منظومتنا التربوية : وتحديات تجربة التعلم عن بعد / السيد ولد صمب انجاي

يعتبر التعلم عن بعد أحد طرق التعليم الحديث نسبيا ؛ وهو يعتمد فى الأساس على وجود المتعلم في حيز مكاني يختلف عن المصدر الذي قد يكون معلما أو كتابا أو حتى مجموعة الدارسين ؛ ويهتم بنقل برنامج دراسي تعليمي من مكان ما ؛ وفى حرم مؤسسة تعليمية ما ؛ إلى أماكن مختلفة جغرافيا بهدف جذب طلاب لا يستطيعون تحت مجموعة من الظروف الاستثنائية أو العادية الإستمرار فى مواصلة التعلم ؛ وهذا النوع من التعلم ليس عسيرا ولا يحتاج لعصا سحرية ؛ لأنه طبق فى أرقى الجامعات الأمريكية وكذا البلدان العربية مثل لبنان وسوريا  وتركيا والكويت والجزائر  ... إلخ ؛ ونحن لسنا أقل شأنا؛ خاصة في ظل الإنتشار المذهل للتكنولوجيا ونمتلك قدرات وكفاءات عالية فى مجال التكنولوجيا ؛ فهي ليست حكرا على بلد دون آخر ؛ ومخطئ  وواهم من يظن أننا لسنا قادرين على الاستفادة من تلك التقنيات ؛ بل وحتى تطويع التكنولوجيا بغية الاستفادة منها يقول ديكارت : ( إن هدف الفلسفة هو أن تجعل من الإنسان سيدا ومسيطرا على الطبيعة )  " الفلسفة هنا تعنى المعرفة باعتبار الفيلسوف آنذاك هو الجامع لكل المعارف أو علوم عصره  " ؛  فالإنسانية اليوم لم تعد تخضع للنواميس والقوانين الطبيعية ؛ وإنما أضحى الإنسان بفضل المعرفة وحتى الاستفادة من عصر التقنية أن يطوع التقنية وحتى الطبيعة للاستفادة من مخزونها الطاقوي .

فلا غرو وليس مستغربا اليوم الاستفادة من التقنيات ؛ خاصة إذا كان ذلك يتعلق بالتعلم عن بعد ؛ ففى ظل التقنيات أصبح كل شيء مشاعا ومتاحا للجميع ؛ فالتعلم عن بعد أو عن طريق منصات رقمية الكترونية ؛ نجح في العديد من الدول ؛ فمن أهدافه ونتائجه المرجوة سد النقص الحاصل فى البرامج الدراسية ؛ والإسهام فى رفع المستوى الثقافي والعلمي والاجتماعي لدى الطلبة ؛ وأيضا يساهم فى سد النقص فى الكادر البشري الذي يمارس عملية  التدريس ويعمل على توفير مصادر تعليمية متنوعة ومتعددة ؛ كما يحمي الطالب أو التلميذ من التعرض لأساليب التلقين والحفظ الأعمى الذي يقتل روح الابداع والمواهب والمهارات لدى الطلاب والتلاميذ؛ وهو ما يساعد أيضا في  تقليل الفروق الفردية بين المتعلمين ؛ وذلك من خلال دعم المؤسسات التعليمية بوسائط وتقنيات تعليم متنوعة وتفاعلية ؛ ففكرة التعلم الرقمي أو الالكتروني فكرة قديمة / جديدة حيث نجد فى الجامعات والمدارس الأمريكية ما يبرر توجهنا ؛ حيث كانت بعض الجامعات  فى أواخر السبعينات  تقوم بإرسال مواد تعليمية  مختلفة من خلال البريد الالكتروني للطالب وكانت هذه المواد تشمل الكتب وشرائط التسجيل والفيديو؛ وكان الطالب بدوره يقوم بإرسال مقرراته الدراسية بإستخدام نفس التقنية ؛ ثم تطور الأمر فى الثمانينات ليتم ذلك من خلال قنوات الكابل والقنوات التلفزية إلى أن ظهرت الإنترنت  فى القرن الماضي كوسيلة إتصال بديلة وسريعة  .

أما فى أواخر التسعينات وأوائل القرن الحالي ؛ فظهرت المواقع التى تقوم بتقديم خدمة متكاملة للتعليم عن طريق ( الويب ) ؛ إضافة إلى امكانيات التواصل والتشارك مع زملاء الدراسة ؛ وهكذا  تتالى ظهور الفصول التفاعلية التى تسمح للمعلم أو المحاضر  بإلقاء دروسه مباشرة على عشرات الطلاب وفى جميع أصقاع المعمورة دون التقيد بالمكان ؛ فليس ثمة مستحيل فى ظل الإنتشار المذهل للتكنولوجيا ؛ فهي قربت المسافات واختصرتها بين المتعلم والمعلم  ؛  وكسرت الحواجز بين الدول ؛ ومع هذا التقدم التكنولوجي الاتصالاتي الالكتروني ؛ يتحول التعليم عن بعد إلى تعليم بإستخدام الحاسوب والإنترنت والوسائط المتعددة لتحقيق أقصى قدر من الفاعلية التواصلية ؛ و لتحقيق  أيضا الاكتفاء الذاتى فى مجال المعرفة وهو ما تشكله الثورة فى مجال تكنولوجيا المعلومات ؛ فنحن قد نتقاسم مع البعض أن هناك معوقات _  فى كل عمل بشري _  تكتنف التعليم عن بعد ؛ وهي مسائل موضوعية لمن يروم النجاح لهذه التجربة الوليدة فى بلادنا ؛ ونذكر على سبيل المثال من هذه المعوقات صعوبة توفير البنية التكنولوجية التحتية من معدات وأجهزة وخطوط إتصالات للتلاميذ تسمح بالإتصال والتواصل مع الآخر ؛ ويضاف إلى ذلك نظرة المجتمع السلبية لهذه الطريقة فى التعليم ما يؤدي إلى عدم تقبل أو حتى تفهم البعض لها ؛وبالتالي يقولون باستحالة تطبيقها وأخيرا قد يكون الافتقار للكادر البشري المؤهل عاملا هو الاخر ؛ وحائلا دون بلورة أو نجاح تلك التجربة إلا أننا لن نستسلم لذلك آملين من المولى عز وجل أن يحقق لنا سعينا وحلمنا يقول جل من قائل  : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) فنحن نتوكل على ربنا آخذين بأسباب التقدم التكنولوجي ما ينفعنا ويطور من منظومتنا التربوية  ؛   وما يمكن خولصته فى نهاية المطاف أن من أهم نتائج التعلم عن بعد مايلي :  _ 

 

* يمكن من التحكم فى المعلومة فى صورة رقمية .

* يسمح  بتخزين المعلومات على وسائط رقمية .

* يسمح بإعادة استخدامها لأي غرض كوثائق الكترونية قابلة للقراءة على شكل أقراص واسطوانات .

* يحفز العملية التربوية ويقويها ؛ كما يحمي التلميذ من شحن فكره عن طريق التلقين والحفظ وقتل مهاراته وإبداعاته. 

 

 

 

24. مارس 2020 - 9:15

آخر الأخبار

تغطيات مصورة

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا