بعد اعتقال بيرام،لماذا يدافع الإسلاميون عن "حرية الكفر"؟ / محمد ولد شيخنا

 محمد ولد شيخناأصيب المجتمع الموريتاني بشتى فئاته وألوانه الإجتماعية والسياسية  بصدمة قوية وغير مسبوقة لما أقدم عليه بيرام ولد اعبيدي من استهتار بالدين والأخلاق بإحراقه لمتون من الفقه المالكي بما تحمله من الآيات القرآنية والأحاديث وأسماء الجلالة.

ما قام به الصابئ بيرام وأزلامه لم يكن ليحدث لولا تضافر عوامل هيأت له الأرضية وسهلت له طريقه نحو احتقار كل المواضعات والمعايير في تسويقه لفكرة محاربة العبودية،لعل أهمها: الجبن الرسمي الذي تحلت به الدولة تجاه ظاهرة لا يمكن تصنيفها في إطار حرية التعبير لما تحمله من تحريض مستمر لشريحة من المجتمع ضد بعضها البعض رغم أواصر ووشائج الأخوة التي تجمعهما، في بحث مستمر عن قشة تشعل فتيل صراع أهلي يراد له أن يشتعل من طرف قوى خارجية جندت هذا الرجل لتحقيق أطماعها في تفكيك الوحدة الوطنية ليس بين "الزنوج" و"البيظان"، كما حاولت في الماضي وفشلت، وإنما بين مكونات "البيظان" أنفسهم عبرتجييش فئة هي منهم وتنتمي لهم كما ينتمون لها أحب من أحب وكره من كره.

 

جبن الدولة هذا بين وجلي في كل شيئ أقله أن تجد حاكما أو عمدة يهدده بيرام أو أحد أزلامه أمام الناس ويتوعده بالويل والثبور دون أن يقوم بأي شيء يعيد به للدولة التي يجسدها بمنصبه، ولو قليلا من الهيبة، شعورا منه بذنب لم يرتكبه أصبح قناعة ووهما لدى الجميع عندما أقنعهم بيرام أنهم تجار نخاسة وهم منها بريئون براءة الذئب من دم يوسف.

..لقد ظل هذا الرجل يجول ويصول يهدد من يشاء ويبطش بمن يشاء بل تحول في لحظة عجز وجبن من الدولة إلى وصي على القانون يطبقه على من يشاء ويلاحق به من يشاء وتحولت معه المفوضيات والجهات الأمنية والقضائية إلى أدوات تنفيذ لتحقيق نزوات هذا البيرام الذي ولد حاقدا على المجتمع والدين.

..في كل يوم نسمع عن" أسرة تستخدم قاصرا" وأفرادا من مفوضية القصر يعتقلون فلانا أو علانا بتهمة لفقها بيرام حتى اعتقدنا أن "الحراطين" تحولوا كلهم  إلى قصر يستخدمون ظلما وعدوانا وأن "البيظان" تحولوا جميعهم إلى نخاسين،وأن القانون إذا لم يطبقه بيرام فلن يجد من يطبقه ضد فئة تستحق العقاب الشديد متوحشة وبغيضة إسمها"البيظان".

إن الفحش وتجاوز كل الخطوط الحمر الذي أقدم عليه المدعو بيرام تم بتشجيع إعلامي غير مسبوق وحماية سياسية مستمرة من طرف الإتجاه الإسلامي ممثلا في "تواصل" وهي مفارقة عجيبة أن يتبنى التيار الإسلامي الموصوف بالتدين شخصا كبيرام يستهتر بالدين ويحتقره.

ولمن يعتبرهذا الكلام تحاملا على تيار له حضوره  واعتباره وأصالته ، أن يقرأ البيان الخجول الذي أصدره هذا الحزب، فلكم هو مخزي ومحزن أن يبحث الإسلاميون في بيانهم عن تبرير لما قام به بيرام بدعوى أن نظرتهم "للفقه المالكيعموماً وللتراث الاسلامي والفقهي في هذا البلد هي نظرة تقدير واستصحاب مع أن كل كلام يؤخذ منه ويرد، وأن الملزِم هو الكتاب والسنة".،فأي موقف جبان أكثر من هذا؟ أليس هذا تقليلا من شأن الجريمة بحجة أن المحرقة لم تشمل القرآن والسنة؟ وهل يجهل الإسلاميون أن متون الفقه التي أحرقت تحمل في طياتها القرآن والحديث واسم الجلالة؟

هذا التبني والإستماتة دون المتطرف بيرام ليس جديدا ..ولمن لا يدري فإن منسقية أحزاب المعارضة عندما فكرت في تنظيم مسيرة الثاني عشر من مارس الماضي أجمعت على استبعاد بيرام وحركته من مسيرتها، بحجة أنه سيوشه الصورة الناصعة لمعارضة تريد لنفسها أن تكون معتدلة وعاقلة، وكان الحزب الوحيد الذي وقف أمام هذا الرأي هو "تواصل" ممثلا في رئيسه محمد جميل منصور الذي أرغم الرئيس الدوري للمعارضة با آلاسان على الذهاب إلى بيرام لمطالبته بالمشاركة فهل يكفي هذا للتدليل على تبني الإسلاميين لصابئ  يكره الدين و يسعى لخراب المجتمع جهارا نهارا إسمه بيرام؟

لم يكتف الإسلاميون ببيانهم الخجول أمس بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك ففي الوقت الذي أجمع فيه الجميع بمن فيهم المقربون من الصابئ بيرام على المطالبة بمعاقبته على جريمته وفي موقف بدا نشازا وغريبا داخل حقل الغضب الشعبي الذي فجرته محرقة الكتب الإسلامية بالرياض، طالع السيد سيد أحمد ولد بابا (رئيس تحرير موقع وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة المحسوبة على حزب تواصل الإسلامي) زوار صفحته على الفيسبوك بمقال أدان فيه بشدة اعتقال بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، داعيا إلى احترام "حرية الكفر"، تمشيا مع أحكام الإسلام وقيمه الحقيقية؛ حسب رأيه، وهذا نص مقال الصحفي سيد أحمد بابا الذي نشره اليوم على الفيسبوك:

 

"ان اعتقال شخص مهما كان لموقف أعرب عنه انحدار خطير وانتهاك سافر لحرية التعبير والكلمة وخروج عن منطق الإسلام الذى تتباكى عليه اليوم الأحزاب الموريتانية ..

إن الدين الإسلامى يحمى حرية الفكر والكفر "لا اكراه فى الدين" وإن تكفير الناس او تفسيقهم أمر خطير وعلماء البلد حذروا منه أكثر من مرة ..

غريب أمر السلط الظالمة تهين الإسلام واهله متى أرادت وتنتصر لنفسها تحت يافطة الإسلام متى رأت الوقت مناسبا !!

وغريب أمر أحزاب مسؤولة تحرض على مصادرة الآراء والتضييق على الناس ..

رحم الله سلف الأمة ما أعدله وما أصح فهمه للدين والرسالة .. لقد كان عبد الله ابن أبى يقول " لئن رجعنا إلى المدينةليخرجن الأعز منها الأذل" .. فيأتى الجواب صريحا من رب العالمين " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ". دون أن يعتقل أو يشرد من مدينة يدير رسول الله صلى الله عليه وسلم شؤون أهلها رغم فداحة الخطأ الذى يرتكبه المنافقون ..

عموما للتاريخ وللحقيقة وللحرية وانساجاما مع ما أري أدين واشجب اعتقال بيرام ولد اعبيدى وأدعو للإفراج عنه .. الحرية أمر لايتجزأ .." انتهى الإستشهاد.

..لا فرق إذن بين حرية الفكر وحرية الكفر في قانون التيار الإسلامي الذي،لولا بقية من حياء، لأعلن تبنيه لما يقوم به بيرام، أما لماذا فيقال، والله أعلم، أن من بين أعضاء حزبهم أشخاص مقربون من بيرام وحركة "افلام" وهو ما يفسر كل هذا التهافت على البحث عن رضى المتطرفين والغلاة مهما صنعوا حتى ولو تطلب ذلك الصبر على ضرب الطلاب التواصليين في الحرم الجامعي أو طرح أفكار غريبة ومتهافتة من قبيل "حرية الكفر" دفاعا عن صابئ أقل ما يقال عنه إنه خطر على الوطن والدين والسلم الإجتماعي.

27. مايو 2012 - 0:13

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا