في خطابه للشعب الموريتاني أكد فخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني أنه يريد للحوار أن يكون “جامعا صريحا ومسؤولا، تترفع أطرافه عن المكابرات والمشاكسات العقيمة، وعن الانسياق وراء تحقيق مكاسب شخصية وحزبية ضيقة على حساب الصالح العام المتوخّى منه”.
ولكن اود ان اجزم بانه لن تستطيع أي حكومة أو أية إرادة سياسية أو اجتماعية ان ترقي بوطننا وأبناءه مالم نستعد لذلك، لان كل بناء أو إصلاح أو تغيير لا يقوم على إصلاح الأنفس وإيقاظ الضمائر وتربية الأخلاق؛ أشبه ببناء على كثبان من الرمال، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ ما بأنفسهم وعليه استحضار المسؤولية وحب الوطن والتجرد ضرورية لضمان مخرجات عملية لبناء موريتانيا الجميع من اجل الجميع.
لا أحد أيضا ولو كابَر، اننا نجد المواطن لم يعد يلمس أيّ شيء على ارض الواقع سوى التنظير السياسي الاعلامي والوعودات وما كل تلك الحراكات والاعتصامات والمسيرات الاّ دليل عجز لتلك الحكومات عن تحقيق أدني المطالب الشعبية مما يطرح تساؤلات: هل فعلاً تمت محاربة الفساد؟ وهل تحقق الاصلاح المنشود؟ وهل تحققت العدالة الاجتماعية ونحن نشهد كثيراً من الظواهر السلبية في التعيينات التي تثبت عكس ذلك ولم يلمس المواطن على ارض الواقع سوى سياسة رفع الاسعار وتعديل وتغيير القوانين والانظمة والتشريعات التي تزيد المواطن عبئاً وحملاً ثقيلاً لأنها سياسة جباية؛ هل نقص الدين العام ام زاد؟
يجب في هذا الحوار ان نقف عند لماذا تعثرت وفشلت العديد من المشاريع الكبرى والصغرى دون ان تنفذ على ارض الواقع؟ ولماذا تعثرت العديد من المشاريع التنموية والاستثمارية ولم تثبت قوانين الاستثمار لمدة كافية لتشجيع المستثمر على الاستثمار بل هي في تغير مستمر.
كثيرة هي الاسباب ومداخلاتها! هل هناك مصلحة تغلب على المصلحة الوطنية؟ فهل هناك من جهات رقابية حيادية تقيم اداء هذه الحكومات بكل شفافية وتقيم ما حققته من انجازات ونجاحات او فشل ملموس انعكس سلباً على الوطن.
كلنا يعرف ان هناك الكثير من الرجالات السياسية وعلى مدار سنوات طويلة تعاقبوا على العديد من المواقع الرسمية في العديد من الحكومات المتعاقبة دون ان يحققوا اي شيء ملموس بل أثروا سلباً على اداء الحكومة حتى أصبحوا يعيقون الانجاز ومازالوا بالإضافة لمهارتهم بالتنظير الاعلامي عبر الوسائل المختلفة وليس تواجدهم بمناصبهم سوى ارضاءات ومحسوبيات ومصالح مشتركة أثرت على برنامج الرئيس الحالي ولسان حالهم يقول لا وجود لموجود سوانا.
للأسف أصبحنا نلمس ان هناك شراكات سياسية بين الاقوياء اصبحت تعمل لتحقيق المكتسبات الشخصية الخاصة بها بدلاً من تحقيق المصلحة العليا للوطن. وأصبحنا نجد ونلمس ان هناك شراكات سياسية خارج الحلقة السياسية التنفيذية اصبحت تأخذ شكلاً من اشكال المعارضة لتحقيق مصالحها لا مصلحة الوطن والمواطن واخذوا من الاعلام بأنواعه واشكاله عنواناً لتصريحاتهم وتنظيرهم بالتحليل والتعرية بدلاً من ان يكونوا الناصحين والموجهين بحكم خبراتهم السياسية.
دعوة رئيس الجمهورية في محلها واشتراطه ضمان لمخرجات عملية بعيدة عن الشعوبية الطائفية فنحن بحاجة ماسة لمراجعة شاملة لتقييم اداء الحكومات عبر مراحل مسيرتها كذلك تقييم اداء كل رجل سياسي في منصبه وبيان قدرته على تحمل المسؤوليات وتقييم كفاءته وادائه وليس على مبدأ المحسوبيات والإرضاءات والمصالح المشتركة فموريتانيا تستحق منا الكثير فإن لم نبنها فمن سيبنيها لنا؟
الحوار المجتمعي الشامل هو استثمار في مستقبل موريتانيا، حيث يساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة وازدهارً فموريتانيا تمر بتحديات عميقة تؤثر على مختلف جوانب الحياة، وتعيق مسيرتها نحو التنمية المستدامة وهذه المشاكل ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج عوامل تاريخية وجغرافية واقتصادية متراكمة.
ومع ذلك فإن التغلب على هذه التحديات البنيوية يتطلب إرادة سياسية قوية جددها فخامته، ولكن يستدعي ذلك تعاونًا بين مختلف الفاعلين في المجتمع، وبناء شراكات مع المجتمع الدولي.
مسيرة الاصلاحات وهل سيكون من ضمن مسيرة الاصلاح قرارات جريئة للاستغناء عن كل سياسي غير منتج ومن تكلس في منصبه حيث أصبح هذا القرار من الضروريات الوطنية التي يتطلع اليها الجميع من ابناء هذا الشعب لإزاحة هؤلاء الاشخاص من امام مسيرة الاصلاح والبناء والتقدم والتغير.
احمد حبيب صو إطار في وزارة العدل