سيناريوهات الإستفتاء ومابعده! / أحمد صمب

لكل استراتيجية سياسية هدف، تضع من أجل بلوغه تكتيكات وخطط، ولكن الغاية من كل ذلك هي تحقيق ذلك الهدف المنشود.
عندما خطط الشيوخ لإسقاط الإستفتاء، وضعوا تكتيكا وخطط، توهم النظام أنهم ماضون في نهجه وتحقيق غايته، ولكن هدف الشيوخ هو إسقاط التعديلات الدستورية، لا التماهي في سياسات النظام ولا تحقيق هدفه، الذي هو تمرير نتائج الحوار.

كان هدف الشيوخ واضحا بالنسبة لهم وخططوا له تخطيطا محكما ونجحوا في تحقيقه. لم يقاطع الشيوخ ولم يصوتوا بالحياد بل كانت استراتيجيتهم المشاركة وتكتيكهم خديعة النظام والتظاهر بالتماشي والتماهي مع سياساته كي تتسنى لهم مباغتته، ونجحوا فعلا في ذلك.

هذا ما كان في المعركة التي انتصر فيها الشيوخ وهم ثلة قليلة على عتاد الدولة وهيبتها وجبروتها، فما هي يا تمرى، استراتيجية المعارضة المقاطعة وما هي تكتيكاتها  ما هي النتيجة الحتمية لما سيصلون له؛ وفِي المقابل ما هو هدف النظام وما هي استراتيجيته وما هي النتيجة الحتمية التي سيصل لها؟

من البديهي أن هدف المعارضة المقاطعة هو إسقاط الإستفتاء، ولكن كلمة إسقاط الإستفتاء تبقى كلمة فضفاضة عير محددة ولكل أن يفسرها حسب فهمه. فهل يعني إسقاط الإستفتاء، إسقاط نظام ولد عبد العزيز قبل نهاية مأموريته والذهاب إلى انتخابات مبكرة؟ أم أن إسقاط الإستفتاء يعني إضعاف نسبة المشاركة وإظهار النظام على أنه فاقد الشعبية وسياساته غير مرغوب فيها؟  أوأن إسقاط الإستفتاء يعني فوز التصويت "بلا "  وبالتالي تحقيق ما حققه الشيوخ ووأدِ قصة تغيير العلم الوطني وحل مجلس الشيوخ وصفع النظام صفعة تقضي عليه نهائيا وتجعله ينهي مأموريته ضعيفا ذليلا لا حول ولا قوة له؟

لنتمعن الآن في استراتيجية المعارضة المقاطعة وتكتيكها وخططهالنستشرف من خلال ذللك النتائج المُحتملة أو الحتمية اعتمادا على هذه الإستراتيجية وهذا التتيك. ولكن قبل ذلك دعونا نحدد هدف النظام هو الآخر من هذا الإستفتاء وماهي استراتيجيته وما التكتيكات التي اعتمد لذلك؟

إن هدف  النظام الأساسي  هو أن تحصد "نعم" في الإستفتاء نسبة مئوية تزيد على الخمسين في المائة، أما استراتيجيته لذلك بعد فشل تمرير التعديلات من خلال البرلمان، هي الإستفتاء الشعبي المباشر، وأما تكتيكه المفضل فهو شق صف المعارضة وجعل جزء منها يشارك معه لإضفاء شرعية على ما يقوم به، جعل الجزء الآخر يقاطع ليكون نجاحه مضمون في ما يسعى إليه وهذا الجزء الأخير من التكتيك هو الأهم لأنه يجعل من المعارضة المقاطعة وجهدها وسيلة من وسائل حملته لإنجاح إنتخاباته وهي تظن  أنها تعمل عكس ذلك. سيكون من البديهي أن يحقق النظام هدفه، أي أن نسبة المصوتين في الإستفتاء ب"نعم" ستكون هي الأكبر ذلك أن جميع (المعارضة بجميع أصنافها والنظام ) يعمل من أجل تحقيق ذلك والمعطيات والقرائن تدل عليه.

سينقسم الناس إلى ثلاثة فئات: فئة، وهي الأكبر، لن تذهب للتصويت وهي فئة #ماني_زارك، وهذه هي التي تدعو لها المعارضة المقاطعة ولو عبأت للتصويت ب"لا"لقلبت الطاولة على النظام كما فعل الشيوخ؛ وفئة ثانية هي فئة المصوتين بنعم، وهذه يدعو لها النظام ؛ وفئة ثالثة هي فئة المصوتين بلا، وهذه من لا يكاد يسمع صوت يدعو لها، عدى الرئيس محفوظ ولد يتاح وحزبه. النظام إذا هو من سينجح في هذا الإستفتاء ولا تهمه نسبة المشاركة سواء كانت كبيرة أو ضئيلة، فالمهم بالنسبة له هو أن  يحصل على أغلبية  الأصوات المعبر عنها.

سينجح النظام حتما لأن استراتيجيته وخططه تخدمه وكذلك استراتيجية المعارضة وتكتيكها تخدمه أيضا. الإحتمال الوحيد الذي يؤدي إلى فشل النظام كما حدث له مع الشيوخ، هو أن تكون نسبة التصويت ب"لا" هي الأكبر ولكن المعارضة المقاطعة تكفلت بعدم حدوث ذلك وفتحت المجال واسعا أمام ولد عبد العزيز للنجاح في مسعاه، تغير العلم وحل مجلس الشيوخ. فهل المعارضة هي من يعمل على إنجاح النظام في مساعيه بسبب انعدام الرئية وعدم التناسق بين استراتيجياتها وأهدافها؟ أليست سياسات المعارضة الفاشلة وخططها المرتجلة وتدابيرها المرتبكة، هي السبب في استمرار حكم العسكر ؟

سيمضي الإستفتاء وينجح النظام في تمرير تعديلاته الدستورية بسبب انعدام رؤية المعارضة المقاطعة التي تجعلها تخدم النظام وهي لا تحتسب، وبعد صدور النتائج سترفضها ثم تعود إلى الطواف بين كلينكْ ومسجد ابن عباس وليس طواف هاجر ذلك الذي تفتقت منه الماء، ماء زمزم وانبت الكلئ والمرعى ؛ هذا طواف جدار المبكى بساحة ابن عباس عهدناه منذ قرابة عشرٍ ولم يفد البلاد ولا العباد.

سترفض المعارضة النتائج ويمضي النظام كعادته في تمرير أجندته، فيحل البرلمان ويقرر إنتخابات بلدة ونيابية ، فتحتار المعارضة المقاطعة، أتشارك أم تقاطع، فيشارك حزب تواصل كعادته يتبعه  حزب ولد مولود وربما أحزاب أخرى من أحزاب المنتدى ويقاطع حزب التكل معيدا خطيئة ألف وتسعة مائة وإثنان وتسعين ويتبعه حزب عبد القدوس ولد اعبيدن ينشدون انقلابا جديدا، وترجع الحلقة المفرغة للدوران ويبقى العسكر في السلطة وتبقى أكبر نقاط قوته هي معارضته  المقاطعة التي تخدمه بمقاطعتها وهي لا تشعر!

1. أغسطس 2017 - 11:50

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا