رسالة مفتوحة عاجلة إلى رئيس الجمهورية / المختار زيدان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي الرئيس ،

أود أولا أن أنتهز هذه الفرصة لاستسماحكم ولتسجيل تقديري وشكري لكم عرفانا بخطوتكم الديمقراطية غير المسبوقة في بلادنا في مغادرتكم السلطة واحترامكم للدستور الذي أسستموه.

وأخبركم أنني من بين شباب ناضل ضد قراراتكم في الشوارع والصحف في حق وباطل، أما الباطل فنعتذر منه أولا عنه ، وكان ناتجا عن تغرير بكثير منا عبر بروباغاندا- معلومات دعائية مغلوطة وشعارات عاطفية جوفاء- هدفها الأساسي الدخول بين الشباب ورئيسهم – عنادا وبغيا- لإرباكه كي لا ينفذ برنامجه.

وأما بخصوص مانراه حقا فنتفهم اختلاف الرأي فيه لأن ليس كل مانراه حقا كان الرئيس وفريقه يرونه حقا، بل كان لهم زاويتهم التي يرون منها الأمور، لم نفهمها ولكن لانملك اليوم إلا أن نحترمها بعدما تبين أن رئيسنا أكثر وطنية بكثير مما كان يخيل إلينا.

وأود هنا أن أسجل عرفاننا - كشباب - بما تحقق في عهدكم من مصالح الشباب مثل الاكتتابات الإدارية والمهنية الكبيرة والمناصب العليا التي وصلوا إليها في عهدكم، هذه الاكتتابات لم تستوعب كم العاطلين المتراكم ولكنها خففت منه، وضخت دماء جديدة حسنت من أداء الإدارة، وأسهمت في خلق طبقة شبابية مستقلة ذات كفاءة، دخلت الإدارة بِلَا مَنٍّ من حزب سياسي وَلَا أَذَى من أُطُرٍ تقليدية، محاولتكم فرض الشباب كتيار سياسي واع بحقوقه ، وإنشاؤكم مجلسا أعلى له يخطط لاستراتيجياته، كلها خطوات لن ينساها الشباب لكم، لأنكم أعدتم له الثقة في نفسه ، وفرضتموه فاعلا في اتخاذ القرار.

ولكن أخبركم بكل أسف أن غول الفساد مازال قابعا في الروح الإدارية القديمة القوية.

خير مثال ما يعانيه الشباب المستهدف بالاكتتاب الحالي أمام المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء أثناء طرح الملفات من زحام وهدر للوقت ، ومشقة بالغة وصلت حد حصول حالات إغماء وإعياء بين الشباب، بينما بات البعض يفترش الأرض ليصل فقط إلى الشباك لطرح ملفه.

سيدي الرئيس أذكر أنه فور تحرككم لإزاحة نظام الرئيس المعاوية الذي بلغت الإدارة في عهده حضيض الفساد، كانت تلك الأيام تشهد تزاحما محموما على مكاتب إدارة الأمن لاستصدار جوازات السفر للطلاب الشباب وكنت من بينهم.

وصدف أن مررتم -أو رفيقكم مدير الأمن حينها، ومرشح الإجماع حاليا- فأصدرتم قرارا ثوريا قضى بإنزال المسؤولين من مكاتبهم الباردة حتى عانو الحر معنا وأمرهم بعدم الانصراف يوميا مادام هناك شاب لم يسلم ملفه بعد، وتبخر عذر الإدارة بندرة شكليات الجوازات وطول مساطر تسجيلها فجأة كما يذوب الملح، لامس برد تلك الخطوة قلوب الشباب وضجت حناجرهم بالدعاء لكم وبشكر العسكر والثناء عليهم أنهم هم من يستطيعون تقويم اعوجاج الإدارة.

فكانت فاتحة خير على الشباب نذكركم بها ونحن نرجوكم أن تتحركوا شخصيا – على عجل- لإنقاذ كرامة الشباب المهدورة إذ هؤلاء الشباب هم قضاة الغد وولاته وحكامه ولا ينبغي أن تتم معاملتهم هكذا.

وأنا أدرك أن هذا ناتج عن سوء تقدير إداري وضعف تخطيط وغياب رؤية.

لأن مثل هذه الحالة يمكن حلها تقنيا لو توفرت الإرادة والتخطيط في الوقت المناسب، والاطلاع العلمي على الأساليب المشهورة المتاحة لتسيير طوابير الانتظار.

لو أخذنا مقاربة رياضية لحله لوجدنا أنها تقريبا لا تحتاج لجهد بحثي عميق بل إن la recherche opérationnelle  قد حلت  المشكلة منذ أمد ولكننها نعيد اختراع العجلة، حلولها متوفرة تحت اسم   Markovien modèle  وغيرها من موديلات تعيننا على اقتراح عدد الشبابيك التي ينبغي فتحها لاستيعاب العدد الهائل من المترشحين بحيث تكون مدة الانتظار مقبولة . حل مضاعفة شبابيك الاستقبال هو حل عملي عاجل نظرا لضغط الوقت، لكن حلولا أخرى كانت ستكون أكثر عمقا ومناسبة لعصرنا، كإنشاء منصة ألكترونية يتم عن طريقها دفع الملفات ومن ثم تقييمها ونشر لوائح المقبولين، بلا تكلفة تقريبا.

وإني أزعم بكل حزن أن مدرسة للإدارة يقع طاقمها في هذا النوع من الأغلاط المكررة سخلة التوقع ، لجدير بها أن تتعلم هي نفسها الإدارة.

وكما يقال 'ساداب القارح ذارح' ، بمعنى آخر ينبغي تصحيح مسار المدرسة بضخ دماء جديدة في فريقها، من جيل الشباب الذي كونتموه ووصل في عهدكم إلى أعلى المناصب.

لا ينبغي أن يمر هذا النوع من التخبط الإداري والاستهتار دون محاسبة منكم شخصيا لأن ضمائر الشباب الذي رعيتموه - فور وصولكم للسلطة - وزرعتم فيه الخير قد أتى عليه جراد الفساد ليلتهم كل ما أنبتته ضمائره من ود لنظامكم.

ستكون هذه الخطوة – إن قمتم بها مشكورين- خير شمس ساطعة أمام في عيون من يشككون عمى وحسدا في انحيازكم الدائم لجانب الشباب، وستكون خير دعم لرفيق دربكم مرشح الإجماع مؤكدين استمرار نهجكم في الانحياز الدائم للشباب.

شكرا سيدي الرئيس.

وتفضلوا سيدي الرئيس ، بقبول فائق الاحترام والتقدير من جانبي.

 

 

18. يونيو 2019 - 0:27

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا