كنت مولعا بالأشياء الغريبة وخاصة تلك التى تتعلق بالفضاء ومنها كلب الريشات أوعين الصحراء عندما قرأت عنه في المجلات العلمية ووكالة ناسا التي صنفته من بين عشر مواقع حيرت العلماء...
وقد سافرت اليه شخصيا لأكتشف أن هذا الموقع أصبح مهملا ولم يزوره أحد منذ خمس سنوات خوفا من هاجس الارهاب
الذي يروج له من هنا وهناك وهي الفترة التي اجتاحت المنطقة فيها موجة ارهاب غير مسبوق..
ولقد كانت أمريكا سباقة الى تحذير رعاياها في الفترة الأخيرة من السفر الى موريتانيا لتلتحق بها ابريطانيا وفرنسا...
وقد كتبت مقالا حول هذا بعنوان:ماذا يريد الغرب من زعزعة الأمن في موريتانيا؟!
حاولت من خلاله أن أكشف تناقض كلام السفير الأمريكي لاري اندريه..
الذي يتنقل في أحياء وضواحي العاصمة أنواكشوط بدون حراس وفي مدن الداخل الموريتاني الحدودية بكل أمان..
فالرجل لم يسلم منه أي مكان فتراه تارة في حفل عرس شعبي بزي تقليدي موريتاني وتارة يغسل الأواني ويأكل المشوي في حي شعبي وتارة يشجع المنتخب الوطني ومرة يجتمع بالأحزاب السياسية... بعيدا عن أمنه الشخصي وعن مستلزمات لبروتوكول...
وقد جمع الكاتب المقتدر محمد لمين ولد الفاضل هذه المشاهد في ألبوم نشره في صفحته الشخصية على الفيس بوك
وعلق عليه بقوله: "لا يكاد يمر يوم إلا وأطل علينا السفير الأميركي من مكان لم نكن نتوقع أن يظهر فيه)
وختمت المقال بالقول إن المراقب في موريتانيا لم يلاحظ ولله الحمد في السنوات الأخيرة أي حالة إرهابية ولم تفكك فيها أي خلية إرهابية وليست بها خلايا نائمة للإرهاب عكس ما يجري في دول الجوار..!! أضغط الرابط:
http://alakhbar.info/opin/18638-2016-11-08-20-23-55.html
والآن أعرض هنا لمقابلات السفير الأخيرة عندما زار أزويرات عاصمة تيرس زمور في أقصى الشمال الموريتاني حيث قال: إنني أشعر بالفعل بأن موريتانيا منذ خمس سنوات باتت بلدا آمنا، وأتحرك مع زوجتي في كل أرجاء البلد وأشعر بالرضى عن مستوى الجهد الأمني المبذول، ولا توجد لدي نقاط حمراء داخل البلد على الإطلاق).
مضيفا إن الكلام الجميل لايكفى بل الفعل، لذلك قرر أن يزور الحوض الشرقي ثلاث مرات ولعصابة مرتين وهو الآن في تيرس زمور رفقة زوجته..
و في آخر مقابلة في مهرجان وادان فقال إن الحالة الأمنية في البلاد جيدة جدا وذلك بفضل المقاربة الأمنية التي انتهجتها الحكومة الموريتانية خلال السنوات الأخيرة وتكللت بالنجاح...
أما عن فرنسا التي تختلق الأعذار فان طرد حارس السفير الشخصي من حفل رفع العلم في أطار عاصمة ولاية آدرار ربما فهمته فرنسا جيدا..
وبما أن العذر لم يعد له أساس يقف عليه وبعودة مبرمجة إلى الموضوع فان الوصف الذي تتحدث عنه وكالة ناسا هو قلب الريشات أو عين الصحراء الذي يوجد في آدرار موريتانيا وقد عرفها كيلى عبر موقع تمبلر بقوله:
تقع هذه الصورة في الحد الغربي للصحراء الكبرى في وسط موريتانيا..
وهو بالذات الوصف الدقيق لقلب الريشات الذي يبعد عن مدينة وادان الأثرية 25 كلم..
وهي عبارة عن شكل دائري يتكون من دوامة صخرية محفورة في الصحراء في عمق كبير جدا يبلغ قطرها حوالي 35كلم وتحيط بها هالة زرقاء اشبه ببؤبؤ عين زرقاء في وسط الصحراء أنظر الشكل:1 _2
لكن الاكتشاف الأول يرجع إلى الباحث الفرنسي تيدور مونو في ثلاثنيات القرن الماضي الذي كرس حياته للبحث في صحراء موريتانيا وهو أعرف بموريتانيا من الموريتانيين أنفسهم...
يعتبر حفرة الريشات أو قلب الريشات أو عين الصحراء لغزا لايزال محيرا للعلماء..
وترى إحدى الفرضيات أن شكل المرتفع الصخري الذي يمتد على مسافة 50كلم مربع يشبه فوهة بركان إلا أن عدم وجود فوهة أو منبسط داخل "الكلب" وخلوه من الضخور الحادة يدحض هذه الفرضية..
نظرية أخرى تقول بعوامل التعرية والنحت في تشكل منعرجات "الكلب " الدائرية هو الاحتمال الارجح ، لكن هذا لا يفسر الشكل الدائري الذي ما يزال لغزا محيرا حتى الآن...
هناك جدل علمي حول ماهيته فبعض العلماء يقول إنه حفرة ناتجة عن نيزك ضرب تلك المنطقة والبعض يقول إنه بركان خامد قديم..
والبحث الموجود إلى حد الآن الذي حصلنا عليه هو البحث الذي قام به غويلايوم ماتون من جامعة كبك -كندا لتحضيره لرسالته الدكتوراه فبعد اخذ أكثر من 100 عينة صخرية استنتج أنها قبة قد حصلت نتيجة صهارة عظيمة استقرت قبل 90 مليون سنة فرفعت الصخور التي فوقها من: كاربوناتايت ,كابرو و كيمبرلايت..
ولا تزال البحوث جارية في هذا المجال غير أن الاهتمام الأكبر بهذا الموقع الفريد من نوعه لم يعد بتلك الوتيرة أيام السياح وعلماء الغرب في العقود الماضية نتيجة للخوف من القاعدة ومافيا التهريب...
وتأسيسا على شهادة الدول الغربية السابق وحضور سفرائها وهيآتها ومنظماتها الدولية والاقليمية لمهرجان وادان فان هذا الخطر لم يعد موجودا..
لذا يجب على الدولة الموريتانية أن تلتفت على جناح السرعة إلى هذا المعلم الغريب من نوعه على وجه الأرض بشهادة الجامعات والمعاهد العلمية المختصة بما فيها وكالة ناسا الأمريكية..
وأن يكون محمية طبيعية لأهميتها العلمية. ولعل الأولية الآن تكمن في إنشاء طريق معبد والتواجد الأمني والمرافق العمومية الضرورية...
وهنا أرى شخصيا أن يأخذ رئيس الجمهورية زمام المبادرة وينشأ هيأة متعددة الاختصاصات تسهر على تنمية المواقع الجيولوجية والأثرية عموما وقلب الريشات خصوصا مما سيشكل نواة للسياحة الثقافية والعلمية في موريتانيا تنضاف لمهرجانات المدن القديمة..
لم تعد موريتانيا تلك الدولة الهامشية والتي لا تذكر في المحافل الدولية الا قليلا بل أصبحت موريتانيا تتصدر وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة عربيا وافريقيا ودوليا..
فابن الصحراء بطبيعته مبدعا إذا توفرت الظروف ولعل التنقيب عن الذهب بوسائل بسيطة وفر للدولة من العملات الصعبة مالم توفره الشركات الأجنبية العاملة في البلد منذ سنوات بل أحرجها حتى عادت لشروط الدولة الموريتانية (مكره أخاك لا بطل)..
وقد كتبت مقالا سابقا في هذا المجال تحت عنوان: ذهب موريتانيا عندما يخرج المارد من القممقم!! ويبدوا أنه جاء بنتيجة ايجابية والحمد لله برضوخ شركة تازيازت لشروط الدولة واستفادة المواطن والدولة من العملات الصعبة بعد الاتفاقيات المجحفة الملزمة..
واليوم أكتب من صحراء وادان تزامنا مع مهرجانه في نسخته الثانية عن ظاهرة "قلب الريشات"،وهي من الظواهر الأكثر غرابة على وجه الأرض، وقد صنفته وكالة الفضاء الأمريكية مؤخراً ضمن الظواهر الطبيعية العشر الأكثر غرابة في العالم،. لأنه أبرز معلم جيولوجي على العموم. كما أعلنت عن ذلك عدة جهات مختصة.
عسى أن أجد آذانا صاغية ترجع لهذا الموقع أهميته الذي كاد أن يصبح في خبر كان.
أعيد نشر هذا المقال بزيادة وشيء من (التصرف) بعدما تهيأت الظروف لذالك..