انتخابات الرئاسة 2019: تقولات من أسواق العاصمة وتخوفات من أيام عاصفة / د.سيدي المختار الطالب هامه

من المعروف لدى الجميع أن الأسواق ووسائل النقل العمومي من أهم مصادر الأخبار في موريتانيا وأنها أيضا وسيلة نقل ونشر لكل خبر يصدر عن وسائل الإعلام ولكل مؤامرة تحاك داخل الصالونات أ و شائعات تنسج لأغراض معينة.

 

وفي هذا الإطار يتخوف كثيرون من المهتمين بالشأن العام والمتابعين أساسا للساحة السياسة من كون انتخابات الرئاسة 2019 اختلفت حتى الآن عن سابقاتها ومن أن مآلها قد يختلف هو الآخر عما ألفناه من هدوء كان المراقبون يرجعونه حينها إلى مسؤولية المرشحين الخاسرين من خلال قبولهم وتقبلهم للنتائج وإلى رفضهم للفوضى وأسبابها.

 

وبخصوص ما شاع حتى الآن وذاع حول الانتخابات ومصدره الأسواق فإن المرشحين لمنصب الرئيس هذا العام مثلوا حسب المناطق التي ينحدرون منها غرب موريتانيا ووسطها وشرقها كما مثلوا أهم الإيديولوجيات والتوجهات السياسية التي عرفتها البلاد قبل وبعد استقلالها وذلك ـ يقول أهل المرصه ـ إذا ما نظرنا إلى الماضي السياسي للمرشحين أنفسهم أو لتوجهات الأحزاب والكتل والأشخاص الذين يدعمون كل من الطامعين في كرسي الرئاسة هذا العام. وهذا لا يعني أن أهل الجنوب لم يمثلوا ولا أهل الشمال بل إننا نجد من بين المرشحين من يمثل الجهتين إما أثنيا أو نسبا أو توجها سياسيا إلى غير ذلك مما يشكل أنواع التمثيل المقصود هنا. وهذا سبب كاف لتوقع طغيان الطابع القبلي والأثيني والجهوي على انتخابات هذا العام وللخوف من التداعيات المحتملة لذلك.

 

والمتتبعون من أهل الأسواق لبرامج المرشحين وخطاباتهم الرسمية وخطابات أنصارهم في الحملة يخبروننا عن التشابه في العموميات لاسيما فيما يتعلق بالوحدة الوطنية وعن اختلاف أولويات المرشحين بحيث يجعلون المتلقي يدرك أن هناك زنوج موريتانيا والحراطين وإخوتهم من ذوي البشرة البيضاء. ونحمد الله ونشكره على أن ما يعاب من قول وفعل بهذا الخصوص قد طغت عليه الدعاية الرامية إلى حصر السباق الرئاسي بين دعاة الدولة المدنية عبر "مرشح التغيير المدني" ودعاة تواصل إسناد قيادة الدولة إلى  عسكري سابق سموه أنصاره "مرشح الإجماع الوطني". والغريب هنا أن من بين نخبتنا من يحاولون إقناع الشعب بما يلي:

  • الظروف الجيو سياسية تتطلب حاكما عسكريا واكب حراك الربيع العربي وما انجر عنه من ويلات وصلت إلى حدودنا الشرقية بالإضافة إلى تنامي فروع التنظيمات الإسلامية في المنطقة عموما ومحاولتها تقوية وجودها في دول المغرب العربي وبعض جيراننا الأفارقة في الجهات الأخرى؛
  • الجيش أصبح واقعا ككيان جامع لمكونات الشعب يطمح إلى أن يكون بديلا عن القومية والأثينية والقبيلة وأصبح كذلك حزبا سياسيا عقيدته حفظ التوازنات الكبرى الضامنة لتغليب المصلحة العامة للمواطنين دون تمييز ثم الاستقرار الدائم للدولة وأركانها؛
  • الجيل الجديد من العسكريين جمع بين العلم (المهنية العلمية) والمال وخبرة حمل السلاح وهي صفات ما اجتمعت في جيش إلا وامسك بكرسي الرئاسة عنوة و استمسك به بعد ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلا.  

 

ومن الأشياء أيضا التي ميزت استحقاقات 2019 حسب مصادر الأسواق الوضع غير المسبوق للأغلبية الحاكمة قبل اختيار مرشحها والظروف التي ما زالت تعيشها هذه الأغلبية على الرغم من تقدم المسار الانتخابي: انتهاء مدة إيداع ملفات الترشح ووجود مرشح باسم الأغلبية  حتى ولو كانت ثلة من المقربين منه تحاول إضفاء صفة المرشح المستقل علية تفاؤلا وكان خصومه يصفونه بامتداد حكم العسكر، عموما وعشرية رئيسنا الحاضر بقوة في المشهد محمد ولد عبد العزيز، خاصة.

 

والأغرب من هذا كله وجود موريتانيين ـ ونحن في اليوم الثاني من الانطلاقة الرسمية للحملة ـ مازالوا يشككون في مغادرة السيد الرئيس الحالي للسلطة ويخيلون لأنفسهم ولغيرهم أن هناك خطة سرية مبيتة ستبقيه في منصبه سواء تم تنظيم الانتخابات يوم 22 يونيو أو لم تنظم.

 

أما العجب العجاب في أجبار الأسواق فتشكله فرقة أخرى تشكك في صدق دعم الرئيس عزيز وقومه لمحمد ولد محمد احمد ولد الشيخ الغزواني الذي يعتبرونه مجرد مرشح مستقل تم دعمه من طرف أولئك الذين غابت عنهم قدرة عزيز على البقاء في السلطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة سواء كانوا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية "عهد جديد" وفي بعض أحزاب أغلبية عزيز السابقة. ومما لا يعقل بخصوص هذه النقطة بالذات أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومنظري المأمورية الثالثة يدعمون مرشح رجل أعمالنا الناجح داخليا وخارجيا محمد ولد بوعماتو ويدعمون رأيهم بالمسلمة القائلة بأن الانتماء الحقيقي لـ"الدولة العميقة" أولا وأخيرا؛ إنه رأي مستساغ إذا ما تمعنا في التناقضات الجمة التي طبعت تحالفات الفرقاء أحزابا ومجموعات وأفرادا.

 

ونقل أخيرا عن الأسواق أن الدعم الخارجي للمرشحين جاء أولا طبقا للتاريخ الوظيفي والسياسي إما للمرشح وإما للأحزاب والشخصيات الداعمة كما جاء ثانيا ليعكس المصالح الإستراتيجية لكل دولة داعمة أو على ضوء الحراك العالمي والتكتلات الإقليمية لتي تفرضها إعادة تشكل المنطقة الساخنة من الوطن العربي ومحيطها والانعكاسات المحتملة لكل ذلك على دول المغرب العربي ومنطقة الساحل دون غيرهم. وهنا تتقول الأسواق بعض الأقاويل التي مفادها وجود تنافس بين محور قطر ـ تركيا ـ المغرب ومحور السعودية ـ والإمارات المتحدة ـ مصر على موريتانيا عبر دعم مرشحين اثنين مختلفين.

 

 إنها أنباء ولو كانت كاذبة ومجرد إحدى إفرازات الحملات الانتخابية فستخلف أثرها السلبي علينا جميعا لاسيما إذا ما أضيف لها الموقع الجو استراتيجي للبلد وخيراته الوافرة وعلاقاته التاريخية مع جيرانه وتنوع مكوناته الاجتماعية وتفاوت ظروف سكانه وطول انتظار حكامة رشيدة بمفهوميها النظري العلمي أولا والعملي الفعلي ثانيا، حكامة تشيع مفهوم المواطنة وتضمن لكل ذي حق حقه، إنها عوامل لعدم الاستقرار يقول المتفائلون أما المتشائمون فيعتبرونها بذورا لفتنة لا تنقصها سوى  شرارة .

 

ونختم تقولات من أسواق العاصمة وتخوفات من أيام عاصفة توجيه نداء لمراكزنا الوطنية للدراسات الإستراتيجية المتخصصة في المجال والمعروفة بتعدد مشارب أصحابها  وولاءاتهم  هو " ساهموا في تحليل وضعية بلادكم وإظهار الحق ومحاربة الباطل حتى يكون الشعب على بينة مما يجري في فترة الانتخابات وغيرها".

 

وأخيرا نذكر بأن الأمل الحقيقي في الرد الشافي على هذه الأنباء وعلى ما سبق من تقولات صادرة عن الأسواق وإن كانت صدى لما يقال ويشاع هنا وهناك يبقى في استحضار الآية الكريمة " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". صدق الله العظيم

10. يونيو 2019 - 13:52

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا