قناة شنقيط والسؤال الكبير/محمد المختار ولد محمدفال

محمد المختار ولد محمدفاليشكل انطلاق البث الحي لقناة شنقيط الفضائية صباح اليوم الثلاثاء  دلالة عميقة ودرسا بليغا  لن يستفيد منه ألئك الذين تربوا علي حب تكميم الأفواه وكرسوا نزواتهم المريضة، حتي أصبحت واقعا معاشا، جعل من الحرية  شرا لا مفر من الإجهاز عليه  وحول تكميم الأفواه إلي مطلب مشروع لإدارة شعب " قاصر"، هو شعبنا.

واقع عكسته  " عملية الفرز" التي قامت بها "هبا" مكرسة بذلك وصاية علي عقول وقلوب الموريتانيين، الشيء الذي حول هذه " العملية" إلي "مسخرة" أظهرت للعالم أننا بلد خارج سياق التاريخ ولا يحكمه أي منطق، عند ما يتوهم قدرته علي حبس طيور داخل حظيرة  بلا سقف، فكانت انطلاقة قناة شنقيط  أكبر لطمه علي وجه سياسات التحكم المطلق هذه وعلي منطق الوصاية الأبدية، التي خضع لها شعبنا، عندما  حرم لعقود عديدة من المزايا التي يمنحها الإعلام الموضوعي، الذي يحترم ذوق المواطن ولا يستخف بعقله ووعيه، الشيء الذي لم تساهم فيه قطعا وسائل إعلامنا " الرسمية"- التي ظلت  تقتات علي الضرائب التي يدفعها هذا المواطن المسكين- بفعل انحيازها المطلق للحكام- مهما بلغوا من السوء والقصور- وتنكرها الدائم لرغبات ومصالح ومطالب المواطنين.

قبل أسابيع بدأ البث الإذاعي غير المقيد بمسطرة "إذاعة موريتانيا"  واليوم تطل علينا " قناة شنقيط الفضائية" من خارج الحدود، مرغمة علي مكابدة عناء الغربة، لأن " عزيز موريتانيا" أراد أن يكتم أنفاسها، فاضطرها للهجرة القسرية من " سوق لكبيد" إلي أرض الله الواسعة ، حتي تتمكن من تقديم صورة مخزية لحجم القمامة في نواكشوط: " عاصمة بلادنا"  ومن كشف ملفات عديدة ظلت حبيسة في الدهاليز المظلمة، حيث الفظائع التي تطفوا آثارها علي السطح، أما ما خفي فهو أعظم وأشد إيلاما للضمائر والنفوس ولتتمكن هذه القناة أيضا من تقديم جوانب، قد تساهم في الإجابة علي سؤال كبير دشنت به بثها ، هو: "  ما هي الحصيلة بعد خمسين سنة من الإستقلال؟" ، سؤال تسلتزم الإجابة عليه كشف المستور وتحديد المسؤوليات، لنعرف  من نهب الثروات ومن كان سببا في إفقار شعب تجمع جميع الدوائر علي أن بلده غني، لكنه يواجه داء عضالا، هو: الفساد، الذي لن يجد دواءه عند أولئك الذين كدسوا الثروات جراء نفوذهم ولا الآخرين الذين حصنوا مواقعهم بفضل ما جمعوا من مال ليس للسائل والمحروم فيه من نصيب.

إنها معادلة تضع المهنية في مواجهة قوي التكميم والتعتيم  والصدق في مواجهة التضليل والضمير المهني في تضاد مع طفيليي موائد المنتفعين وقد تتحول- بفعل غباء قوي التكميم في بلادنا - إلي صحافة الخارج في تناقض مكشوف مع صحافة الداخل وعندها قد نصبح أمام مقولة: " رب ضارة نافعة ".

وأمام هذا المولود - الذي يفرض عليه واقعنا أن ينتقل من الولادة إلي النضج الكامل- مسؤوليات كبيرة  وأحمال تنوء بها العصبة أولو القوة وتحديات تستوجب التسلح بالصدق والموضوعية،  لأن البلد ظل متوقفا دون حراك لعقود عديدة وبالتالي فتحريك مياهه الراكدة والآسنة يفترض إبداعا من نوع خاص وفطنة متقدة ولأننا أيضا نعيش اليوم مرحلة لا وسطية فيها بين الإندثار المطلق- لاقدر الله- أو الخروج الآمن من ورطة  وضعنا فيها رجال لازالوا يعيشون بين ظهرانينا ويعملون بجد علي أن يحمدوا بما لم يفعلوا وينتظرون منا أن نبقي مجرد شعب يجيد التصفيق والنهيق يسبح بحمد الحكام ، ويكتفي من وطنه بالفتات، يحاذر المجاهرة بالمواقف ضمانا للسلامة ويتكئ علي التبرير لتفسير المعضلات التي ظلت تؤرقه.

نتمني لهذا المولود الجديد أن يشكل إضافة نوعية ومساهمة فعالة في بناء صحافة تخدم الوطن ولا تدمره، ترسخ هويته وتصون وحدته وتكون أكبر كاشف لأمراضه ومآسيه، التي ظلت طيلة عقود من الزمن حبيسة لهمسات نخبة خانعة ولجبروت حكام اختزلوا الوطن في شهواتهم وأرادوه غنيمة لهم ولذيهم.............إنها مهمتكم أيها الزملاء في قناة شنقيط، فلتكونوا بحجم المسؤولية والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

15. يناير 2012 - 9:32

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا