الهجرة غير الشرعية: طيّ الملف الأكثر تعقيدًا / د. شيخنا حجبو

منذ إثارة ملف الهجرة غير النظامية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية تواكب تطوراته مع المواطنين، وتشاركهم في كل صغيرة وكبيرة في تلك التطورات، وتقدّم لهم كل المعلومات، وتشاركهم هواجسهم ومخاوفهم من كل مظاهر الضرر والتأثير التي قد تنجم عن إغفال بسيط بشأنه أو بشأن أية جزئية منه، غير مأخوذة بالحزم واليقظة والمتابعة الدقيقة.

ورغم كل ما رافق مراحله من لغط، ومن أدوار خبيثة يلعبها هذا الطرف أو ذاك، لتخويف المواطنين من تداعياته على أمنهم ورغد عيشهم، تلميحًا أو تصريحًا، أو همسًا بضلوع الدولة في اتفاقيات مع دول أجنبية لتوطين المهاجرين غير الشرعيين، وما رافق ذلك من شيطنة للملف، وضلوع البعض من ناقصي الحس الوطني في إغراق البلاد بالمهاجرين عبر وسائل مختلفة، كلّها غير شرعية، رغم كل ذلك تظهر الدولة منتصرة وقوية في معالجة الملف.

ويظهر للجميع إلى أي حد كانت صادقة مع شعبها فيما تقول وتفعل بخصوص الملف، ملف الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين. وها هم المهاجرون قد عادوا من حيث أتوا، وتكفلت الدولة في ذلك بجهود معنوية ومادية ودبلوماسية غير مسبوقة البتة، كانت تأثيراتها بادية، حتى في الجزئية المتعلقة بتسارع وتيرة تنمية العاصمة، بسبب النقص في مواد البناء لغياب العمالة الأجنبية التي تم ترحيلها من خلال تصفية ومعالجة ملف الهجرة غير الشرعية.

ويكفي من الوضوح في الملف ما تقدم به معالي وزير الداخلية في رده على السؤال الشفهي في قبة البرلمان أخيرًا، حيث أوضح - بما لا يترك أي مجال للشك - كل ما هو مرتبط بالملف، وكيفية معالجته، والنتيجة التي خُتم بها ذلك العلاج. وأظهر في الآن نفسه طبيعة كل الإجراءات التي تم اتخاذها مع المهاجرين، ومع دولهم، ودول الجوار المعنية بالملف بشكل مباشر أو غير مباشر، وردّ على كل الشائعات ذات الصلة بالملف، فكان في كل ذلك صريحًا وشفافًا.

وكانت خرجته إيذانًا بطيّ الملف، وتنفس المواطنون الصعداء، وانكشف الزيف والتضليل الذي كاد يُهيّج الساحة الوطنية وينذر بعواقب وخيمة على الدولة والمجتمع. وبالنتيجة يتضح أن ملف الهجرة غير الشرعية (الملف الأكثر تعقيدًا)، كان من أكثر الملفات وضوحًا في المعالجة، وكانت الدولة تمسك به بعناية فائقة، وهو ما أعطى النتائج المعاشة حاليًا: (لا مهاجر غير شرعي على التراب الوطني)، و(لا اتفاقيات مع دول ما لتوطين الأجانب على التراب الوطني).

وهنا نقول بكل صدق ووضوح: إن المواطن الذي يكون ضالعًا في إدخال المهاجرين غير الشرعيين تنقصه الوطنية، وعليه أن يعلم أن ما يقوم به مُضرّ به وبأسرته وبأهله وبوطنه، فعليه أن يستثمر في غير ذلك، فذلك استثمار غير مشروع وغير شرعي، والدراهم المأخوذة منه حرام، فلا تُلبسوا وتُطعموا أطفالكم وأُسَرَكم حرامًا، واتقوا الله في أهلكم ووطنكم.

والأمر الآخر يعني المدونين: أهل البصمة والقلم عمومًا، فعليكم أن تكونوا وطنيين صادقين، وأن تصونوا الأمن القومي لبلدكم، فلا تميلوا ميلًا انتحاريًا تُدمرون به البلاد والعباد.

فقد أظهر موضوع ملف الهجرة غير النظامية، كما تقدم ذكره، أن بعضكم - مع الأسف - قد مال ذلك الميل. ولكن الملف الأكثر تعقيدًا قد ظهر أنه الملف الأكثر وضوحًا في المعالجة على الإطلاق.

وكل ما نرجوه ويتطلع إليه المواطنون بحسرة ورغبة شديدة، هو أن يُمسك ملف المخدرات بنفس الحزم والعزم والصرامة، بل وأكثر من ذلك، فقد بات أكثر من مقلق، وينذر بحرب قادمة مع الدولة إذا لم يتم تداركه الآن.

د. شيخنا حجبو

7. mai 2025 - 23:06

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا