تشكل الثروة الحيوانية في موريتانيا مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل و تلعب دورًا لا يستهان به في مجال توفير الأمن الغذائي من خلال مساهمة هذا القطاع في توفير الحد الأدني للمعيشة بالنسبة لغالبية سكان البلاد.
و يتفق معظم الدارسين المهتمين بالشأن الإقتصادي علي أن منطقة الحوض تمثل أهم خزان لهذه الثروة
بجميع أصنافها ( من بقر و إبل و ضأن و معز …و غيرها).و هذا ما جعل الإدارة الإستعمارية التي حكمت المنطقة تصنف هذه الثروة بإعتبارها إحدي أهم مصادر التحصيل الضريبي لدعم ميزانية المستعمرة .
لهذه الأسباب لم تتردد في إدماجها في إقتصاد السوق عبر مسار المبادلات النقدية ذات الطابع التجاري و فتحت لهذا الغرض أسواقاً خاصةً بالمواشي في كل من مالي و السينغال.
و رغم الدور الحيوي الذي يلعبه قطاع التنمية الحيوانية اليوم في الرفع من أداء إقتصاد البلاد عبر مساهمته بنحو 9.8 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي الوطني و تشغيله لنسبة 11بالمائة من السكان العاملين فإن الإستفادة من هذه الثروة لا تزال محدودة لإعتبارات عديدة أهمها :
الإعتماد علي الوسائل البدائية المعروفة لدينا مثل الإنتجاع و الترحال و الإعتماد علي التساقطات المطرية و غياب إستيراتيجية جادة لتطوير و تحديث نمط التنمية في هذا القطاع الحيوي.
و من أجل وضع حد لهذا الخلل التنموي بادر رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني منذ توليه مقاليد السلطة إلي إتخاذ جملة من الإجراءات تهدف إلي تكثيف و تطوير إنتاج الألبان و اللحوم و مختلف المشتقات الحيوانية و ترقية زراعة الأعلاف و تحسين الصحة الحيوانية. هذا بالإضافة إلي تشجيعه لمبادرات المنمين في تنويع و تطوير الإنتاج في مختلف الشعب الحيوانية.
و لتحقيق هذا المسعي فقد تم إنشاء صندوق ترقية التنمية الحيوانية و رصدت له تمويلات معتبرة كما أستحدثت في السياق ذاته مؤسسات عمومية أسندت إليها مهمات تحسين السلالات و تسيير المسارات الرعوية و تأطير المنظمات المهنية العاملة في المجال.
و لا شك أن مصادقة الحكومة في إجتماع مجلس الوزارء في مدينة النعمة اليوم الخميس 2 مارس 2023م علي إعادة هيكلة و تنشيط المؤسسات العامة التابعة لقطاع التنمية الحيوانية و دراسة إجراءات الإعفاء الضريبي علي التجهيزات و المعدات التي تستخدمها و سن سياسة دعم ملائمة لتفعيل أدائها و وضع أقطاب تنموية متكاملة لخلق مزيد الثروة يؤكد بصدق حرص الرئيس علي تحسين الظروف المعيشية لسكان الحوض عامة و وضع حد لعقود من التهميش و النسيان عبر المقاربة التي طرحها سيادته و المتمثلة في الإندماج الإقتصادي بين جميع ولايات الوطن و إرساء الحكامة الجيدة التي تراعي التوازنات الكبري للإقتصاد الوطني الكلي.
فهل نحن فعلًا مدركين لهذه الفرصة التاريخية المتاحة و هل سنحسن إستغلالها ؟.