الثورة المكبوتة!! / محم ولد الطيب

أقف مشدودا بين تغريد العصافير ووَلولة الرياح أصغي إلى دواليب الفكر المقموع متموجا مع مسارات الزمن الموحش لا أجد ما أشد به عضد آلامي السيكولوجية المتأتية من وقع الآمال والحجات المجهضة التي طالما شوقنا بها الربيع المكلل بالأعاصير ضمن سراب الهاوية الذي يلمع ولا يرى إلا من وراء حجاب من الوعود الواهنة الخيوط . لقد حلقت عني الطيور إلى ما وراء الغيوم وبقيت أندب حظوظي وأستأنس بالحضيض وأنا محسود عليه.  فما ذا بوسعي أن أفعل والنسور تخاتلني والطعنات تهاجمني من كل ناحية، لكنني رغم ذلك لم أفكر يوما بالانتحار لأنني أدرك أنني سأموت حتف أنفي من جراء خنق الخبازين والجزارين أو حين أصير طعمة للأقلام الكاتبة التي لن يشفع لي جيبي في التخلص من وعثائها، أو أردى قتيلا بسيوف أولئك الذين يريدون قتلي لأنني أحترم قوانينهم على الرغم من سيوفهم الصارمة، لكنني أشهدكم أنني عفوت عنهم لأنهم لا يعلمون ما خبأت مكنونات هذا الجنان الصابر المحتسب على مضض الأيام وعسف الحظوظ، المستبشر بالنصر الذي لم يطأ بعد وفاز  الثورة المكبوتة التي لم تصادف بعد أعيان تحققها في هذا الوطن الشاسع. أنا لست طالب ثأر وإنما أنا طالب نصر  منشود، نصر للحرية على الضرورة، لأننا معشر المستنشقين "لعبير" الورود البيضاء المكناة بالطباشير نعيش منذ عشرات السنين وفق مبدأ الضرورات القاهرة في مقابل المخلوقات الحرة التصرف العابثة  بلا هوادة في مراعينا السائبة وحقولنا المخضرة حتي إذا ما أينعت سنابلها أودعتها بعيدا في الكهوف المظلمة، ونحن نعتام الفتاة لأن أرباب الكهوف المظلمة لا يتأففون عن الحتامة ولا يذرون الثمالة، أما أنا شخصيا فقد أخافني ذات يوم لمعان السيوف المشهرة لاقتلاع اللقيمات العالقة بين أشداقي الجافة، فلم أدافع يوما عن لبني المسكوب ولا عن لقمتي ولا كرامتي المنهوبة حتى توالت علي الضربات، لكن لم أعد أرضى بالذل والهوان، لقد انكسر القيد وانسكبت الكأس وما تبقى فيها من صبابة المجد التليد الذي جعلته زادي في معراج الحرية والكرامة المطوق بالأفاعي التي تنهش كل من تسول له نفسه الخروج عنوة من حظيرة اليأس الأبدي!!

3. أبريل 2019 - 20:03

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا