
قبل بضع سنوات خلت؛ انثال الموريتانيون زرافات ووحدانا على فخامة رئيس الجمهورية وهو إذ ذاك مرشحا لكرسي الرئاسة، اجتمعوا حوله وسماه القاصي والداني مرشح الإجماع، وطبعا من نافلة القول أن اجتماعهم لم يكن مؤداه محض الغباء ولا تراكم الفضول..
لقد التف الموريتانيون حول رئيسهم المستقبلي لجملة من الخصال الحميدة الظاهرة التي منها استئناسا لا عدا ولا حصرا هدوءه المُتَّزِن واحترامه للجميع؛ فسكن قلوبهم، ومدوا إليه أيديهم، واحْنَوا رؤوسهم، وترجموا صدق ذلك بتصويتهم الباهر له وانتخابه رئيسا للبلاد، رئيسا يشكل مرجعا ناظما لكل الخيوط الاجتماعية، ثم صوتوا له ثانية بعد خمس سنوات من قيادته للبلاد بهدوء وكياسة، وحذاقة، ولباقة منزوعة التشنج؛ خِلْوًا من التعصب أو استغلال النفوذ ظاهرا أو باطنا، وطبعا كلنا يعرف تلازم استغلال النفوذ مع كرسي القيادة أحرى الرئاسة.
لقد انطبعت السنوات الأولى لقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بطابع الهدوء والسكينة حتى عُدت التهدئة السياسية أهم المكاسب الوطنية حينها؛ فزاحم المعارض العتيق الموالي القديم مناصرة للرئيس ودعما لتوجهاته وقراراته، وطبعا تغيرت الخارطة السياسية وأبانت عن مشهد جديد انقبضت فيه رقعة المعارضة واتسعت رقعة الولاء والمؤازة مما أسس للوحة سياسية وطنية قلَّ فيها الصوت النشاز وإن لم ينعدم؛ لكنه انحسر وانكشفت سوءاته.
كلنا يتذكر مظالم شهيرة رُدت عن أصحابها وزال عنهم ضررها، منهم رموز في الإعلام وإخوان لهم في القضاء وغيرهم في مجالات أخرى، منهم الرفعاء، ومنهم البسطاء، اختلفوا في الصفة والمستوى، واتحدوا في الصلة والإنصاف، الإنصاف من طرف فخامة رئيس الجمهورية، ومعروف أن الإنصاف من شيم الأشراف.
لقد رأت برامج اجتماعية كثيرة النور في العهدة الرئاسية الأولى وما مضى من الثانية؛ من ذلك التأمين الصحي الذي اتجه نحو الشمولية فدخل تحت ظله مئات آلاف الأفراد والأسر، ووزعت الإعانات المالية والغذائية، طبعا قد يقول قائل إن هذا لا يكفي لمواجهة مستنقع الفقر وموجات البطالة؛ صحيح لكنه يحد من تأثيرات هذه الظواهر المتجذرة ويُعين على مواجهة إكراهات الحياة الكثيرة، ويجعل من البرامج الحكومية الأخرى ذات الصلة نفعًا وجدوائية.
يضيق المقام عن ذكر كل مجال على حدة وبالتفصيل المجزي، لكن في ذكر بعض المشاريع إشارة وبشارة وكفاية لمن أراد دراية دون إنكار بعد إظهار أو إخفاء بعد التجلي، ولنا فيما أُسس له على درب إرساء دعائم المدرسة الجمهورية دعامة وتسلية؛ فهي الحاضنة المستقبلية للجوامع الوطنية، وهي مسرح تلاقي الأجيال الآمن، فبتحقق مقاصدها ستختفي الكراهية بين فئات المجتمع، وتذوب الفوارق المعرفية، والاجتماعية، والسياسية ثم الاقتصادية.
ومما يذكر ويُشاد به ما حصل من رفع قيمة للمرأة تمثيلا وتوظيفا واعتبارا.. ومن ذلك المساحة المتقدمة التي مُنِحت للشؤون الإسلامية عموما؛ إن على السيادة الوزارية أو المسابقات الإثرائية..
ومما لا شك فيه أن تهيئة مناخ الاستثمار لا تقل أهمية واعتبارا عن تهدئة الجو السياسي، فإن كان التناغم السياسي يرسي دعائم التنمية، ويزيل الحواجز والمطبات أمام المشاريع الكبرى، ويسمح بإحداث نهضة تنموية شاملة فإن تهيئة مناخ الاستثمار هي الجاذب الأول للاستثمارات الكبرى مع ما تزرعه من طمأنينة تضمن سيرورة تلك العلاقة المثمرة بين المستثمر وبيئة الاستثمار، وهنا نقف على استثمارات ضخمة تجلت داخل البيئة الموريتانية منها مثالا لا حصرا مشاريع الغاز التي تعد الأحدث وطبعا سبقها الكثير والكثير وفي مجالات شتى؛ الشيء الذي سيكون له مع مرور الوقت المردود الإيجابي الذي سينعكس بالانتعاش على واقع ومآل الوطن عموما، مما سيعزز دخل الفرد ويؤمن مقدرات الناتج القومي الوطني.
إن ما تقدم من نقاط مضيئة لم يكن له ليتجسد لولا الإرادة الصادقة لفخامة الرئيس والاتزان الأمني، الثابت والمتناسق وهو الذي يعد صمام الأمام لكل القضايا الوطنية..
إننا ندرك بجلاء أن تتويج بلادنا بفوز مرشحها برئاسة البنك الإفريقي للتنمية لم يأت اعتباطا ولا هو وليد الصدفة؛ إذ لا شيء يقع من تلقاء نفسه، ولكل أثر مؤثر، وقبل كل ثمرة أُلقيت بذرة، ولقد كان فخامة رئيس الجمهورية هو واضع البذرة الأولى لهذا الإنجاز ثم سقاها بالعلاقات الطيبة التي زرعها في نفوس القادة الأفارقة والشركاء الدوليين فآتت أكلها اليوم؛ فصار يوم الحصاد الكبير الذي تتحدث فيه كل الدول، والشعوب، والهيئات، والمنظمات عن اسم الجمهورية الإسلامية الموريتانية بكل نبل وشموخ، فهنيئا لفخامة رئيس الجمهورية بهذا النجاح الذي سيبقى أثره منتشر الندى؛ بالغا كل مواطن، وهنيئا للمرشح الوطني الفائز، وهنيئا للقارة الإفريقية بالكفاءات الوطنية التي تتزين بالاستقامة والنزاهة والإخلاص وحب الخير للآخرين.