للإصلاح كلمة تناقش الاستقلال في نوفمبر في الدنيا و الاخرة / محمدو بن البار

كلمة الاصلاح شاهدت في هذه الأيام_ غالب الشعب الموريتاني مهتما بقرب شهر نوفمبر الذي هو عادة شهر استقلال موريتانيا عن فرنسا و ادارتها لنفسها بنفسها و بما أننا و الله الحمد شعب مسلم كله فقد لفت نظري أن نتساءل ما معنى هذا الاستقلال و أين الشعب الذي أخذ الاستقلال سنة 1960 و ما مصيره و هل هوالان كله يفرح و يمرح بهذا الاستقلال.

و بما أني أيام الاستقلال ينقص عمري آنذاك قليلا عن عشرين سنة فقد كنت مدركا لبعض ذات الاشخاص آنذاك و الناس تحتفل بقدومهم ذهابا و إيابا في كل مكان من الوطن كما أن الأناشيد الحماسية و ترداد النغمات العذبة على الأمواج الهوائية تملأ المساحات الموريتانية و تنتقل من ولاية إلى ولاية كل هذه الإرهاصات جعلتني أعود بذاكرتي كلها إلى القضية الحقيقية الثابتة لكل امور هذه الدنيا التي نعيش فيها و الذي نتيقن بسبب إيماننا أنها تسيرها قوة صامتة لم تعط الاستقلال لأي أحد بل هي ما سكه بهذا الكون كله و ما فيه من خطوط على العرض والطول متسقة و مستقيمة حيث اتجه بها  مسير أفلاكها و مجراتها و ما فيها من مظاهر ظاهرة للأعيان ترى بالعين المجردة و بالا له المستعملة و هي ثابتة على حالها لا تتغير ابدا

هذا في العالم العلوي ، أما في العالم السفلي الذي مركزه الإنسان وهذا الإنسان خلق لتنظيمه في عالمه السفلي جميع المخلوقات في العالم العلوي يقول تعالى {هو الذي سخر لكم ما في السماوات و ما في الارض  جميعا منه}  فإذا و قفنا على حقيقة هذا التفضيل نجد أن نتيجته النهائية لابد أن يسبقها شيئيين متلازمين هما :

أولا: الوجود في الدنيا وهو إجباري فلا يستطيع أي أحد خلقه الله أن يمتنع من الايجاد و في نفس الوقت لابد أن يستمر في هذا الايجاد بالقوة إلا إذا مات من غير ارادته { ومنكم من يتوفى من قبل}.

أما الحتمية الثانية الاجبارية فهي الموت فلابد بعد هذه الحياة أن يموت لأنه بعد هذه الميتة المباشرة يضل إلى مصيره النهائي الذي يمكن لمن حضرته الوفاة وهو متنصل لكل ما طلب منه في هذه المعجزة العظمى التي جعلها الله دستورا عاما ثابتا لهذه البشرية لا يعدل ولا يغير ولا تحذف أي مادة  منه ولا تهمل عن العمل بها .

وفي هذه الحالة يحصل إما الاستقلال الكامل المحتفل به إلى ما لا نهاية و كلمة ما لا نهاية هذه يستطيع أن يذهب معها فكرك فسيكل فكرك وهي لا تنتهي لأن الله لم يخلق أي نهاية لهذا الاستقلال و الاحتفال المتجدد و كل ساعة  يخاطبهم الله أنذاك بقوله {يا عبادي لا خوف عليكم اليوم و لا انتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا و كانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون } إلى أخر الاية و إلى أخر ما لا نهاية .

و أما من لم ينظر إلى دستور الله الذي خلق له مع هذه الحياة منظما لها إلى نهايتها المقصودة فسيمكثون في ذل الاستعمار الاجباري إلى ما لا نهاية و ما لا نهاية مثل الأولى كما و كيفا في  لا نهاية الاخرى.

و بناء على هذه الحقائق فسنستنطق نوفمبر موريتانيا هذا العام لنقول لا شك أن من أتيته بالاستقلال سنة 1960 و إلى الآن أكثر تحت الأرض منه ممن فوقها فهل تعلم أن ما تحت الأرض من أي فئة سيحتفل معنا نحن الاحياء بوجوده في فناء الجنان يتنعم بأريجها و أرواحه في أعلى نعمة من الارتياح لما ينتظره من عاقبة ما بعد الاستقلال أم أن كثيرا من من أتيته بالاستقلال انحرف عن الاستقلال الحقيقي الأبدي و بذلك الانحراف هم الان جميعا في أيام نوفمبر هذه يوجدون {مقرنين في الاصفاد سرابيلهم من قطران و تغشي وجوههم النار} وهم كل يوم في انتظار السكن الابدي وهم مع ذلك مصلوبون في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا في نار جهنم لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون إلى ما لانهاية

ومن هنا سوف نأخذ مثالا في قضية الاستقلال الكامل للمسلم : فموريتانيا بعد استقلالها ترأسها ثمانية رؤساء أربعة منهم الآن أمام ربهم و قد علموا مالهم عنده و أربعة ما زالوا أحياء و قد انهو المعاملة فيما بينهم و بين زمن مسؤوليتهم و سجل عليهم كل أعمالهم فيها و كل الموريتانيون يعرفون أن الله خاطب المسئولين بقوله {الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة و أتوا الزكاة و امروا بالمعروف و نهوا عن المنكر} ولا شك أن التمكين في الأرض معناه الحرية في التصرف ومن ذلك الاوامر التي تخاطبهم في شأن الحكم بحدود الله { و السارق و السارقة فقطعوا ايديهما _ الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما} {و لكم قي القصاص حياة بأولي اللباب}.

و مع هؤلاء كثير من القضاة أمرهم الله في قوله تعالى { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و القربين}.

و مع هؤلاء أيضا  كثير من مديري البنوك و العاملين فيها بربا و قد نهو عن ما نهو عنه 

و مع كثير من هؤلاء كثير من السياسيين صفقوا و نافقوا و ذهبوا يمينا و شمالا على غير هدى فجميع هؤلاء و معهم كثير من أتباعهم من الرجال و النساء ومن جميع الشرائح الان في هذا نوفمبر أمام الله يحاسبهم حسابا ميزانه يقول فيه تعالى {والوزن يومئذ الحق} .

فعلينا نحن الذين جاءنا نوفمبر و مازلنا أحياء و على رأسنا الرئيس التاسع لموريتانيا وقد حمله الله فيه من أوامره ما حمله لرؤساء المسلمين أن يشفق على جميع شعبنا فوق الارض قبل أن يكون تحتها بعد الاستقلال في شهر نوفمبر.

فإذا كان هؤلاء الرؤساء الذين هم مع الله الان تجاوزوا أسئلة الحكم بما أنزل الله كما جاء في القرآن و و انصفوا للمظلوم من الظالم في الدنيا وهم الأن جالسين على كراسي الجنة ينتظرون أخر تكريم في قوله تعالى {و سيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا} إلى قوله تعالى {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} فهنيئا لهم,أما إذا كانوا في الضفة الاخرى أعذانا الله منها وهي قوله تعالى { ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا و أن الله شديد العذاب} نتيجة عدم حكمهم على الشعب بغير ما أنزل الله فماذا يغني الاحتفال بنوفمبر أو ديسمبر إلى أخره و ماذا ينتظر هؤلاء الرؤساء الاحياء إن كان المصير فحوى قوله تعالى { ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم أيأتي و ينذرونكم لقاء يومكم هذا} .

ولا شك أن أهل الدنيا سواء الرؤساء الاحياء و السياسيون و المصفقون لبعدهم من هذا التفكير النهائي المحتوم يكون الاستقلال حدثا كبيرا عندهم و لكن ليعلم الجميع أن الانسانية مؤمنة أو كافره مسيرة إلى السير النهائي الذي لم يخلق الله له نهاية في دار القرار كما قال تعالى {و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب و إن الدار الاخرة لهي الحيوان (أي الحياة النهائية)  لو كانوا يعلمون}.

{و قل الحق من ربكم فمن شاء فل يؤمن و من شاء فليكفر}

10. نوفمبر 2019 - 15:45

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا