محاكمة الرئيس السابق
... ويل الشعوب التي لم تسق من دمها
ثاراتها الحمر أحقادا وأضغانا...
أظهر الرئيس السابق ما يسميه البعض تجلدا وماهيته رعونة، فوهب للشعب الموريتاني مِنْحة يتيمة من حيث لم يحتسب؛
المتتبع لكلام وتصريحات الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز منذ بداية الأزمة السياسية التي وضع فيها نفسه بعد مغادرته للسلطة، سيلحظ – دون كبير عناء ودون الحاجة لذكاء استثنائي - أنه يؤسس أحاديثه على أساطير غريبة لا تستقيم سياسيا، ومهزوزة الأساس أخلاقيا، ورغم أنها سطحية، ومباشرة، فإنها بالتفكيك، تتضح سطحيتها أكثر، ويتبين تهافتها، ووهنها من بوابتي السياسة و
تُعد قضية محمد ولد عبد العزيز، واحدة من أبرز القضايا القانونية التي شغلت الرأي العام، حيث يواجه اتهامات خطيرة تتعلق بالفساد المالي والإداري. ورغم جسامة التهم، لجأ الدفاع إلى استراتيجيات متعددة للتملص من المساءلة، أبرزها التذرع بمزاعم صحية، والهجوم على النظام الحاكم، ومحاولة تحويل المحاكمة إلى ساحة لصراع سياسي متوهم.
إنعاشا للذاكرة، فإليكم مقارنة بين أكبر محاكمتين شهدهما حكم الرئيسين السابق والحالي، فحكم الرئيس السابق شهد العديد من المحاكمات، ولكننا سنختار منها محاكمة الشيوخ، أما الرئيس الحالي فقد شهد حكمه أكبر محاكمة في تاريخ البلد، وهي محاكمة المشمولين في ملف العشرية.
عندما تكون صحة محمد ولد عبد العزيز أو حياته في خطر، يجب وقف المحاكمة فورا والتوجه لعلاجه. تلك مسؤولية القضاء شرعا وقانونا وأخلاقا. إن القضاة، في النهاية، مسؤولون مسؤولية مباشرة عن حياته، وهو في عهدة القضاء. كما من غير المعقول أن لا نصرف له راتبه. إن على القضاء أن يتصرف حيال ذلك .
يُكرر الرئيس السابق في كل جلسات المحكمة أن محاكمته سياسية، وأنه يتعرض لتصفية حسابات من طرف خصومه، ومن يسمع تكراره لذلك قد يعتقد أنه كان في فترة حكمه بعيدا ـ كل البعد ـ عن المحاكمات السياسية وتصفية الحسابات مع خصومه السياسيين.
منذ بدء محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، سعت السلطات القضائية في موريتانيا إلى التعامل مع القضية بحيادية تامة بعيدًا عن أي تأثيرات سياسية.
هذه المحاكمة، التي تُعد من أهم المحطات القانونية في البلاد، تُظهر التزام النظام القضائي بتحقيق العدالة وفق الأسس القانونية الصارمة.
لست مهتما بدفاع ولد عبد العزيز عن نفسه ولا بدفاع لفيف محاميه عنه، ولا بما يتهم به غيره من فساد ويبرئ منه نفسه، الأمارة بالسوء.
ولذلك لم اعلق ابدا على كل مداخلاته ولا على مرافعات محاميه خارج وداخل المحاكم التي مثل امامها منذ ان بدأت محاكمته حول أفعاله خلال عشرية الجمر، التي حكم فيها موريتانيا ولم يرقب فيها إلا ولا ذمة.
بلغت مغالطات الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حدا من الاستفزاز والاستهزاء بالمتلقي لم يعد بالإمكان السكوت عنه، ويبدو أنه قد أصر في كل جلسة على أن يقلب الحقائق رأسا على عقب، وبجرأة لم يسبقه إليها أحد، وربما يكون قد اعتمد على هذه الاستراتيجية في الدفاع عن نفسه، بعد أن أعيته الحجج المقنعة في الدفاع عن نفسه خلال جلسات المحاكمة.