بعد اجتياز عشرين يوما من الزرع والحصاد ، ضوعفت فيها الأجور وفتح باب التنافس على مصراعي الجني والتخلص من الأدران ، وتليت الآيات وأشكمت الأفواه وصينت الفروج وخضعت الجوارح ، وذكر بالقرءان من يخاف وعيد الباري سبحانه وتعالى ، ليبدأ متسابقا ينشد ضالة العشر الأواخر وفضائلها التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما روته أم المؤمنين زوجه عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذادخل العشر أحيا اليل وأيقظ أهله وشد المئزر)) . متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يعكتف في كل رمضان عشرة أيام ، فلماكان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما )). رواه البخاري .
والإعتكاف لزوم المسجد وقصده للتجرد للعبادة والذكر ، والمؤمن الوجل في هذه الأيام يتلمس بالأشطان ليلة قال عنها جل وعلا (( حم والكتب المبين ، إناأنزلنه في ليلة مبركة إناكنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم ، أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ، رحمة من ربك إنه هو السميع العليم .)) سورة الدخان : الآيات ( 1— 6 ) .
ليلة تقدر فيها مقادير الخلائق على مدى العالم ، فيكتب فيها الأحياء والأموات ، والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء ، والعزيز والذليل والجدب والقحط ، وكل ماأراد الله تعالى في تلك السنة على حد تفسير بن القيم رحمه الله ، وقد قال بن عباس رضي الله عنهما : أن الرجل يرى يفرش الفرش ويزرع الزرع ، وأنه في الموتى . ولهذه اليلة خصائص ومميزات تبين مكانتها العلية وظرفيتها القدرية العظيمة والتي منها :
1—: أن الله تبارك وتعالى أنزل فيها ءاخر كلام خاطب به البشرية ، وهو القرءان الكريم .
2— :أنه عز وجل فضلها على سائر الظروف الزمنية الأخرى ، حيث قال سبحانه " ليلة القدر خير من ألف شهر " .
3— : وصفها بالسلامة والعصمة من الشيطان أن يعمل فيها أذى من مكائده .
4— : غفران ذنب قائمها إيمانا واحتسابا ماتقدم من ذنبه وماتأخر ..
5 — : ربطها بالبركة وأنها ليلة مباركة : " إنا أنزلنه في ليلة مبركة " .
6— : تنزل الملائكة الكرام فيها بالرحمة والسكينة صحبة الروح الأمين ، جبريل عليه وعليهم السلام ، وخصه بالعطف لشرفه وفضله .....
إلى غيرذالك من الفضائل والحكم التي جعلها الله في هذه اليلة وفي إخفائها حتى يطلبها الإنسان في كل ليالي الشهر الفضيل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان . )) رواه البخاري .
فعلى المرء أن يلازم فيها التبل في محراب الإبحار في عوالم الخطابي القرءاني وجوهره الرباني الذي تضيء لآلئه حجى القارئ في محراب التبل والقيام ، وأن يكون شعاره " ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر " وينتظرها بحيوية الإحياء والإستغلال ، وبملازمة القرءان فيها ملازمة الظل لصاحبه تعيش الأرواح وتشف الصدور وتقشعر القلوب ، فهو أنجع من علاج المادة الفيزيائة التشخيصية ، وبهجره ينزلق المرء عن شرك الطريق ويختل نظام حياته ، إذهو لبنة الأساس وعماد البقاء ، فهو أشد وقعا في القلوب من وجنات الصخور .
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا ، اللهم اجعلنا من عتقاء رمضان من النار ، واغفر لنا ماتقدم من ذنوبنا وماتأخر ، وتقبل منا الصيام والقيام ، ووفقنا لقيام ليلة القدر وأعده علينا باليمن والخير والإيمان والإسلام والسلامة والإحسان ، ونحن في أمن وصحة وعافية ، اللهم جنب بلادنا الشرور والفتن ماظهر منها ومابطن ، ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

20. يونيو 2017 - 2:01

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا